::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> أقلام نسائية

 

 

يوم مولدي .. يوم ....

بقلم : ديمة محمد ديب هديب  

يومُ مولدي .. يومُ حياتي ..

يومُ مولدي .. يومُ مماتي ..

يومُ مولدي .. يومُ توبتي ..

يومُ مولدي .. يومٌ أقف فيه مع نفسي ..

يومُ مولدي .. يومُ محاسبة ..

يومُ مولدي .. يومُ مكاشفة ..

يومُ مولدي .. يومٌ عادي ..

يومُ مولدي .. يومٌ لا يعنيني ..

ماذا يعني يومُ مولدك ؟!

ذاك اليوم الذي أطلقتَ فيه أول صرخةٍ للحياة ؛ صرختَ يومها وبكيت ..

هل تذكر ؟! ذاك اليوم كنتَ حزيناً وكئيباً ؛ كنتَ تقول : ( ماذنبي أنا وماذا فعلت ؟ لماذا أترك هذا الفراشَ الوثير والبيتَ الدافئ وأخرج إلى المجهول ؟! إنني سعيدٌ في بيتي هذا وإن كان مظلماً كظلمات يونس عليه السلام ) ...

في ذاك اليوم كان الناس فرحين مستبشرين وكنتَ متجهماً ممتعضاً ويحق لك ذلك ..

وكبرت .. وكبرت .. ومضت الأيام ؛ ويأتي التاريخ ذاته في كل عام .. فكيف يمر ؟!

البعض يمر عنده وكأنه يوم عادي .. والبعض الآخر يحتفل به احتفالاً عظيماً وآخرين لا يعلمون في أي يوم من العام وُلدوا ..

وكلامي طبعاً لا ينطلق من منطلقٍ ديني فلست أهلاً للكلام في النواحي الشرعية والفتاوى الفقهية فهو لأهل الإختصاص ؛ لكنَّ كلامي هنا هو وقفةٌ مع النفس أولاً وأخيراً .. هي وقفة أقفها في يوم مولدي فلا أريده يوماً عادياً ولا أريده عيداً حافلاً إنما أريده وقفة مع الذات ..

فكم نهرب من أنفسنا وكم نتفنن في السخرية منها والضحك عليها فنحاول تبديد أوقاتنا في أمور نخترعها لننسى بها أنفسنا من مكالمات فارغة ومجالس سطحية وأحاديث تافهة ؛ فإذا لاح في الأفق شبح الضمير يزورنا منادياً : } قفوا مع أنفسكم { ثقُل علينا الأمر ووددنا لو ننخلع من أنفسنا فهي كالجبل الجاثم فوق الصدور لا نستطيع معه حِراكاً ؛ إننا وباختصار نفر من نفوسنا ولكن .. أين المفر ؟!!

ها هو عامٌ آخر يمضي بكل ما فيه .. بحلوه ومرِّه .. بسعادته وشقائه .. بضحكاته ودموعه .. برضاه وصبره .. فماذا حققت فيه ؟!

ويبقى السؤال الذي أسأله بمداد دموعي وبنياط قلبي

ماذا قدمت لهذا الدين ؟! وماذا استفاد مني الإسلام ؟! ..

أيامٌ وأيام تمضي لا نشعر بها وكأني أرى عمري محطات ففي كل عام لي وقفة في يوم مولدي ينبهني ويقول لي : } ها قد مضى من عمرك عام فاستعدي للحياة الجديدة { فكلما ازداد عمر الواحد منا سنةً نقصت من عمره سنة في الحقيقة حتى ينفذ العمر ويأتي الأجل ..

ومع هذا فإني لا أريد أن أجعل من يوم مولدي يوم اكتئاب وحزن وأردد مضى العمر وفات فأثبط همتي وأخفف عزيمتي ؛ بل على العكس تماما .. أودُّ أن يكون يوم مولدي يوماً لولادة فكرةٍ جديدة أو عملٍ عظيم أو توبةٍ نصوحة ..

ففكرت في هذا العام ، ماذا يمكن أن أقدِّم في يوم مولدي .. لنفسي .. لديني .. لأهلي .. لأمتي .. ولجميع الناس ..

فقلت لماذا لا يكن يوم توبة ومحاسبة نفس ؟! صحيح بأنه من الواجب أن نتوب عند كل ذنب ومن كل تقصير وأن يكون ديدننا دوماً هو محاسبة النفس لكننا في النهاية بشر نسرح في هذه الحياة وتُلهينا الدروب الطويلة فتأتي أيام مضيئةومناسباتٌُ لامعة تذكرنا وتلَّوح بالضوء الأحمر من بعيد ؛ مثَلُنا مثل السيارات تنطلق في الشوارع ثم تقف رَغما عنها عند إشارة المرور كي يكون سير الحياة منظماً ومرتباً ..

الساعة الآن ( 12,00 ) ..

وها قد نامت النجوم في أكناف الغيوم ونام القمر في كبد السماء ونام الناس في أحضان البيوت .. ها قد دقت ساعة مولدي ..

سأحتفل بها وسأشاهد فيلماً قصيراً هو من بطولتي يعرض تفاصيل حياتي أشاهده الآن بكل شفافية وصراحة دونما قلق أو تملق أو خوفٍ من أحد إلا الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ..

شاهدت هذا الفيلم فرأيت جوانب مضيئة وأخرى كثيرة مظلمة ؛ فدعاني إلى التوبة من التقصير ومن الغفلة ومن إضاعة الأوقات .. دعاني إلى الرجوع إلى الله والحياة مع القرآن فبها وحدها تكمن السعادة .. دعاني إلى اقتفاء خطى الحبيب صلى الله عليه وسلم والسير على نهجه .. دعاني أن يكون لي هدف في الحياة أبذل من أجله الغالي والنفيس .. دعاني إلى فعل الخير وإلى كفالة الأيتام أو مساعدة الفقراء أو العطف على الأرامل والضعفاء ..  دعاني إلى حب العلم وطلبه .. دعاني إلى حب الدعوة إلى الله والبذل في سبيلها .. دعاني .. ودعاني .. ودعاني ..

وكان آخر مشهد في فيلمي القصير قائلٌ يقول لي : ( اليوم .. يوم مولدك .. فاجعلي فيه لهذا الدين وقفة .. تقفين بها بين يدي المولى في يوم القيامة ) ...

وانتهى الفيلم مع صوت المؤذن يصدح في الأرجاء ؛ فقلت في نفسي :

   } الحمد لله ؛ فما زلت أسمع الأذان ففي العمر بقية { ...

 

 

 

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 3125

 تاريخ النشر: 09/03/2009

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 1424

: - عدد زوار اليوم

7448625

: - عدد الزوار الكلي
[ 52 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan