::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> دراسات وأبحاث

 

 

سلسلة (نقد التفسير العلمي المعاصر للقرآن الكريم) 1

بقلم : أحمد محمد الفاضل - مدرس في معهد الفتح الإسلامي  

(1)

التفسيرالعلمي المعاصر لقوله تعالى :

((فكانت وردةً   كا لدهان)){الرحمن/37}

يرى مروجو التفسير العلمي للقرآن الكريم أنَّ هذه الآية تدل دلالة ظاهرة إلى الكوكب الذي اكتشف من مدة ليست بالبعيدة ،و الذي يشبه الوردة الحمراء ،و يحكيها ،و أن هذا التفسير للآية لا مناص منه؛لأنها لا تدل إلا عليه ،و لا يراد منها سواه !!..

و هذا التفسير الذي انتهى إليه هؤلاء المروّجون بعيد كل البعد عن الصواب لأنّ الآية بمعزل عن هذا الاكتشاف العلمي،و عن هذا المعنى ،سواءً أصح هذا الاكتشاف أم لم يصح ،و ذلك لأمور:

الأول : أن الضمير في قوله (فكانت) لا يعود على جزء هو الكوكب ، بل يرجع إلى كل هو السماء ،فالآية تتحدث عن انشقاق السماء و تخبر بأنها كانت وردة ،أي السماء فاسم كان المستتر جوازاً مقدر بـ هي العائد على السماء المنشقة .

إذن : لا بد من عود الضمير إلى كل لا إلى جزء ./هذا أمر/

و أمرُ آخر : كيف يعود الضمير على شيء غير مذكور من قبل ؟

لأن شرط الضمير العائد إلى متقدم أن يكون ما عاد إليه مذكوراً ـ و لم يجر لهذا الكوكب ذكر من قبل ـ إلا إذا كان معروفاً و مشهوراً كما في قوله تعالى (( و لو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة)){فاطر/45}

فقوله ( على ظهرها) أي على ظهر الأرض ،فهو لا يلتبس ،و لا يخفى .

الثاني : أنَّ الوردة في الآية ليست الذات التي تشم و ينتشر عبقها و التي لها جرم و حيز من الفراغ كما فهموا ،بل المراد منها هنا الوصف ؛لأنها تطلق و يراد منها الذات كقولك : فاح شذى الوردة ....و تطلق و يراد منها أيضاً الوصف ،أي اللون كما قالوا : أسدٌ وردٌ ، أي أحمر ،و فرسٌ وردةٌ ، أي حمراء .

فالآية أرادت الوصف ،أي اللون و لم ترد الذات قط ،لأن تقدير الذات هنا يفسد المعنى الذي سيقت من أجله الآية ،فما معنى أن تكون السماء وردة حمراء أي ذاتاً؟

و المعنى الصحيح الذي تريده :فكانت السماء حمراء اللون كالدهن الذائب ،أو كاللون الأحمر المعروف ،أو كالأديم الأحمر ....

و هذا إنما يكون يوم القيامة عندما ينفرط عقد الكواكب و النجوم و يختل نظامها ،ويصطدم بعضها ببعض ممّا يلبس السماء ثوباً أحمر ...و الآيات في هذا المعنى كثيرة . من ذلك قوله تعالى ((إذا السماء انفطرت و إذا الكواكب انتثرت)){الانفطار/1-2}.

الثالث : هذا التفسير يصادم سياق الآيات و سباقها و لحاقها ،و لا بد لمن أراد أن يفسر كتاب الله عزّ و جلّ من أن يراعي هذا الجانب الخطير من أصول التفسير ،فمثلاً كلمة (أمة) تطلق على الأغلب ،و يراد منها (الجماعة) لكن في قوله تعالى : (( وادّكر بعد أمَّة)){يوسف/45} لا يصح هذا المعنى البتة ،لأن السياق يبين أن المعنى (المدة ،أو الزمن )

و هذه الآية التي نحن بصددها ،سياقها يتحدث عن يوم القيامة و أحداثه المفزعة ،و أن السماء تنشق ،أو تنفطر فتكون حمراء ...

و في ذلك الوقت لا يسئل عن ذنبه أحد ...( فإذا انشقت السماء فكانت وردةً كالدهان فبأي آلاء ربكما تكذبان فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس و لا جان ))

فما تتحدث عنه الآيات من الانشقاق ،و الاحمرار و عدم السؤال عن الذنوب لأنها مسطورة معلومة و غير ذلك ،يكون يوم القيامة ،و ليس هناك من ذكر لهذا الكوكب أو علاقة من قريب ،ولا من بعيد .

الخلاصة : أن هذا التفسير منقوص من قواعده من ثلاث جهات :

1ـ عود الضمائر  .  2 ـ اللغة .   3ـ السياق. ........... انتهى.   

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 3217

 تاريخ النشر: 29/11/2007

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 567

: - عدد زوار اليوم

7464845

: - عدد الزوار الكلي
[ 66 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan