::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> مقالات متنوعة

 

 

الآثار النفسية والاجتماعية للزكاة

بقلم : د. عبدالرحمن العيسوي  

لا شك أن في أداء فريضة الزكاة وكذلك الأمر في سائر الصدقات تنمية وتدعيم لمشاعر الإيثار وحب الغير، وحمايته والعطف عليه ومساعدته، ومن ثم شعور المتصدق بالسعادة والرضا النفسي، فالإيثار من الفضائل الإسلامية العظيمة.

ففي هذه النزعة الإنسانية يفضل الإنسان سعادة غيره ومصالحه واهتماماته وأهدافه ورفاهيته، بل ويفضل حياته أو بقاءه على بقاء نفسه على قيد الحياة، وذلك في الأشكال العليا من الإيثار حيث يضحي الإنسان بحياته من أجل غيره.

والإيثار من القيم الإنسانية الرفيعة التي يسعى الهدي الإسلامي الخالد الى اذكائها وتنميتها وترسيخها في الإنسان المسلم، ولذلك يلزم تربية الطفل منذ نعومة اظفاره على حب الخير للغير، وعلى تقديم يد العون والمساعدة للمحتاجين، وبذلك يطرد الإنسان من نفسه مشاعر الفردية والأنانية والطمع والجشع، وينمي بدلاً منها مشاعر الغيرية والإيثار وحب أخيه الإنسان.

ومن خلال أداء فريضة الزكاة يحقق المسلم لإخوانه قدراً كبيراً من الحماية والأمن.

الزكاة تنطلق من وجود مبدأ ديني وأخلاقي وعقدي يؤيدها ويدعونا إليها، وكذلك تتضمن سلوكاً أو أداء فعلياً هو إخراج الزكاة وتوزيعها على المحتاجين اليها، وقد يكون فيها إنقاذ لحياتهم أو لحياة أبنائهم، ومن شأن أداء الزكاة تحقيق الترابط الاجتماعي أو التضامن والتساند الاجتماعي، بحيث يعطي الغني من ماله فقراء المجتمع، وفيها معاني تحقيق العدالة الاجتماعية وتعبير عن أن المجتمع جسد واحد وكيان واحد.

ومن الناحية النفسية، فإن تلقي الفقراء العون من الأثرياء يمنع انتشار أو تفشي شعور الفقراء بالحقد والحسد والغيرة والنقمة والسخط على الأثرياء. وبذلك تحمي الزكاة المجتمع من الصراع الطبقي، ومن تفكك المجتمع، ومن انتشار الفردية والأنانية.

والزكاة تطهير لنفس صاحبها وحماية للمتصدق من مشاعر الإثم والذنب على ما قد يكون من المعاصي او الأخطاء، وطهارة النفس مما بها من مشاعر الذنب ولوم الذات حماية للإنسان من المعاناة من مشاعر الإثم والذنب وهي من الأسباب التي تقود الى الاصابة بالأمراض النفسية والعقلية.

تقوية المجتمع

 وعن طريق الزكاة تتحقق تقوية المجتمع الإسلامي ويشتد عوده وتقوى صلابته وصموده أمام تحديات العصر وامام تكتلات العالم الغربي الذي يطمع في خيرات الأمة الإسلامية ويسعى لنهب وسلب ثرواتها والسيطرة عليها ويتخذ من محاربة العقيدة الإسلامية سبيلاً لذلك، فيدعو الى ترك الجهاد والرباط وترك الحجاب، ويدعو للعلمانية والعالمية أو العولمة حتى تذوب الثقافة الإسلامية وتتلاشى، ويفقد المسلمون هويتهم، وبذلك يسهل علىه السيطرة والهيمنة عليهم.

ولا شك أن الإنسان حين يتصدق ويزكي، فإنه يشعر بالرضا عن نفسه، ومعروف ـ  وفقاً لمفاهيم علم النفس الحديث ـ  ان رضا الإنسان عن نفسه هو أساس رضاه عن المجتمع، ولا يمكن ان يكون الإنسان ساخطاً على نفسه او غير راض عنها، ويرضى عن غيره، كذلك فإن الإنسان يشعر بالسعادة عندما يشعر أنه قد نجح في اسعاد غيره. فالإنسان بطبعه فيه جانب خير والزكاة تدعم هذا الجانب.

إشباع لحاجات الإنسان وإشباع حاجات الفرد الضرورية قد يمنعه من ارتكاب جريمة السرقة أو السطو، بل ان الفقر وجد انه يترابط مع جرائم أخرى مثل الارتشاء والتربح والاستغلال والغش والاستيلاء على المال العام، وتحقق الزكاة ضرباً من ضروب التوازن بين أبناء المجتمع الذين يشعرون جميعاً بأن لهم حقوقاً أساسية يكفلها لهم هذا المجتمع، وهي ما يعبر عنه في هذا الأيام بحقوق الإنسان في الحياة (اي المحافظة على حياته وحقه في العمل والانتاج وفي حرية الرأي والتعبير وما إلى ذلك).

ولقد اثبتت الدراسات الميدانية الحديثة ان الزكاة ذات فائدة نفسية جليلة على كل من:

 أ ـ  الشخص المعطي أو المزكي أو المتصدق.

ب ـ  من يتلقى أو يستقبل الزكاة، وغير ذلك الى من يعولهم من الأبناء أو الآباء والأجداد.

والزكاة تعبير عن شعور المسلمين بالرحمة والشفقة والعطف والحنو على أبناء المجتمع.

والرحمة من شيم المسلم المخلص والمؤمن بربه وبرسوله وبكتاب الله تعالى.

وفي ظل تفشي البطالة وزيادة معدلاتها في الأيام الأخيرة في جميع المجتمعات الإسلامية، فإن مجموع حصيلة الزكاة من الممكن استخدامه في المشروعات التنموية الصغيرة أو الكبيرة، وفي المشروعات التعاونية التي لا تستهدف تحقيق الربح، وإنما تستهدف تحقيق مصالح المجتمع العام أو المجتمع المحلي، وذلك اهتداء بالدعوة الإسلامية العظيمة للتعاون في البر والإحسان والتقوى {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}(المائدة:2).

وعندما يتصدق الإنسان، فإن في ذلك تعبيراً عن شعوره بالمسؤولية تجاه دينه وتجاه مجتمعه وأمته، والشعور بالمسؤولية من القيم التي يتوجب غرسها في نفوس شباب اليوم.

وعندما يتصدق الإنسان فإنه يمتثل لأمر الله تعالى، وبذلك يشبع حاجته الى الامتثال والطاعة وهي من الحاجات النفسية الأساسية في الإنسان.

كما أنه يحقق الحاجة الى الإنجاز أو يساعد غيره على ذلك، وتشبع الزكاة الحاجة الى الحب، والحاجة الى الانتماء الى الاسلام، والحاجة الى التمتع بمحبة الآخرين، والحاجة الى الشعور بأن له قيمة ذاتية، والحاجة الى التقدير، والاعتراف به كعضو في أمة الإسلام وهي أمة عظيمة {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر}(آل عمران ­ 110) وعندما يتم توزيع الزكاة وغيرها من الصدقات يشبع أفراد المجتمع حاجات أساسية مثل الحاجة إلى الأمن أو التأمين.

والزكاة تعبير عن حدوث التفاعل الاجتماعي والتعاون الاجتماعي والحاجة الى النشأة أو التكوين (المأكل والمشرب والمسكن والملبس) فالزكاة تحقق إشباعاً لكثير من حاجات الإنسان النفسية والاجتماعية والاقتصادية والروحية.

الأسس الشرعية للزكاة

 الزكاة فريضة الله على كل مسلم، ملك نصاباً من مال بشروطه، فرضها الله في كتابه بقوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها}(التوبة: 103)، وقوله تعالى: {{يأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض}(البقرة: 267) وقوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة}(البقرة:227).

وبقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا لله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان» متفق عليه.

ومن الحكمة في مشروعية الزكاة ما يلى:

   تطهير النفس البشرية من رذيلة البخل والشح، والشر والطمع.

  مواساة الفقراء، وسد حاجات المعوزين والبؤساء والمحرومين.

  إقامة المصالح العامة التي تتوقف عليها حياة الأمة وسعادتها.

  الحد من تضخم الأموال عند الأغنياء والتجار والمحترفين، كيلا تحصر الأموال في طائفة محدودة، أو تكون دولة بين الأغنياء وحدهم.

 المصدر :

 http://alwaei.com/topics/current/article.php?sdd=1800&issue=515

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 3736

 تاريخ النشر: 21/08/2008

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 406

: - عدد زوار اليوم

7450205

: - عدد الزوار الكلي
[ 53 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan