::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> أخبار ونشاطات

 

 

دموع الابتسامات

بقلم : محمد بدوي  

كذلك هو قدَر الابتسامات؛ لا يأتي إلا بعد أميال من الصعوبات، تمامًا كما أن المنح لا تولد إلا من رحم المحن، وكما أن الراحة لا تأتي إلا بعد عبور جسر من التعب، وأن الذين يعملون للآخرة لا تحتفل بهم الدنيا ولا أهلها.

هذا ما ينطبق تمامًا على قافلة "أميال من الابتسامات" الإغاثية والوفد المرافق لها، الذي اختار لها هذا الاسم تحديدًا في محاولة لرسم بعض الابتسامات على وجوه أطفال غزة وزرع الأمل في قلوب المعاقين حركيًّا والمحاصرين من قِبل الاحتلال، من خلال إغاثتهم بقليل من الأجهزة الطبية والتعويضية، إلا أنه يبدو أن البعض يستكثر عليهم هذه الابتسامات!

فمن غير الطبيعي أن تقطع القافلة طريقها من ميناء "هامبورج" الألماني التي انطلقت منه في 28 سبتمبر الماضي إلى قطاع غزة في أكثر من أربعين يومًا؛ ومن غير المبرَّر أن تعامَل القافلة بكل هذا الجفاء، لتظل عالقة في مدينة بورسعيد على مدى 23 يومًا انتظارًا لموافقة السلطات المصرية التي أصرت على شحن الأجهزة التعويضية على بواخر شحن إلى ميناء العريش بدلًا من شحنها برًا، رغم عدم تأهيل ميناء العريش لاستقبال سفن الشحن الكبيرة، وهو ما تسبب في تكبد القافلة خسائر مالية وصلت إلى نحو 60 ألف دولار، بحسب القائمين على الحملة.

وتعمدت القافلة أن تكون موادها الإغاثية عبارة عن مساعدات إنسانية طبية لأطفال ومعاقي غزة فقط، حتى لا يتم التذرع من قِبل أي أحد بأي حجج لمنع وصول المساعدات إلى القطاع كما حصل سابقًا مع كثير من المساعدات التي أحضرها متضامنون مصريون وعرب وأجانب، إلا أنها تعرضت لمضايقات أكثر، في رسالة - ربما - لمن يفكر أن يأتي بعدها، حتى لا يفكروا بالمجيء مرة أخرى في قوافل الخير والتضامن مع غزة.

مساعدات الحملة الإغاثية مقدمة من عدد من المؤسسات الخيرية الأوروبية، تضم 110 حافلات مجهزة ومحملة بلوازم طبية ومعدات خاصة، بالإضافة إلى مئات من الكراسي المتحركة لذوي الاحتياجات الخاصة الذين تضرروا في العدوان الأخير الذي خلف الكثير ممن فقدوا بعض أطرافهم وأجزاء أخرى من أجسادهم، ومن بينها 50 سيارة تحمل مستلزمات مدرسية ونحو 150 حاسبًا آليًا للمدارس التي تم استهدافها أثناء الحرب الأخيرة على غزة.

الحملة يشرف عليها منظمة "شركاء من أجل السلام والتنمية" البريطانية، بالتعاون مع الحملة الدولية لكسر الحصار عن غزة، التي يرأسها الدكتور سليم الحص، رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، ويرافق القافلة 115 متضامنًا أوروبيًّا، وممثلو مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية من 9 دول أوروبية، وتناقص هذا العدد إلى أقل من سبعين جراء الإجراءات البيروقراطية والمتعنتة، واضطرار العشرات منهم إلى العودة إلى أعمالهم والتزاماتهم.

كل هذه القيود المفروضة على دخول وخروج الأفراد والبضائع من وإلى قطاع غزة تعدُّ خرقًا لأبسط مبادئ الإسلام وجميع الأديان ومبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي الذي يحظر العقاب الجماعي، وحصار المدنيين وحرمانهم من حقهم في شراء الغذاء والدواء والوقود والسفر للعلاج بالخارج.

وتبقى لمثل هذه القوافل أهمية بالغة، ليس فقط في قيمتها المادية، وإنما لأنها تعني إرادة الجماهير الدولية في رفض الحصار الظالم المفروض على الشعب الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، ورفض مسوغات الحصار غير المنطقية والمفتقرة لأبسط المعايير والقيم الإنسانية.

وفي الختام نجد أنفسنا أمام تساؤلات تفرض نفسها علينا؛ لماذا ولمصلحة مَن تُعامَل القوافل الخيرية بهذا الأسلوب؟ وهل من المقبول أن يتم معاملة ضيوف مصر بهذه الطريقة؟ وهل المسئولون المصريون يقبلون هذه الممارسات بحق أهل الخير؟ ثم ما هو ذنب المتضامنين مع المحاصرين؟ أليس من المفترض أن الهدف الخيري والإنساني الذي جاؤوا من أجله يشتركون فيه مع مصر من أجل التخفيف من معاناة أهلنا في غزة؟ وبالتالي فلهم الحق في أن يعامَلوا معاملة أفضل، ولو مثل التي يلاقيها فريق كرة قدم أجنبي أو فريق من المطربين والمطربات؟!.

 

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 2793

 تاريخ النشر: 15/11/2009

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 872

: - عدد زوار اليوم

7459195

: - عدد الزوار الكلي
[ 56 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan