::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> أقلام نسائية

 

 

من قلب المحراب ... دعوة للعيش في ظلال : أرحنا بها يا بلال

بقلم : ريما محمد أنيس الحكيم  

 

تختلف نظرياتنا في الحياة عن نظريات الآخرين ، و حين نقع في حيز التطبيق العملي نبدأ بالتفكير ، هل نحن على حق ؟ هل  نستطيع أن نطبق كل ما نحلم بتحقيقه ؟ هل نسير في الدرب الصحيح لتحقيق الهدف المرجو ؟ أم أننا لن ننجح في التحليق مع الطيور التي نتخيلها كلما بدأنا بالتخطيط ؟؟

كثيراً ما تنتابنا أفكار عن كيفية تحقيق الهدف الأول لنا نحن طلاب العلم الشرعي : أن نصبح دعاة لله ، وأن تصبح أعمالنا كلها لوجه الله، و هذا ما نرجوه من كل قلوبنا، ولكن:هل نسير فعلاً في الطريق الموصل؟

من خلال رحلتي في هذا الطريق ، هذه الرحلة التي ما زالت في بدايتها ، و بما أنني ما زلت على أبواب الدعوة إلى الله، أتساءل دوماً : هل كل عملي لوجه الله ؟ أدعو الله دوماً أن يرزقني الإخلاص و أن يجعل عملي كله متقبلاً عنده ، وأسأله أن تكون نيتي دوماً لوجهه الكريم ، و لكن: تأتي المعوقات حولي، تلك التي تمنعني أحياناً من تذكر أهم الأشياء في حياتي ، أقف لكي أصلي ، و أنوي أن ألتزم بالخشوع في الصلاة علَّها تصعد إلى الله فيقبلها و لا يردها في وجهي وتكون مجرد أداء ، فيأتي العدو الأكبر للبشرية ( الشيطان ) ويبدأ بالوسوسة لي لعله ينجح في محاولة إبعادي عن الصلاة ، ويحاول تحديثي بكل ما يطرق تفكيري ، فإن لم ينجح في ذلك يستخدم آخر أسلحته الثقيلة ، فيذكرني بمكان شيءٍ كنت قد أضعته، أو بشيءٍ كنت قد نسيته ، فتبدأ نفسي بالاستجابة له ، و تحاول أن تنتهي من الصلاة بسرعة لتذهب و تأخذ ما كانت تبحث عنه، و أدخل دائرة ( أرحني منها ) أي من الصلاة ، و هذا حال معظم الناس في أيامنا إلا من رحم ربي ..

هذه الحالة ، و دخول هذه الدائرة ، من أهم الأسباب التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه من تخلف و ضياع، بعدنا عن دائرة ( أرحنا بها ) تلك الدائرة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكل مركزها .

 كيف استطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول لسيدنا بلال : (( أرحنا بها يا بلال )) ، و كيف ابتعدنا نحن عنها؟؟؟

إن أول عملٍ يجب أن نفعله في درب تحولنا إلى دعاة حقيقيين كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أن نوازن بين المحراب ، و بين الخروج إلى العمل .. و دعوتي إلى أن ندخل دائرة ( أرحنا بها ) لا تعني أبداً أن نتحول إلى عابدين دائمي المكث في المحراب ، بل على العكس ، علينا أن نجعل المحراب منطلقنا لأن طريقنا ليس مثل طرق الآخرين الذين يحاولون كسب الناس إلى صفوفهم عبر الإغراءات المادية و المعنوية ، بالطبع لا ، فنحن لا نملك إلا علومنا الشرعية وإيماننا الذي ينضح من قلوبنا الملذوعة خوفاً على أبناء الأمة أن يضلوا، فنتحلى بالإيمان الصحيح الذي يخرج و يتشكل على وجوهنا و جوارحنا ، فتنتقل عدواه إلى أبناء الأمة الذين نحاول دعوتهم ، لأنه كما قال أبو عثمان الحيري : (( فعلٌ من حكيمٍ في ألف رجل ، أنفع من موعظة ألف رجل في رجل )) . و يكون هذا مدخلنا لإقناع الناس بأفكارنا التي ستؤدي إلى صلاحهم وعدم انحرافهم حتى لا يكون مصيرهم الهلاك في الآخرة ، معاذ الله . و لكن كيف ستكون الطريقة لفعل ذلك ؟

إن الطريقة الأفضل موجودة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم عبر اتباع سنته الطاهرة ، و السير على هداه في كل ما نفعل ، والأمثلة على فعل ذلك كثيرة ، و لا مجال الآن لذكرها كلها ، و لكن الذي أتحدث عنه الآن هو: أن ندخل دائرة : (أرحنا بها ) و نخرج من ( أرحنا منها ) و شتان ما بين هذين الحرفين ( منها و بها ) ، ورسول الله  صلى الله عليه وسلم بكونه مركز تلك الدائرة علم كيف تكون الراحة النفسية بالصلة بالله عبر أهم ما افترضه على البشرية ، فكانت راحته ، لذلك ما علينا إلا أن نأخذ بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ونجعل سنته طريقنا الذي ننطلق منه بعد اجتياز محرابنا ، فيكون طريقنا مباشراً من المحراب عبر الراحة بالصلاة ، إلى قلوب الناس عبر الفعل أمامهم فيأخذون منا ، و نستطيع أن نبدأ بالدعوة الحقَّة ، ونتحول إلى دعاة إلى الله عبر الأيام باتباعنا سنة المصطفى عليه الصلاة و السلام ، و هذا هو خير سبيل ، وأول درب موصل ، و تلك هي خير سنة تتبع ، و الحمد لله أن خُلقنا مسلمين ،ربنا الله جلَّ وعلا ، ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ، و أكبر واجباتنا هو اتباع سنة رسول الله  صلى الله عليه وسلم لنصل إلى الهدف الذي يسبق الجنة : محبة الله و محبة رسوله صلى الله عليه وسلم لنا ..

         أوصلنا الله إلى تلك الدرجة ..وجعل لنا أثراً في الحياة الدنيا لاتباعنا نبينا ، كما قال الشاعر :

فخُـذْ لـكَ زاديـن مـن سيـرةٍ                     ومـن عمـلٍ صـالـحٍ يُدَّخــر

وكُنْ في الطريـق عفيف الخطـــا                    شريـف السمـاع كريـم النظـر

وكُـنْ رجـلاً إن أتـوا بـعــده                    يـقـولـون مـرَّ وهـذا الأثــر

 

وبانطلاقنا من المحراب واجتيازه قبل ولوجنا ساحة الدعوة قد يكون هذا مبشّراً لنا بأنّه .. من أشرقت بدايته أشرقت نهايته ...

 

    وخير إشراقاتنا تكون ببدئنا من المحراب  وطوفاننا حول مركز دائرة ( أرحنا بها )

 

                          جعلنا الله من الدعاة الذين يرضى عنهم ..

 

 التعليقات: 1

 مرات القراءة: 3153

 تاريخ النشر: 20/07/2008

2008-07-22

علا صبَّاغ

تعليقاً على التحليق مع الطيور أذكر لك قصة للمغزى: يُحكى أن نسراً كان يعيش في إحدى الجبال ويضع عشه على قمة إحدى الأشجار، وكان عش النسر يحتوي على 4 بيضات، ثم حدث أن هز زلزال عنيف الأرض فسقطت بيضة من عش النسر وتدحرجت إلى أن استقرت في قن للدجاج، وظنت الدجاجات بأن عليها أن تحمي وتعتني ببيضة النسر هذه، وتطوعت دجاجة كبيرة في السن للعناية بالبيضة إلى أن تفقس . وفي أحد الأيام فقست البيضة وخرج منها نسر صغير جميل، ولكن هذا النسر بدأ يتربى على أنه دجاجة، وأصبح يعرف أنه ليس إلا دجاجة، وفي أحد الأيام وفيما كان يلعب في ساحة قن الدجاج شاهد مجموعة من النسور تحلق عالياً في السماء، تمنى هذا النسر لو يستطيع التحليق عالياً مثل هؤلاء النسور لكنه قوبل بضحكات الاستهزاء من الدجاج قائلين له: ما أنت سوى دجاجة ولن تستطيع التحليق عالياً مثل النسور، وبعدها توقف النسر عن حلم التحليق في الأعالي ، وآلمه اليأس ولم يلبث أن مات بعد أن عاش حياة طويلة مثل الدجاج . * * * إنك إن ركنت إلى واقعك السلبي تصبح أسيراً وفقاً لما تؤمن به ، فإذا كنت نسراً وتحلم لكي تحلق عالياً في سماء النجاح ، فتابع أحلامك ولا تستمع لكلمات الدجاج ( الخاذلين لطموحك ممن حولك)! حيث أن القدرة والطاقة على تحقيق ذلك متواجدتين لديك بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى . واعلم بأن نظرتك الشخصية لذاتك وطموحك هما اللذان يحددان نجاحك من فشلك !لذا فاسع أن تصقل نفسك ، وأن ترفع من احترامك ونظرتك لذاتك فهي السبيل لنجاحك ، ورافق من يقوي عزيمتك .

 

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 571

: - عدد زوار اليوم

7400723

: - عدد الزوار الكلي
[ 41 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan