::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> أخبار ونشاطات

 

 

أسلمة أوروبا!

بقلم : محمود سلطان  

في أوائل عام 2008، نظم حزب "فلامز بلانج" اليميني البلجيكي، مؤتمرا في مدينة "أنتويرب" البلجيكية، تحت عنوان "مدن ضد أسلمة أوروبا"!
في المؤتمر تم الإعلان عن تدشين أول تحالف غربي يعارض ما يسمونه بـ"أسلمة أوروبا" ضم عددا من الأحزاب والمنظمات اليمينية الأوروبية المتشددة!
مؤتمر "أنتويرب"، خصص لقضية واحدة وهي مناهضة انتشار المساجد في أوروبا الغربية.. وعلى هامش المؤتمر قال زعيم الحزب اليميني البلجيكي "فيليب ديونتر":" "لدينا أكثر من 6000 مسجد في أوروبا، وهي ليست دورا للعبادة فحسب بل رمزا للتطرف"!.. مشيرا إلى مسجد ضخم يجرى تشييده في ميناء "روتردام" الهولندي يبلغ ارتفاع منارته ستة طوابق وأعلى من أبراج إضاءة ملعب فينورد لكرة القدم.. وقال "مثل هذه الرموز يجب إيقافها"!
منذ أكثر من أسبوع طرح "ديونتر" كتابا بعنوان " إن شاء الله" انتقد فيها الإسلام، مستخدما لغة فضفاضة ومجموعة من الأفيهات والاتهامات الجاهزة والمعلبة، مثل قوله:" لا يوجد سوى إسلام واحد يدعو إلى العنصرية والتمييز والقتل، خاصة قتل المرتدين عن الإسلام".. وإن "المرأة مضطهدة في الإسلام"، وإن "الإسلام عقيدة خطيرة" و"القرآن يعطي تصريحا أو رخصة بالقتل"! معلنا إنه يستهدف من كتابه تحذير الغربيين من "أسلمة أوروبا"!
واللافت هنا، إن غالبية من كتبوا في ذلك الشأن، لم تكن مخاوفهم من أسلمة أوروبا "عقديا" أو دينيا، بل من أسلمتها "رمزيا" من خلال انتشار الحجاب وارتفاع قباب المآذن وانتشار الذبح على الطريقة الإسلامية!
في مؤتمر "أنتويرب" عام 2008 ، قال "فيليب ديونتر" إنه "لا يمكننا أن نقبل بغطاء الرأس في مدارسنا، ولا نقبل بالزواج الإجباري والذبح (الديني) للحيوانات"!.
وعشية الانتخابات الألمانية في يوليو من عام 2007، قالت رئيسة الوزراء الألمانية "انجيلا ميركل" في مؤتمر لحزبها الديمقراطي المسيحي "يتعين أن ننتبه إلى عدم بناء قباب للمساجد أعلى بشكل واضح من أبراج الكنائس"!.
صحيح أن "ميركيل" هي ابنة كاهن "لوثري" نشأت في ألمانيا الشرقية في العهد الشيوعي، غير أنها قالت هذا الكلام في سياق سياسي، تزلفا للرأي العام في عدد من المدن الألمانية مثل "برلين" و"ميونيخ" و"كولونيا"، حين أثارت ـ وقتذاك ـ خطط لبناء المساجد، حفيظة السكان المحليين، فضلا عن زملاء ميركل المحافظين في ولاية "بافاريا".
السياسيون يتكلمون عن "الأسلمة الرمزية" خاصة بعد أن انتعشت بورصة بيع الكنائس، والتي بلغت في انجلترا وحدها نسبة 10% من تعدادها، وتوقف القداس في أكثر من 100 كنيسة في ألمانيا، ولعل البعض كتب عن واحدة من أشهر الحفلات الماجنة التي أحيتها مطربة البورنو "مادونا" في إحدى كنائس الفاتيكان التاريخية، بعد أن تحولت إلى "ملهى ليلي".. فيما يرى البعض الآخر من خارج دائرة الفعل السياسي، أن البعد "الديمغرافي ـ السكاني" ربما يكون حاسما في إنهاء "مسيحية القارة العجوز"، مثل الفاتيكان الذي سبق وأطلق تحذيرا من تزايد هجرة المسلمين وتأثيرها على الهوية المسيحية لأوروبا، فيما وضع "دانيال بايبس" ثلاث أسباب تدفع إلى أسلمة أوروبا من بينها "الديمجرافيا السكانية"، فيما وضع "العقيدة" في مقدمة هذه الأسباب.
الخوف من أسلمة أوروبا، حمل البعض من كبار المثقفين الغربيين، إلى توقع السيناريو الأسوأ، لمجابهة المد الإسلامي في الدول الأوروبية، من بينها اضطرار الغرب إلى ترجيح خيار "التطهير العرقي" و"الإبادة الجماعية" للمسلمين!.
على أية حال فإن المجابهات الحالية، تتمحور في سياق مجابهة "التمدد الرمزي" للإسلام، وهي نظريات تتسق وطبيعة العلاقة التي تربط الإنسان الغربي بالمسيحية كدين.. فالأخيرة بالنسبة له محض "طقوس" للثقافة وتأكيد الهوية والتميز الحضاري، وبالتالي فهو لا يرى في الإسلام إلا "رمزيته" التي تواجه "المسيحة الرمزية" الممثلة في الوجود "الأسمنتي" للكنائس، و عدد المترددين عليها، وهي الحالة التي تعكس فراغا معرفيا هائلا ينبغي أن يلتفت إليه المسلمون، حال شاءوا مناهضة هذه الأجواء المعادية لهم في الغرب، بطريقة سمحة وهادئة وبعيدة عن التشنج والتوتر أواستخدام خطاب ساخط أو صاخب أو زاعق.


المصدر: المصريون

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 2939

 تاريخ النشر: 15/03/2009

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 1347

: - عدد زوار اليوم

7398123

: - عدد الزوار الكلي
[ 72 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan