::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> مقالات متنوعة

 

 

نــظـرة في الإعـلام المـرئـي المـوجـه للـطـفـل (2)

بقلم : سهير علي أومري  

الإنـتـاج العـربي مسـؤولية  من؟؟

                                 

أثبتت الدراسات أن تأثير برامج الأطفال على سلوك الأطفال عادة ما يكون طفيفا غير ملموس على المدى القصير، إلا أنه تأثير تراكمي، وعند ظهوره في سلوك الطفل من عدائية وعنف ....الخ، يكون الوقت قد تأخر وقد سبق السيف العذل.

 فمن واجبنا نحن كأفراد مجتمع نطمح لقيام إعلام عربي متميز، يحمل الصفات العالمية للإنتاج الإعلامي، ويجيد فن الخطاب الإعلامي بعناصره المتعددة، ويعبر في الوقت نفسه عن ثقافتنا ورسالتنا الحضارية، وقيمنا وأخلاقنا  أن لا نقبل كل ما يقدم لأطفالنا, أي أن نشكل نحن الدافع لهذا التغيير،

بعد أن نعي دورنا في الحياة لأننا إن سكتنا وقبلنا كل ما يقدمه أصحاب الضمائر النائمة لأطفالنا فسيحتلون الساحة ليبرمجوا أطفالنا كما يشاؤون وكما يريدون ونكون في النهاية نحن من سمحنا لهم بذلك, ومن المؤكّد أن هذا الإنتاج المحلي مسؤولية المجتمع العربي والإسلامي بكافة شرائحه وفئاته من: جمعيات أهلية ومنظمات شعبية وأصحاب رؤوس الأموال ورجال الأعمال ورجال الإعلام....... وذلك على النحو التالي:

1-مسؤولية المثقفين والواعين لدور الإعلام في بناء شخصية الطفل والتأثير فيها:

إن الواعين لدور الإعلام وخطورته لا يقتصر على فئة معينة في المجتمع أو شريحة اجتماعية مخصصة بل هم كل أفراد المجتمع على اختلاف جنسهم وعمرهم وشرائحهم الاجتماعية والثقافية فهم يحملون الدور الأكبر في عملية الإنتاج المحلي لأن بهم يبدأ الوعي وهم نقطة البداية أما دورهم فيكون من خلال حملات توعية يتوجهون بها إلى شرائح المجتمع المختلفة وتشمل:

- الأهل لتعريفهم بخطر الإعلام وما يقدّم للأطفال من برامج وأثره في بناء شخصياتهم وتكوينها، ودورهم الفعّال في إيجاد الإنتاج المحلي وقيامه.

- الأطفال: لتعريفهم بدورهم في أن يكونوا مقيّيمين لما يشاهدونه وليس متأثرين دوماً به وتعريفهم بأن ما يشاهدونه منه ما هو مفيد ومنه ما هو غير مفيد.

- أصحاب رؤوس المال ورجال الإعلام: لتعريفهم بدورهم في تمويل الإنتاج المحلي ورعايته.

وهذه الحملات تكون من خلال حملات التوعية في المنظمات الشعبية والمدارس والجمعيات الأهلية ووسائل الإعلام المختلفة وعن طريق الإعلانات بكل أنواعها.....

حتى إذا كانت هذه التوعية وأدرك الكثيرون أهمية الإنتاج المحلي جاء دورهم على النحو التالي:

·       دور الأهل:

ويتركز في:

1- مراقبة ما يراه أبناؤهم، ومتابعتهم وتوجيههم وقد يكون توجيههم ليس بالقصر والإجبار وإنما بالحوار إذا كانوا في سن يعون فيه هذه الأخطار, أو بشغلهم عن البرامج السيئة وتوجيههم إلى نشاطات أخرى إذا كانوا في سن صغيرة لا يعون فيه أخطار الإعلام السيئ الموجه لهم .

 2- القيام بدورهم الفعّال في حض شركات الإنتاج على الإنتاج المحلي الذي يقدّم الإعلام الهادف الذي يحمل الصبغة العربية، وذلك يكون من خلال إبداء رأيهم فيما يقدّم فماذا يخسر الآباء والأمهات من إرسال رسالة على النت أو الاتصال على الهاتف بأي شركة إنتاج تقدم أعمالاً تسيء لأطفالنا، لتوجيه اعتراضا عليها, وفي نفس الوقت التوجه إلى منتجي الأعمال الراقية بفكرها وقيمها لشكرها والثناء عليها, وأعتقد  أن أي مدير شركة إنتاج عندما يتخيل، وهو يعد أو يدبلج عملاً تجارياً ضعيفاً يتوجه به للأطفال، أنه سيتلقى ألفي اتصال للاحتجاج على هذا العمل، أعتقد أنه سيتريث ولن يبتغي الثمن القليل أمام النوعية المقدمة .

ومن هنا تبدأ الرغبة لدى شركات الإنتاج بقيام إنتاج محلي يحمل الصبغة العربية

·       دور أصحاب رؤوس الأموال ورجال الأعمال:

ويكمن في تمويل الإعلام العربي الهادف على أنه أربح تجارة نبتغي منها بناء شخصية الطفل الذي سيكون رجل المستقبل القادم.

فعلى سبيل المثال كثير من أصحاب الأموال يندفعون لإعالة دور الأيتام ورعايتها ابتغاء الأجر والثواب بينما يغيب عنهم أن الإعانة لرعاية إعلام هادف يبني شخصية الطفل ويرقى بأحاسيسه ومشاعره ويوجهه نحو السمو الأخلاقي والروحي ويجعله لبنة في مجتمع قوي نسعى إليه قد يكون أهم وأعظم أجراً من رعاية دور الأيتام وخاصة إذا كانت هذه الدُّور تلقى الرعاية الكافية وأعرف من دور الأيتام ما أصبحت مخازنها تنوء بالمواد التموينية حتى أن أبواب مخازنها لا تكاد تغلق.

·       دور الإعلاميين القائمين على عمليات البث في المحطات الأرضية والفضائية: 

إذا أغفل الإعلاميون مسؤولياتهم تجاه قيام إعلام هادف عربي، وقاموا بشغل ساعات البث، بالغث من البرامج، فإن الأمر هنا يتجاوز تبديد الوقت أو المال أو الجهد إلى ترك آثار مدمرة على وجدان الأطفال وعقولهم. في حين أنهم إذا أخذوا على عواتقهم الارتقاء بالمستوى الفكري لهم، والتزموا بالصدق والتجرد في عرض البيانات؛ فإن النتائج التي يمكن أن تتحقق في هذا الصدد ستكون ذات مردود إيجابي في بناء طفل سليم متوازن.

·       دور القائمين بأمور الدعوة من أئمة المساجد والدعاة:

ولعلّ هؤلاء تقوم على عاتقهم أكبر مسؤولية لقيام إعلام هادف يحمل الصبغة العربية بروح عصرية

إلا أنه شاع في مجتمعاتنا العربية والإسلامية ابتعاد الأوساط الدعوية عن أوساط الإعلام مما أتاح المجال أمام أعداء العروبة والأصالة الوجود وبقوة في هذه الأوساط حيث وجدوا الساحة أمامهم خالية ليس فيها من يوجه الدفة أو يقود المركب مما أدى إلى انتشار الغزو الفكري والثقافي لأبنائنا على النحو الذي نراه في أيامنا هذه.

فإذا علمنا أن الترويح (1) هو شيء أساسي في تكوين الشخصية الإنسانية، وهو فطرة فطر الله الناس عـليها، وإذا كان الإنسان لا يمكــن أن يستمر على حالة الجد دون فترات يفرج فيها عن نفسه بشيء من اللهو واللعب المباح؛ فإن الطفل أكثر حاجة إلى ألوان معينة من الترويح تحقق له هذا الغرض.

وخاصة ما عرف اليوم من دور اللعب والترويح في تعليم الطفل وإعطائه القيم وتجسيد القدوة في حياته، فإذا نظر الباحث المدقق إلى الدين الإسلامي بقيمه وفضائله يجد أنه دين يحفل برفع المستوى الخلقي في الإنسان دون أن يعطل فـطرته، أو يدمر ميوله، أو يدفن مواهبه، والترويح هو ذلك الجانب اللين من الحياة، والإسلام من خلال منهج الوسطية قد اهتم بهذا الجانب من الحياة اهتماماً خاصاً ووضعه في إطاره الصحيح، فأباح كل ما يدعم الشخصية الإنسانية من جميع جوانبها العقلية والنفسية والبدنية.

أي أن الإسلام لا يعارض الترويح ولا يأخذ منه موقفاً سلبياً بل يدعو إليه ويعده أحياناً مما يتقرب به العبد إلى ربه، ويؤكد ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (أفضل الأعمال أن تُدْخِل على أخيك المؤمن سروراً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطعمه خبزا) (رواه البيهقي ).

وكان صلوات الله وسلامه عليه يقول: ( روحوا القلوب ساعة وساعة) (رواه أبو داود).

والترويح الإعلامي الموجه للأطفال يجب أن يشحذ له الخبراء جهودهم لكي يتم وضعه في إطاره الصحيح واستثماره بصورة ترتقي بمشاعر الطفل ووجدانه وتسهم في تنمية قدراته العقلية دون تفريط أو إفراط، انطلاقاً من أن الإسلام لم يحارب الترويح أو يحرمه في المجتمع المسلم، بل أقصى ما فعله أن يهـذبه، وأن يجعله ذريعة لتجديد النشاط كلما كلّ الإنسان أو ضعف، ولهذا كانت نظرة الإسلام إلى الترويح نظرة واقعية.

إلا أنه من الأهمية بمكان وضـع ضوابط ومعـايير للـمواد الترفيهية تلتزم بها وسائل الإعلام، ووضع حد للإسراف في اللهو والسخرية لأن الترويح شأنه في ذلك شأن كثير من الأمور، سلاح ذو حدين يرفع ويخفض، يفسد ويصحح، يعمر ويدمر.

من هنا يبدأ الإنتاج المحلي العربي عندما تتولد الرغبة ويوجد التمويل اللازم عندها يكون لنا شرف العمل على بناء مستقبل طالما حلمنا به تمنيناه وتمنينا إن لم نعشه أن نكون قد أعددنا له من يبنيه ويعليه صرحا شامخاً مزداناً بورود العزة وآيات الحب والأمل والإيمان وعندها يبرز سؤال هام يطرح نفسه وبقوة:

 

 ماذا يحتاج الطفل؟ وماذا ننتج له؟ وما سمات الإعلام الذي يجب أن توجه له؟ وما المؤهلات اللازمة لقيامه؟؟؟؟؟

لذا سيكون للكلام تتمة بمشيئة الله تعالى

 

[1] الرؤية الإسلامية لإعلام الطفل للدكتور محي الدين عبد الحليم: رئيس قسم الإعلام - جامعة الأزهر

 

المقال منشور في:

مجلة الأصيل العدد 30 شهر أيار عام 2006م

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 4046

 تاريخ النشر: 10/03/2009

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 1588

: - عدد زوار اليوم

7452583

: - عدد الزوار الكلي
[ 54 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan