::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> دراسات وأبحاث

 

 

هذه دعوتنا.. دعوة الإسلام

بقلم : عاطف الفيومي  

 

 

أولاً: ماذا تعني الدعوة الإسلامية؟ وما حقيقتها..؟

ماذا تعني الدعوة الإسلامية..؟؟، وما هي حقيقة هذه الدعوة..؟؟، وماذا تحمل من حقائق ومعاني..؟؟ وماذا فيها من عقائد وشرائع وتصورات...؟؟.

     الدعوة الإسلامية: تعني الدعوة إلى الإسلام دين الله الحق، المنزل من عند الله تعالى، الذي أرسل به جميع أنبيائه ورسله، هداية للعالمين ورحمة لهم، وعلى رأسهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي اصطفاه الله لهذه الدعوة والرسالة الخاتمة لجميع الدعوات والرسالات: ((وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً..الآية)).

والدعوة الإسلامية تعني إقامة شريعة هذا الدين في الأرض، وإقامة عقائده وشرائعه ومبادئه وأخلاقه. كما أنها تعني صياغة الحياة البشرية كلها بصبغة الربانية والعبودية لله تعالى وحده لا شريك له ، كما قال تعالى: ((قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين))، وقال تعالى: ((أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه...الآية)) .

نعم صبغة قائمة على عبوديتها لله وحده وإيمانها بكتبه ورسله، عبودية قائمة على إفراد الخالق المعبود بالخلق والأمر: ((ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين))، عبودية لا تتجه إلا على أصول العقيدة والتوحيد، ولا تقوم إلا على الحق والإيمان، فلا عقيدة تستقر في القلوب إلا عقيدة الإيمان بالله والإيمان برسله، والإيمان بكتبه وشرائعه، والإيمان بالبعث بعد الموت والدار الآخرة دار الجزاء الحق، ولا شريعة تحكم الحياة البشرية وتقوم مسيرتها، وتهذب أخلاقها، وتصلح مجتمعاتها، وتبني سياستها واقتصادها، وحربها وسلمها، إلا شريعة هذا الدين الحق.. لأنه الدين المنزل من عند الله وحده، فليس من دين غيره يقبل عند الله كما قال تعالى: ((إن الدين عند الله الإسلام..الآية)). وكما قال أيضاً لمن اعتقد ديناً يدين به سواه: ((ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين))؛ ولأنه الدين الذي ارتضاه لها: ((ورضيت لكم الإسلام ديناً..الآية))، ((ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)).. ولأنه الدين الذي ضمنه الله تعالى كل جوانب السعادة والهداية في الحياة الدنيا وفي الآخرة: ((فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى)).. ولأنه دين الحق الجامع لكل مظاهر الحياة البشرية وفق منهج الله تعالى، الشامل الكامل والصالح لكل زمان ومكان:  ((لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم أفلا تعقلون)).

فالدعوة الإسلامية دعوة إلى الإسلام نفسه، دعوة إلى إنقاذ البشرية من الهلاك والضياع والتيه في الظلمات، والسير في ركب الشيطان وأتباعه، ودعوة إلى تحقيق سيادة ملك الله في الأرض وفي دنيا الناس: ((أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ))(إبراهيم:5). ودعوة إلى قيادة البشرية بمنهج الله تعالى الخالد الباقي إلى يوم الدين، وإفراده سبحانه بالعبادة والتشريع دون من سواه من المخلوقات.

ودعوة لبناء النفس والإنسان الصالح لإقامة خلافة لله في الأرض، ودعوة لتحرير النفس البشرية من رق العبودية والذلة لغير خالقها، تحريرها من سلطان الشيطان عليها بكيده ومكره، وتحريرها من الخوف من ذوي السلطان والطاغوت الذين لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، وتحريرها من تقديس الذات والمال واللهث وراء أعراض الدنيا الفانية القليلة، وتحريرها من الخوف والطمع إلا في خالقها وموجدها سبحانه وتعالى.

ودعوة لتزكية الأنفس والقلوب بمعرفة خالقها والتقرب إليه والطمع في رحمته وجنته، ودعوة للتصدي للشيطان الرجيم ومكائده وحبائله، والوقوف أمام فساد أتباعه وأعوانه الذين يتملقون البشرية ويلهثون خلف الشهوات الكامنة، واللذات المحرمة، ولا يراعون لها أدباً ولا حرمة ولا كرامة، ودعوة لبناء مجتمع رباني نظيف قائم على رعاية الآداب، وحفظ الحرمات.

إنها ليست دعوة لقمع البشرية واستعبادها، والسيطرة على مقدرات الشعوب وأقواتها، ونهب أموالها وممتلكاتها، كما فعلته في القرون المتأخرة الشيوعية الخبيثة المادية، بأفكارها ومعتقداتها الإلحادية الكافرة، أو كما تفعله أمريكا وأوربا بمباركة وتخطيط يهودي صليبي ماكر، أو حتى ما يفعله أرباب الأموال والثروات من الهنود واليابانيين والصينيين.

كما أنها ليست دعوة للخروج على حكم الله وشريعته، بدعاوى التقدم والعلم والانفتاح العلمي أمام البشرية مما يجعلها ليست في حاجة إلى شريعة تحكمها ولا دين ينظم شؤون حياتها.. كما أنها ليست دعوة مستمدة من العقل والفكر البشري القاصر عن إدراك حقائق الأشياء، ولا الوصول إلى جميع مدلولاتها ليصوغ لها قوانين بشرية في شتى مجالات الحياة، ثم يحكمها فيها ويقول لها هذا هو القانون العصري الذي يتناسب مع طبيعة هذا الزمان.

كما أنها ليست دعوة أيضاً للتعدي على آداب الإنسان وحياءه وحرماته، وليست دعوة للفوضى والإباحية والفواحش والمنكرات على حساب شريعة الله والآخرة، لكنها دعوة ربانية طاهرة، تسمو بالإنسان إلى حيث هو عند الله من التكريم والرفعة، وتسمو بأخلاقه وآدابه فيرتفع بإيمانه بالله، على دنايا النفس وحب الشهوات واللذات التي تقودها كثيراً إلى الهلاك والخسران.

وهذه المعاني كلها جمعتها هذه الدعوة، التي هي بحق دعوة الإسلام، لأن الإسلام دين الفطرة الذي يولد عليه كل مولود: "كل مولود يولد على الفطرة"، وهذه الفطرة تعني أن الكون والإنسان لم يخلقا عبثاً ولا هملاً كما أخبر سبحانه وتعالى في كتابه: ((أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق))، وكما قال في موضع آخر: ((أيحسب الإنسان أن يترك سدى)).. بل وبالغ سبحانه في نفي العبث واللهو في الخلق والأمر عن نفسه فقال تعالى: ((وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين، ما خلقناهما إلا بالحق)).

فالكون والإنس والجن، والنجوم والأفلاك، والجبال والبحار، والسماوات والأرض جميعاً، خلقها الله تعالى لحكمة جليلة، وغاية نبيلة، كما أخبر تعالى: ((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون))، إنها غاية العبودية لله تعالى وحده لا شريك له، وهذه غاية الوجود الإنساني والبشري على هذه الأرض.

ومن هنا كانت الدعوة إلى هذه الغاية الربانية الجليلة، هذه معاني وملامح الدعوة الإسلامية التي أنشأها الله تعالى على يد نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه الأطهار رضي الله عنهم.

 

ثانياً: وقفات على طريق الدعوة:

 

- طريق طويل شاق:

الدعوة طريق طويل شاق، تبذل فيه النفوس والأرواح والمهج، طريق على جانبيه كلاليب وخطاطيف، تشد السائر إليها شداً، وتجذبه جذباً، ليس كما يقع في بعض النفوس، من أنه طريق معبد، طريق زاه على جانبيه الورد والزهور..كلا. هذا فهم بعيد عن حقيقة هذا الطريق الذي لا يسير عليه، إلا ثلة من أهل الصدق والإيمان، ولا يثبت عليه إلا من خالط الإخلاص قلبه، وتمكن اليقين نفسه، وأبصر الجنة أمام عينيه، ليس كل أحد يصلح لطريق الدعوة والإيمان، وليس كل أحد من الناس، يختار لنفسه السير في هذا الطريق الطويل الشاق إلا من اصطفاه الله وهيأه، ..نعم، حقيقة ثقيلة على النفس لكنها حقيقة، وهذا هو ما أخبر به الله تعالى في كتابه العزيز بقوله تعالى: ((اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ))(الحج:75) وبقوله تعالى: ((وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)) (القصص:68).

وهذا الطريق جعله الله رفعة وعلواً في الشأن والمكانة لأهله كما قال تعالى: ((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ))(فصلت:33). كما جعله سبحانه تصفية للصف المسلم، وتمييز الخبيث من الطيب، والصادق المؤمن من المنافق الكاذب كما قال تعالى: ((ألم، أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ، أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ، مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ)) إلى قوله تعالى: (( َمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاء نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ، وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ))(العنكبوت:1-11).

فهذا الطريق، لا تصلح فيه الدعاوى المجردة عن الصدق واليقين والمتابعة لله ورسوله، لأن هذا الطريق سالت عليه الدماء، ومزقت فيه الأشلاء، وأوذي أهله أشد الإيذاء، فقد أوذي فيه نبي الله نوح، واستهزئ بصالح، وكذب موسى، وقتل يحيى وزكريا، وسجن يوسف، وألقي إبراهيم في النار، ورفع عيسى إلى السماء، وأوذي النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وسالت من قدميه الدماء، ولكن صبروا وثبتوا وأيقنوا بنصر الله لهم قال تعالى: ((وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ)) (الأنعام:34)، وقال تعالى: ((لَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ)) (الملك:18). وقال تعالى: ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ))(إبراهيم:5)، وقال تعالى: (( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ))(الروم:47)، وقال تعالى: ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ))(الحديد:26). وقال تعالى: ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ، حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ، لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ))(يوسف:109-111).

 

- طريق واضح:

وهذا الطريق لا بد فيه من الوضوح والصفاء، الوضوح الذي يزيل اللبس والغموض، ويبين معالم الطريق وأهدافه وغايته، وضوح ليس فيه التواء، وليس فيه تدليس على أحد، كلا.. قال تعالى: ((قلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) (يوسف:108) ، إنه طريق على بصيرة.. بصيرة في كل ما لديه من مقومات ومبادئ... وبصيرة في عقائده وتشريعاته... وبصيرة في أخلاقه وعباداته... وبصيرة في حياته ومعاملته... وبصيرة في حربه وسلمه... وبصيرة في نومه ويقظته... وبصيرة في ولاءه وبراءه... وبصيرة في جميع شؤونه وتوجهاته، إنه طريق لا يعتريه النقص ولا الخلل، ولا يشوبه الأهواء والبدع، ولا تؤخره العقبات والمحن، إنما هو على بصيرة.

إن الوضوح في المنهج يعني: صحة العقيدة.. وصحة العبادة.. وصحة السلوك.

فالعقيدة فيه واضحة لكل أحد، فلا تقديس ولا عبودية لأحد سوى الله تعالى، ولا شركاء في حكمه وشرعه، الذي هو أمره ونهيه، فهو الواحد المعبود صاحب الخلق والأمر قال تعالى: ((أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ))(الأعراف:54) وقال سبحانه: ((أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ))(الشورى:21).

والعبادة فيه واضحة، فلا ذبح ولا نذر، ولا قربان ولا تعبد، ولا شيئاً من ذلك إلا لمستحقه سبحانه: ((قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ))(الأنعام:162-163).

والتزكية فيه والأخلاق واضحة، فلا تستقيم النفس إلا بهداه، ولا تسعد إلا بسلوك الطريق إليه الذي أراده لها كما قال تعالى: ((إِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى))(طه:123)، وقال تعالى: ((وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا))(الشمس:7-10).

وقد جمع الله لنا في كتابه كثيراً من الأخلاق الفاضلة، فمنها في وصف عباد الرحمن وبيان صفاتهم وأخلاقهم قوله سبحانه: ((وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا * وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا * وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا * وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتابًا * وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا * أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَمًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا)) [الفرقان: 76،63].

والتشريع والحكم فيه واضح، فليس لأحد مع الله قول، ولا تشريع ولا حكم، ولا تحليل ولا تحريم كما قال تعالى: ((أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)) (المائدة:48).

وأمر سبحانه بحكمه وحده دون متابعة الشركاء والأهواء، وحذر من مخالفة ذلك بقوله تعالى: ((وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ))(المائدة:49).

كما أنه لا يبدأ فيه في البناء والتغيير من القمة، وإنما يبدأ فيه من القاعدة المسلمة، من خلال تغيير الأنفس أولاً قبل تغيير الحكومات والأنظمة البشرية كما قال تعالى: ((إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ))(الرعد11).

كما أنه ثابت في عقيدته ومنهجه في جميع مراحله وتوجهاته، لأن العقيدة التي فيه لا ينتقل منها إلا غيرها، إنما ينتقل معها إلى غيرها، لأن العبادة والسلوك والمعاملات لا تقوم إلا على عقيدة تؤسسها أولاً، ثم تستمد المنهج والتشريعات منها، وإن تركها والإعراض عنها في أي مرحلة، يشكل نوعاً من الغبش واللبس والغموض، ونوع من الكفر والفسوق والظلم، فالحكم بما أنزل الله عقيدة وتشريع فمن ترك أحدهما دخل في نوع من المخاطرة على عقيدته كما قال تعالى: ((وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ)) (المائدة:49)، وكما قال تعالى: ((وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)) (المائدة:44) وقوله: ((وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) (المائدة:45) وقوله: ((وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ))(المائدة:47). وغاية كل هذا الوضوح والجلاء، تعبيد الناس لله وحده، وإقامة جميع مظاهر العبودية له دون ما سواه من الشركاء والآلهة والأنداد كما  قال تعالى: ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)) [الذاريات: 56]. فأخبر سبحانه أن الحكمة من خلق الجن والإنس: هي قيامهم بعبادة الله، والله غنيٌ عن عبادتهم، وإنما هم المحتاجون إليها لفقرهم إلى الله تعالى، فيعبدونه على وفق شريعته، فمن أبى أن يعبد الله فهو مستكبر، ومن عبده وعبد معه غيره فهو مشرك، ومن عبده وحده بغير ما شرع فهو مبتدع، ومن عبده وحده بما شرع فهو المؤمن الموحد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «العبادة: هي اسمٌ جامعٌ لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة»أ هـ.

وهذه العبادة توقيفية: بمعنى أنه لا يشرع منها إلا بدليل من الكتاب والسنة، وما لم يشرع يعد بدعة مردودة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» أي مردود عليه عمله، لا يقبل منه بل يأثم عليه، لأنه معصية وليس طاعة، ثم إن المنهج السليم في أداء العبادات المشروعة هو الاعتدال بين التساهل والتكاسل، وبين التشدد والغلو، قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ((فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)) [هود: 112]، فهذه الآية الكريمة فيها رسم لخطة المنهج السليم في فعل العبادات.

ومبنى العبادة في الشريعة الإسلامية يقوم على قاعدتين هامتين:

الأولى: ألا يعبد إلا الله وحده.

الثانية: ألا يعبد إلا بما شرع على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.

فالعبودية لله تعالى هي غاية الوجود الإنساني في الحياة الدنيا، وقد تعرض القرآن الكريم لها وبين ما اشتملت عليه من المقامات العالية، وأشار القرآن إليها في كثير من آياته، ودعا إليها، وحث عليها، ومدح أهلها القائمين بها وبحقوقها، وأثنى بها على أنبيائه ورسله عليهم السلام، ووعدهم بالأمن يوم القيامة من الفزع والأهوال، وبالفوز بجنات النعيم في دار الخلود الأبدي، ومن ثم أمر بها عباده الصالحين، بدءًا من الأنبياء والمرسلين، وشرعها لهم ولأتباعهم من بعدهم، وأمرهم بالإخلاص فيها، وجعل دعوتهم جميعًا إليها: وهذه النصوص القرآنية توضح كل ما أشرنا إليها إيضاحًا تامًا شافيًا: كما قال الله سبحانه: ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)) [الذريات: 56]، وقال سبحانه: ((وَاعْبُدُوا اللهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا)) [النساء: 36]. وبهذه العبادة أرسل جميع الرسل كما قال نوح لقومه: ((اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)) [الأعراف: 59[ . وكذلك قال هود وصالح وشعيب وغيرهم عليهم السلام لقومهم. وقال تعالى: ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ)) [الأنبياء: 24]، وقال عز وجل: ((إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)) [الأنبياء: 92[ . وقال أيضًا لرسوله صلى الله عليه وسلم: ((وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)) [الحجر: 99] واليقين هنا هو: الموت. كما وصف سبحانه ملائكته وأنبياءه بالعبودية فقال تعالى: ((وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ* يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ)) [الأنبياء: 20،19]. وقال عز وجل: ((إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ)) [الأعراف: 206]. وقال سبحانه وتعالى: ((وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)) [غافر: 60].

إن تقرير حقيقة العبودية في حياة الناس يصحح تصوراتهم ومشاعرهم, كما يصحح حياتهم وأوضاعهم, فلا يمكن أن تستقر التصورات والمشاعر, ولا أن تستقر الحياة والأوضاع, على أساس سليم قويم, إلا بهذه المعرفة وما يتبعها من إقرار, وما يتبع الإقرار من آثار عندما تستقر هذه الحقيقة بجوانبها في نفوس الناس وفي حياتهم يلتزمون بمنهجه وشريعته ويستشعرون العزة أمام المتجبرين والطغاة, حين يخرون لله راكعين ساجدين يذكرونه ولا يذكرون أحدًا إلا الله تصلح حياتهم وترقى وتكرم على هذا الأساس.

إن استقرار هذه الحقيقة الكبيرة في نفوس المسلمين وتعليق أنظارهم بالله وحده, وتعليق قلوبهم برضاه, وأعمالهم بتقواه, ونظام حياتهم بإذنه وشرعه ومنهجه دون سواه.. في هذه الحياة.. فأما ما يجزي الله به المؤمنين المقربين بالعبودية العاملين للصالحات في الآخرة, فهو كرم منه وفضل في حقيقة الأمر وفيض من عطاء الله.

 

- طريق منتصر:

نعم، فمع كل ما ذكرنا من طوله وعقباته، إلا أنه منهج منتصر، منهج له الحكم والسيادة مهما طال الزمان، واشتدت المحن، ورصدت العقبات، منتصر... لأنه من عند الله، ومنتصر... لأنه منهج الله، ومنتصر... لأنه كلمة الله هي العليا أبداً ودائماً، ومنتصر... لأنه منهج معصوم لا يعتريه الخطأ والزلل، ومنتصر... لأنه يملك كل مقومات البقاء، وكل مقومات الظفر والاستمرار والنصر.

نعم إن المستقبل القريب لهذا المنهج الرباني، وهذا وعد الله تعالى ولا ريب كما قال تعالى: ((كتب الله لأغلبن أنا ورسلي))، ((وإن جندنا لهم الغالبون))، ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)).

المصدر: القلم

 

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 3024

 تاريخ النشر: 02/08/2009

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 1161

: - عدد زوار اليوم

7397379

: - عدد الزوار الكلي
[ 58 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan