::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> أقلام نسائية

 

 

حجاب نعوذ بالله منه ...

بقلم : بتول.B  

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحجاب  ، وما أدراكم بعد هذه الكلمة وخطرها  !!!

هو حجاب يجب أن نستعين بالله للتخلص منه ، يجب الحذر منه لأنه يشكل خطراً كبيراً، يجب أن نعيش في طاعة الله عز وجل دوماً لكي نتحاشاه ، علينا أن نمزقه لكي نقترب من خالقنا عز وجل، هذا الحجاب الأسود الذي يعزل الإنسان ويبعده ، هذا الحجاب الذي يجب على من يدعو إلى التحرر أن يدعو للتحرر منه، ليس فقط لتحرير المرأة منه، بل لتحرير المرأة والرجل معاً.

حجاب، وياله من حجاب !! نسأل الله العفو والعافية، و المعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، قد يكون بعضنا قد وقع به وشعر بآلامه، والبعض الآخر لا يعرفه ولم يذق طعمه، وربما آخرون على وشك أن ترتديه قلوبهم، فلنتخذ حذرنا.

عندما يعيش الإنسان في ظل طاعة الرحمن، ويجعل حياته كلها في سبيله، فإنه يعيش في سعادة لا توصف، وبنشوة كبيرة، ويقذف الله عز وجل في قلبه نوراً وطمأنينة وسكينة، قال إبراهيم بن الأدهم رحمه الله تعالى : (لو يعلم الملوك ما نحن فيه من اللذة لقاتلونا عليها بالسيوف). ولكن عندما تزل القدم، أو تضعف النفس، أو يقع الذنب، يأتي التأديب الإلهي، إما يؤخره ليوم تشخص فيه الأبصار، أو يعجل له عقوبته في الدنيا، إما في نفسه أو ولده أو ماله وإما في الحجاب , وربما يكون هذا الحجاب بسبب كلمة - يقول التابعي الجليل أمير المؤمنين في الحديث (سفيان الثوري) : "حُرِمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته , قيل : وما ذلك الذنب ؟ قال: رأيت رجلاً يبكي فقلت هذا رياء " - أو نظرة لا ترضي الرب سبحانه وربما لتقصير وربما.....وربما.....

أو أحياناً يشعر العبد بشدة قربه من الله عز وجل ، فينتشي ويزهو ويغتر، فيؤدبه الله عز وجل بالحجاب. وكما قال الإمام ابن عطاء الله السكندري : ربّ معصية أورثت ذلاً وانكساراً خيرٌ من طاعة أورثت عزاً واستكباراً . عندها يشعر الإنسان بالبعد عن ربه , فإذا ما وقف بين يدي مولاه، أو تلا القرآن، أو قعد يذكر الله تعالى ، فإنه لا يشعر بشيء من السعادة والقرب ولذة المناجاة لله تعالى ...

ومن أصدق ما يعبر عن هذا المعنى ما يروى أن تلميذاً سمع من أحد مشايخه بأن لكل معصية عقاباً، فأيقن ذلك الشاب بأن ربه سيعاقبه لا محالة ، حيث أنه كان قد أذنب ذنباً ، فمرت الأيام والأسابيع ، وهو ينتظر العقاب فلم يأتِ، وفي أثناء صلاته ناجى ربه قائلاً : ربّ قد عصيتك ولم تعاقبني  !! فوقع في قلبه أن يا عبدي عاقبتك ولم تدر ،  ألم أحرمك لذة مناجاتي؟

 ربما نظن  أن الحجاب هو عدم الخشوع ، لا.. فعدم الخشوع أسبابه من الإنسان نفسه، كالانشغال والالتفات وغير ذلك ، أما الحجاب فهو عقاب من لدن عزيز حكيم .

فلربما ضاق صدره كأنما يصعد في السماء، وكأن صخرة جاثمة على قلبه , ولم ينطلق لسانه أو شعر بأنه ليس له فائدة , وأن الله عز وجل ليس راضياً عنه، وربما كان المرض أهون عليه، ولربما أحياناً تمنى الموت.

وعلى إثر هذا الحجاب، فإن العبد الذي يحرص على قربه من الله عز وجل يبعد نفسه عن أي ذنب خوفاً من المرض مثلاً، لا بل من هذا البعد عن خالقه.

ومهما بلغ ذلك الألم فيجب أن تبقى ثقتنا بالله عز وجل كبيرة ، فهو أرحم الراحمين فهو لم يؤدب عبده  إلا رحمة به.

و إليكم هذا المثل ، ولله المثل الأعلى : أم أحسنت تربية طفلها فإذا أخطأ خطأً يجب ألاّ يخطئه تقوم بتأنيبه وتعزيره ، وربما حرمته من الطعام وربما ضربته فلا يطيق ذلك الطفل هذا العقاب فيخرج فارّاً من البيت , صحيح أن هذه الأم الرحيمة ضربته لؤدبه ولكي لا يعود لمثلها ، لكن قلبها يذوب ألماً وحرقة عليه ،وعندما يأتي المساء فإن ذلك الطفل لن يجد مكاناً يؤويه وحضناً يضمه سوى أمّه التي فرّ منها، فيعود مرتمياً بأحضانها متوسلاً بأنه لن يعيدها ثانيةً وتفرح هي أشد الفرح .

وفي الحديث القدسي الذي يرويه الإمام أحمد في مسنده  ( أهل ذكري أهل مودتي، أهل شكري أهل زيادتي، أهل طاعتي أهل محبتي، أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا إليّ فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب، الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد، والسيئة عندي بمثلها وأعفوا، وعزتي وجلالي لو استغفروني منها لغفرتها وأنا أرحم بالعبد من الأم بولدها ) . 

وأحياناً أخرى يصلي الإنسان، ولكن لا يشعر بالقرب ولا بشيء، فإذا كان في طاعة واستقامة على أمر الله عز وجل فلا شيء عليه والله أعلم ، كما قال الإمام علي كرم الله وجهه: ( إن للنفس إدباراً وإقبالاً فإذا أدبرت فاحملها على الفرائض وإذا أقبلت فاحملها على النوافل ) .

هذا الحجاب عقاب في الدنيا، فما بالكم بقوله تعالى :{ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ}؟

اللهم لا تجعلنا من هؤلاء يا رب العالمين.

والعلاج لهذا الحجاب هو التوبة إلى الله عز وجل، والندم والاستغفار والاعتصام بالله عز وجل، فإنه من اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم، وأيضاً الاستقامة على منهج الله سبحانه وتعالى، والبكاء والتضرع والتذلل بين يدي الكريم.

ولا ننسى قول الرحمن الرحيم { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ }. وأحد تفسيرات هذه الآية:أن يذنب الرجل الذنب فيعتقد أنه لا يغفر له، فيلقي بيده إلى التهلكة، أي يستكثر من الذنوب فيهلك.

 اللهم يا واصل المنقطعين أوصلنا إليك، اللهم لا تحجبنا عنك، اللهم أعنا على الاستقامة على أمرك لا نحيد عنها أبداً، برحمتك يا أرحم الراحمين، آمين وصلّ اللهم على نبينا المصطفى الأمين.

والحمد لله رب العالمين

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 2867

 تاريخ النشر: 23/01/2009

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 591

: - عدد زوار اليوم

7400803

: - عدد الزوار الكلي
[ 40 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan