::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> أقلام نسائية

 

 

بين الطائف والأقصى ألف قصة ... وقصة

بقلم : غفران  

بعد أن أغمضت قريش عيونها عن رؤية الحق وبعد ما لاقاه الرسول من أذى الكفّار والمشركين,خرج من مكّة باحثاً عن تربة خصبة تنبت فيها كلمة الله ويرتفع من خلالها صوت الحق المبين,ليعطي بذلك درساً لمن سيأتي بعده من الدعاة وحماة الدين,أنّ دعوة الإسلام ليست حكراً على زمان ومكان وإنّما هي للناس أجمعين ,فإذا صُدّت دعوتهم في مكان فليتوجّهوا إلى آخر علّهم يجدوا النصير والمعين0

فتوجّه المصطفى  إلى الطائف ماشياً على القدمين,فجلس إلى ساداتها ودعا إلى الله كبرائها,وعرض عليهم دعوته وطلب منهم نصرته,ولكن هيهات ... فقريش وثقيف نعم الشريكين,مودّة وتجارة وزراعة ولقريش مصيفٌ في الطائف في أحلى البساتين , فصمّوا آذانهم وأعمى الحقد أبصارهم,وجعلهم يتناسون أعراف العرب وتقاليدهم في استقبال الوافدين , ففاجؤوه بسمج القول وغليظ الكلام ولم يستجيبوا له بكتم خبره عن قريش والمشركين وأغروا سفهائهم وعبيدهم يتعقبونه بالحجارة قاذفين,ونالوا منه وأدموا قدميه الشريفتين , وحِبّه من خلفه يدفع عنه الأذى ويفديه بالروح والجسد وبالوالدين , ليكون بذلك قدوة لمن يأتي بعده من المسلمين,أن يكونوا حول الدعاة جنوداً مخلصين,يفدونهم بالمهج والأموال كما كان مع الرسول شأن المؤمنين 0

ولمّا تفرّق الغوغاء وانصرف السفهاء لجأ إلى مصدر الأمل والرجاء في ظل دالية في أحد البساتين , فشكا ضعف قوته وقلة حيلته وهوانه على الناس لأرحم الراحمين,ليس تبرماً و لا يأساً ولكن خوف أن يكون عليه من الغاضبين,فتأثرت ملائكة السماء لما حلّ بخير النبيين,ونزلت تحمل أمر ربّها لتكون رهن إشارة صفيّه الأمين,وجاء ملك الجبال مع جبريل مسلّماً وكان له مخيّراً فإن شاء أطبق عليهم الأخشبين,وكان بوسعه أن ينتقم منهم أشد انتقام ولكنه كان بهم رحيم,ورجا الله أن يخرج من أصلابهم من يذكر الله ولا يكون من المشركين,وصدقت نبوءته فكان ابن الوليد وابن أبي جهل من الموحدين0

وتوالت علامات الرضا من ربّ العالمين,وتتحرك الشفقة في قلب صاحب البستان فيرسل عدّاس _ غلاماً له من النصرانيّين _, يحمل بين يديه قطف عنب زين,فيأكل منه النبي بعد ذكر اسم ربّ العالمين,ويستغرب عدّاس فما هذا إلاّ قول النبيّين,وينكبّ عليه ليقبل منه الرأس واليدين والقدمين,وليرسم أجمل صورة لتعانق الدينين,دين ابن العذراء ودين ابن الذبيحَين,فهما والله نوران من مشكاة واحدة لا من مشكاتين,وهذا هو الحال الآن بين المسلمين والمسيحيين,يعيشون في سلم وسلام آمنين,فما الدين الصحيح من الدين الصحيح إلا كالأخويين0

ويعود الرسول إلى مكّة بقلب ثابت ونفسٍ مطمئنة وقد هان عليه ألمه وجراحه ولسان حاله يقول لنا " اصبروا كما رأيتموني أصبر " فالله سيُظهر نبيه وسينصر هذا الدين 0وفي نخلة يصلي في جوف الليل ركعتين,فيصرف الله إليه نفراً من الجنّ مستمعين,ثمّ ليولّوا إلى قومهم منذرين,وليكونوا برسالته من المؤمنين,وهذا ما عجز عنه أهل الطائف وثلّة من المشركين0

ويأبى الله إلاّ أن يُكرم نبيّه ويخفف آلامه,ويثبّته في مسيرته في بناء الدولة والأمّة, فيأخذه في رحلة الإسراء,ليقيم له حفلاً تكريميّاً في الأرض والسماء,وليكون إماماً يقتدي به جميع الأنبياء,وليقول له أنً ما لاقاه من قومه ليس بسبب غضبه عليه أو تخلّيه عنه وإنما هي سنّة الله مع محبّيه ومحبوبيه سواء 0

فأسرج له البراق , وانطلق به مع الزمن في سباق , وقبل أن يشرّفه في سدرة المنتهى باللقاء , أنزله بيت المقدس أرض الإسراء , ليقول له أنّه إمام المشرقين والمغربين ووارثُ مَن قبله من الأنبياء , وليربط في شخصه بين المسجد الأقصى والمسجد الحرام في آية تتلى إلى أن يرث الله الأرض والسماء 0 وما ذاك إلاّ درساً للمسلمين أنّ الأقصى أصبح في عهدتهم إلى يوم الدين,وهذا ما فهمه صلاح الدين,فكان عنه من الذائدين,وحرره من رجز الصليبيين,ونحن ... كنّا له مضيّعين , وتركناه في القدس سجين , تعبث به أيدي العابثين من اليهود والصليبيين , فعاثوا فيه مفسدين , وأضرموا فيه النار وفي القدس وفلسطين 0 قتلوا الرجال و أثكلوا النساء وتركوا أطفاله ميتّمين , وما ذاك إلاّ لأنهم متيقنين , أنّه .. قد مات صلاح الدين , فلتصرخ القدس فلا من معين 0

عربٌ نائمون , بأموالهم وأهليهم منشغلون , وبالدولارات يحلمون , و في الملاعب يركضون , وفي النوادي يسرحون 0 وأبناء فلسطين يقتّلون , بالرصاص والحصار ونظرات العيون , فهل من وقفةٍ لله ربّ العالمين , لإنقاذ أولئك المستضعفين 0 الذين لم يبق لهم إلاّ أن يدعوا بدعاء صلاح الدين " اللهم انقطعت أسبابنا الأرضيّة في نصرة دينك ولم يبق إلاّ الإخلاد إليك والاعتصام بحبلك  والاعتماد على فضلك أنت حسبنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة لنا إلاّ بك يا ربّ العالمين " 0

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 2671

 تاريخ النشر: 01/09/2008

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 1189

: - عدد زوار اليوم

7451783

: - عدد الزوار الكلي
[ 45 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan