::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> أقلام نسائية

 

 

تسعة أشهر وتاج الوقار ...

بقلم : ديمة محمد ديب هديب  

تسعة أشهر .. أقل .. أو أكثر .. مضت ..

تسعة أشهر .. كفيلةً بأن يتغيرَ فيها وجه الدنيا أو أن يشتدَّ المخاضُ ويُلقي لنا بمن يفتحُ عينيه ويصرخُ الصرخةَ الأولى التي ستتكررُ كثيراً في هذه الحياة إما بأمل أو بألم ..

تسعة أشهر .. يمرضُ بها أصحاء ويَصح مرضى ويتكلمُ أطفال ويُسكِتُ المرضُ كباراً عن الكلام ؛ تُفتح فيها عيونٌ على هذه الدنيا وتُغلق فيها أخرى ..

تسعة أشهر .. كافية بأن ننجزَ فيها أعمالاً كثيرةً وهامة .. فكيف كانت هذه الأشهرُ بالنسبة لنا وما حققنا فيها ؛ ليس كلامي هنا لمحاسبتنا على تقصيرنا فصاحبة هذا القلم أولُ المقصرين ولكنَّ كلامي للتشبه بأناس .. نعرفهم ونحبهم ومضت عليهم تسعة أشهر ؛ كانت غريبة .. مؤلمة .. محزنة .. لكنها مثمرة ..

تسعة أشهر مرت على العدوانِ على غزة .. غزةَ الصمود .. غزةَ الكبرياء .. غزة العزة ..

ليست الآن الذكرى السنوية للعدوان على غزة أو بكلمة أعمق وأصدق :

" انتصار غزة "

لكنَّ ما دفعني لخطِ هذه الأحرف وشجعني لهذه الوقفة مَعَ الذات قبلَ الغير ما شاهدناه على شاشاتِ التلفاز خلالِ الفترة الماضية عن هؤلاء الأبطال والنجوم ( ولست أقصد بالتأكيد نجوم المسلسلات فقضيتي هنا أكبرُ من هذا بكثير) ، لن أتكلمَ عن معاناتهم في المستشفيات فقد أنَّتِ الجراحُ حتى تعبَت من الأنين ولن أعرِّجَ على فقدانهم للدواء في شهر الصيام مع عظيم حاجتهم للدواء وللصيام معاً ولا أحب إجراءَ مقارنةٍ في موضوع افتتاح المدارس بين من حَمل إلى مدرسته عشرات الدفاتر والأقلام وبين من أمضى الأسبوعَ الأول في المدرسة وهو يبحث عن وريقاتٍ يخطُّ عليها ما تعلمه ولا يجدُ في مكتبات غزة بسبب ....

مع هذا فهم صامدون .. متعلمون .. فائزون .. ناجحون في الحياة ..

سرٌ غريبٌ وغامض أبحث له عن إجابة فمع هذه المعاناة كلها ترى التقدم والنجاح والتميز والنهضة الفكرية والعلمية ؛ كيف ذلك ؟!

بقي هذا السؤال حبيس عقلي طيلة الفترة الماضية وفي كل مرة كنت أحرره قليلاً عندما أدرك جزءاً من الإجابة إلى أن عرفتُ السبب منذُ وقتٍ ليس بالبعيد ..

                                        }  إنه القرآن  {

عرفتُ السبب .. بعدما شاهدتُ حفلاً لتكريم عشرةِ آلاف حافظ وحافظة للقرآن الكريم ؛ ما شاء الله ! عددٌ كبير في فترة قصيرة مليئة بالحرب والدمار والخراب ؛ كيف استطاعوا الحفظ ؟؟ لا .. بل كيف استطاعوا النصر ؟؟

إنه القرآن .. الدستورُ الخالد والمنهجُ الثابت من تمسكَ به فقد هُدِيَ إلى صراطٍ مستقيم وكان نصيبه الفوزُ بالدنيا والآخرة ومن اتخذهُ منهجَ حياةٍ فَنعمَ الحياةُ تلكَ التي سيحياها .. ويا لروعةَ الأيامِ التي سيقضيها ..

كتابُ ربي .. ما ضاعَ من تمسكَ بكَ وعاشَ بكَ و لكَ ومِن أجلك

كيف لا ينتصرونَ وقد اتخذوكَ منهجا ؟

كيف لا يثبتون وكلُّ ما فيك يثبتهم وينيرُ لهم دربهم ؟

كيف لا يفرحون وبشراهم بالنصرِ والجنة مسطورٌ أمامهم في آيات القرآن ..

ها هم خرجوا من حصارين وما خرجنا إلا من حصارٍ واحد فقد خرجوا من حصارِ العدو ومن حصارِ الشيطان ودخلوا في حفظِ وكنفِ الرحمن .. لو لم يحيوا بالقرآن لما أحياهم الله لهدفٍ يعجز عنه الكثيرين ..

تحتَ القصفِ وتحتَ الرمادِ وتحتَ الركامِ وبجانبِ صورِ الشهداءِ من الآباءِ والأمهاتِ والأزواجِ والزوجاتِ والأبناء ؛ تحتَ وطأةِ ذلكَ كلهِ تعلقتِ القلوبُ بكلامِ ربِ العالمين حفظاً وقراءةً وسنداً إلى حبيبنا وشفيعنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم ..

أعطَوه من وقتهم مع حاجتهم للوقت ولم تكن حُججهم واهيةً كحججنا ..

لم يهجروه مع أنهم هجروا بيوتهم ومدارسهم وهدِّمت مساجدهم ؛ ولكنا هجرناه مع أن أماكننا ما زالت كما هي ..

كبيرهم وصغيرهم تعلَّم وحفظ فالأمر عامٌ وشامل وليس لعمر دونَ آخر ؛ فأكبرُ من حفظ من الأخوات عمرها خمس وستون سنة ومن الأخوة واحد وستون سنة وأصغرُ من حفظ طفلين عمر كل منهما ثمان سنوات فقط ولم يقتصروا على ذلك فسبحان من يفتحُ على قلوب ويغلق أبصارها ولكنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوبُ التي في الصدور؛ حتى المكفوفين كان لهم نصيبٌ من هذا النصر فكان من بينهم عددٌ من المكفوفين أتموا حفظَ كتابِ الله .. فأين المبصرين بالعيون والقلوب ..

هؤلاء قد حازوا على تاج الوقار ونحسبهم والله حسيبهم ولا نزكي على الله أحدا ..

هم أهلُ القرآن .. أهلُ الله وخاصتهم .. هذا هو سرهم وهذا هو سبب سعادتهم وفلاحهم ونجاحهم ؛ كان لا بدَّ لهذا النجاحِ من مددٍ من الله ونصرٍ مؤزر ويبقى الأخذُ بالأسباب هو العامل الأساسي في ذلك كله ..

إنه القرآن ..

 هل أحببناه ؟ وهل عشنا من أجله ؟ هل عكسناه على حياتنا العملية وأحيينا به الأمة..

لقد استطاعوا بتسعة أشهر صنع شيء عظيم تحيا وتحلو به الحياة من جديد ..

فلنحيَ بالقرآن شعارنا القديم الجديد كي نكون على درب الحبيب سائرين ولهؤلاء الدعاة إلى الخير مرافقين ...

فلن يكون لنا الأقصى ولن تكون لنا العزة إلا إذا انتهجنا نهجَ غزة في حب القرآن وحفظه وجعله نبراساً ومعلماً وهادياً ..  

عندها سيعودُ لنا الأقصى وتعودُ لنا الأراضي العربية المحتلة جميعها ..

ستعودُ .. فقط  بكلامِ ربي وتطبيقِ شرعه في الأرضِ والبلادِ والعباد ..

و ستحيا الأرض من جديد بالقرآن ....

 التعليقات: 1

 مرات القراءة: 3172

 تاريخ النشر: 27/09/2009

2009-09-28

روعة

السلام عليكم ورحمة الله : سلمت يداك أختي على الأضاءات جميلة.........تسعة أشهر مرت على العدوانِ على غزة .. كيف استطاعوا الحفظ ؟؟ لا .. بل كيف استطاعوا النصر ؟؟ نعم نحن موقف يحصل معنا يشغلنا طوال الوقت ونفكر فكيف وهم يعانون أضعاف ما نعاني ومع ذلك يلتجئون إلى الله ويحفظون كتابه لأن القرآن هو دستور النصر والعزة نسأل الله أن يكرمنا في حفظ القرآن ويبارك لنا في أوقاتنا ويعود الأقصى وعزة الأمة الإسلامية من الجديد وجزيت خيراً والسلام عليكم.

 

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 2037

: - عدد زوار اليوم

7406611

: - عدد الزوار الكلي
[ 71 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan