::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> مقالات متنوعة

 

 

رِسَالَةٌ إِلَى الشَّهِيْد ((عَبْدِ العَزِيْزِ الرَّنْتِيْسِي))

بقلم : المُحِبَّة لله (دعاء الأصفياء)  

*إلى صقر حماس .. هنيئاً لكَ الشّهادة!*

 

«إنّ عدوّكم لا يفهم إلا لغة واحدة..

هي لغة الحراب»

صدقت يا قائد.. ولن ننتصر إلا بإتقانها واستعمالها

* * *

«هل نحن خائفون من الموت؟

إنّه الموت.. سواء بالقتل أو بالسرطان.. الموت واحد!

نحن جميعاً ننتظر آخر يوم في حياتنا

لن يتغيّر شيء

سواء كان بالأباتشي أو بالسّكتة القلبيّة...

أنا أفضّل الأباتشي...»

وها قد لقيت ما فضّلت... الأباتشي!!!

* * *

« أمريكة تعلن الحرب على الله

 والله يعلن الحرب على أمريكة!»

بشراك! قد أعلنها الله...

* * *

«والله الّذي لا إله إلا هو

لتدفعنّ الثّمن باهظاً يا شارون!»

والله ما أخزاك الله! دفعه وما يزال...

* * *

«هذا هو الطّريق! هذا هو الطّريق!»

وسنمضي عليها.. بإذن الله تعالى...

* * *

«نعاهد الله.. ثمّ نعاهده...

أن نمضيَ قُدُماً في مسيرتنا

حتّى نحرّرَ ثرى الوطن!»

على ما سرتَ عليه سائرون بعون الله... حتّى يتحرّر

ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ

بسم الله الرّحمن الرّحيم

والصّلاة والسّلام على رسوله الكريم

 

السّابع

عشر من نيسان، يوم غادرنا فيه شخص له ولأعماله ومواقفه في نفسي عميق الأثر، لذلك أكتب هذه الرّسالة.. أضمّنها بكلمات التّقدير والاحترام، أغلّفها بمشاعر الفخر والاعتزاز، ثمّ أرسلها مطيّبة بأريج الشّهادة، وعطر الشّهداء، وأتركها تشقّ طريقها عبر بريد من نور، لتجد مستقرّاً في حوصلة طير أخضر، يسرح في الجنّة بسرور، ثمّ يعود لقنديله المعلّق بعرش الرّحمن.

هناك.. حيث آمل أن تجد هذه الرّسالة مكاناً لها بين يدين؛ حملت إحداهما السّلاح، والأخرى أمسكت بكتاب الله عزّ وجلّ، وإن وصلتْ إلى الشّخص الّذي أقصد - وأرجو الله أن يكون في المكان الّذي نحسبه فيه حيّاً يُرزق - فلتفتحها يداه الكريمتان، ولتبدأ العينان بالقراءة: إلى الشّهيد عبد العزيز الرّنتيسي.. إلى صقر حماس.. هنيئاً لك الشّهادة!

          أحببت أن أهنّئك، وأهنّئ نفسي والعالم كلّه بذكرى غالية، عزيزة على قلوبنا، وهي مرور خمس سنوات على عرس من أعراس الشّهادة، أقامته عزّة لرمز من رموز البطولة على أرضها الطّاهرة...

في ذلك اليوم.. خرجت عزّة بجسدك المزكّى بدم الشّهادة، تحمله على أكفّ الامتنان لقائدها البطل، الّذي دأب مع إخوانه على حماية ثراها وثرى فلسطين من شراذم أرادت تدنيسه، بعدما علمت أنّه طاهر مقدّس...

في ذلك اليوم.. زفّت غزّة البطل الّذي رابط على أرضها مع إخوانه، متحدّين الطّاغية الّذي أراد اقتلاعهم منها، كما تُقتلع الشّجرة الرّاسخة من جذورها، ولمَ ذلك كلّه؟ ولماذا أنتم بالتّحديد؟ لا أرى حالهم وحال طغيانهم إلا كحال قوم لوط إذ قالوا ما أخبرنا به الله تعالى: {...أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} (82) سورة الأعراف. ولكن هيهات هيهات! أنّى لشجرة عظيمة أن تقتلع من مكانها، بعدما تزوّدت بما تحتاج للتأصّل بقوّة فيه؟!

نعم.. لقد خرجت غزّة تزفّك، لكن إلى أين؟؟؟؟؟ ربّما تيقّنت من وجهة مسيرها بك عندما رأت ابتسامة متلألئة تتبدّى من ثغرك، لا بل ربّما أدركتْ تماماً إلى أين تزفّك حينما شاهدت أبناءها يركضون بجسدك الطّاهر، وكأنّك تكلّمهم من فوق أكتافهم: عجّلوا يا إخوتي! أسرعوا بي حتّى ألقى وجه الرّحمن! فلم أعد أطيق الانتظار!

بلغنا ما عانيته مع أحبابك وإخوانك حين كنت في الحياة الدّنيا، الأسر، ثمّ الأسر، ثمّ الأسر، عانيت الإيذاء والتّعذيب، لاقيت قسوة ما بعدها قسوة، فمن يصدّق مكوثك أربعاً وعشرين ساعة في الثّلاجة؟! وما أظنّك خرجت بعدها إلا مطمئنّاً بالإيمان، كائداً أعداءَك، قاهراً جبروتَهم وطغيانهم. أمضيتَ جُلَّ اعتقالك في المنفردة، وما أظنّك فيها إلا مستأنساً بالرّحمن، محقّقاً عكس ما يريد أعداؤك. كما بلغنا محاولات الّتي باءت بالفشل، أولئك السّذج ما عرفوا أنّ روحك بيد الله تعالى، ولن يَمسّوك بأذى ما لم يشأ ذلك ربّ العباد. ومع كلّ هذا الألم، ورغم ما أذاقوك من عذاب، فلا شكّ أنّ آلام تلك السّنين امتزجت بذكريات جميلة، مليئة بحلاوة الإيمان، وذكر الله تعالى مع الأصحاب. فمن أروع ما بلغنا إتمامُكَ حفظَ كتاب الله عزّ وجلّ، عندما كنت مع الشيخ المجاهد ”أحمد ياسين“ - رحمه الله - في زنزانة واحدة. فاسمح لنا أيّها الطّبيب أن نفتخر بإرادتك وعزيمتك رغم ما قاسيت، فقد كنتَ مؤمناً بأنّ فلسطين لن تتحرّر إلا بالجهاد في سبيل الله.

أتذكر أيّها البطل عبارة قلتـَها يوماً؟ هذه العبارة الّتي أثبتتْ إيمانك بعدل الله ونصره، لقد قلت: "والله الّذي لا إله إلا هو.. لتدفعنّ الثّمن باهظاً يا شارون!". وها قد أبرّ الله بقسمك، ودفع شارون الثّمن باهظاً، ولا زال يدفعه إلى اليوم. لقد أصبح عدوّك شارون عبرة، لكن لا كباقي العبر، شارون مات يا رنتيسي، لكنّه لم يمت، شارون دخل المشفى منذ سنين، وما زال ماكثاًً فيه، حيّاً ميتاً بآن واحد، شارون أصبح آية للنّاس، شاهد العالم هيئته قبل موته، ويشاهدها اليوم بعد موته........

 

العالم يشهد التّشابه بين من قال: أنا ربّكم الأعلى بلسانه، وبين من قالها بحاله، ولا نعلم أيّها الشّهيد البطل، ربّما حقّاً سيستمرّ شارون آية كفرعون إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، الله هو العالم بما سيؤول إليه حال هذا الطّاغية.  

أذكر تماماً اليوم الّذي طمأنني فيه الله عنك، وأشعرني أنّك بخير ونعيم، والله لا أنسى ذلك اليوم؛ لشدّة فرحي بما رأيت، فقد رأيتك في منامي تخرج ممّا يشبه البئر، وكأنك خارج من قبرك، وما خرجت بكفن، بل بثياب الشّهادة، نعم.. بثياب أدركتُ حين رأيتك أنّها ثياب شهيد، لا كفن ممّا يُكفّن به الموتى عادة. وبعد أن خرجت واقفاً، الْتفتَّ نحوي بهدوء، لأرى على وجهك ابتسامة تفيض بشراً وسرورا، وبعدها عدتَ إلى المكان الّذي خرجتَ منه. لم أفهم معنى تلك الإشارة، فكلّ ما شعرت به أنّ ربّي ألقى في قلبك راحة وطمأنينة. لكنّني بعد أن سمعت ذلك الخبر، نعم والله! لا أنسى ذلك اليوم، عندما سمعت وقتها خبر سقوط شارون، وسررت بذلك الخبر كما سُرّ به غيري، أدركت تماماً معنى رؤياي الّتي رأيت، عرفت أنّ ابتسامتك تلك هي تعبير عن اطمئنان قلبك بهذا الانتقام المميّز، فقد أخزى الله عدوّك، وما أرى ذلك إلا إبراراً من الله لقسمك حين قلت: "والله الّذي لا إله إلا هو.. لتدفعنّ الثّمن باهظاً يا شارون!".

قد علمنا آخر ما ودّعت به زوجك وأهلك حين خرجت من البيت يوماً، خرجت تنشد: "أن تدخلني ربّي الجنّة..... هذا أقصـى مـا أتمـنّى" لتلقى في ذلك اليوم آخر ساعة قدّرها الله لك، نرجو الله أن يكون قد حقّق لك أقصى ما تمنّيت؛ جنّة الخلد والنّعيم، وإن كان ذاك؛ فهنيئاً لك يا سيّدي، هنيئاً لك أيّها الطّبيب، هنيئاً لك أيّها القائد البطل، هنيئاً لك يا أبا محمدّ، هنيئاً لك جهادك، هنيئاً لك نضالك، هنيئاً لك المرّ الّذي ذقته في الحياة الدّنيا، وأسأل الله أن يكون لسانك اليوم قائلاً:"ما رأيت شرّاً قطّ". وأرجوه أن يجمعنا بك في أعلى عليين، مع الأنبياء والشّهداء والصّديقين.

 

 

 التعليقات: 2

 مرات القراءة: 3439

 تاريخ النشر: 16/04/2009

2009-04-17

مخلص

رحمه الله تعالى و أسكنه فسيح الجنان ... فعلا كان الرنتيسي رجلا لا كالرجال ، وهو من مفاخر الأمة في هذا العصر ، كما كان شيخه أحمد ياسين عليه الرحمة والرضوان ..

 
2009-04-16

موساوي عبدالحليم

تحية إلى غرباء اليوم ...إلى الأشراف قادة حماس الفلسطينية،

 

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

Query Error
MySQL Error : Query Error
Error Number: 145 Table './risalnet_vcount1/vietcounter_usersonline' is marked as crashed and should be repaired
Date: Tue, April 16, 2024 14:06:07
IP: 3.145.23.123
Browser: claudebot
Script: /article1.php?tq=2081&re=693&tn=711&br=2084&tr=2081&rt=2081&try=1&ft=1&rf=703&tt=2079&rt=2081&rf=703&tm=2081
Referer:
PHP Version : 5.5.38
OS: Linux
Server: LiteSpeed
Server Name: risalaty.com
Contact Admin: info@risalaty.net