::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> مساحة حرة

 

 

المـــدُّ القــادم ...

بقلم : سهير علي أومري  

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « يوشكُ الأُمَمُ أنْ تَدَاعَى عليكم كما تَدَاعَى الأَكَلةُ إلى قَصْعَتِها، فقال قائل : من قِلَّة نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير، ولكنَّكم غُثاء كَغُثَاءِ السَّيْلِ، ولَيَنْزِعَنَّ الله مِنْ صدور عدوِّكم المهابةَ منكم، وليقذفنَّ في قُلُوبكم الوَهْنَ، قيل : وما الوْهنُ يا رسول الله ؟ قال : حُبُّ الدُّنيا، وكراهيَةُ الموتِ » أخرجه أبو داود.

 

صدقت يا سيدي يا رسول الله... صدقت يا سيدي يا حبيب الله... صدقت...

 

-       لكأني بك وأنت تقول لأمتك هذا الكلام تنظر إلى ما يجري لنا هذه الأيام من تكالب الأمم علينا...

-       لكأني بك يا رسول الله ترى اتفاق أمم الغرب على اقتسام أمتنا وكأننا إرث ورثوه عن أجدادهم.

-       لكأني بك وأنت تقول ما قلت تنظر إلى اتفاقية سايكس بيكو... تنظر إلى فرنسا وهي تحتل أرضنا وأرض لبنان ودول المغرب العربي، تنظر إلى بريطانيا وهي تحتل العراق ومصر والأردن، تنظر إلى إيطاليا وهي تنزل قواتها في أرض ليبيا.....

-       لكأني بك ترى بلفور وهو ينظر بعين الرضا لإقامة وطنٍ قومي لشعب إسرائيل على أرض فلسطين....

-       لكأني بك ترى جيوش أمريكا ومن معها ومن يدعمها من قوى الغرب تدكّ حصون العراق ومن قبلها أفغانستان...

-       لكأني بك يا سيدي ترى قوى الأمم تنزل أساطيلها وتقيم قواعدها عند بحور الذهب الأسود في أراضينا.

-       لكأني بك يا حبيب الله ترى أمم حقوق الإنسان والرفق بالحيوان تبرر كل اعتداء على أمة الإسلام، وكل انتهاك لحرمات المسلمين على أنه مكافحة للإرهاب ونشر للحق والعدل والحرية.

-       لكأني بك وأنت تقول هذا الكلام ترنو إلى حالنا بعد ألف وأربع مئة وثلاثين عاماً، فترى بحور دماء أطفالنا ونسائنا تسيل أودية فتجلو حقائق المكر ونوايا الكيد الطامحة إلى فنائنا... إلى زوالنا... إلى نهب مواردنا واقتسام خيراتنا....

 

أيكون هناك تداعٍ علينا أكثر مما نرى حولنا، وقد غدونا فريسة لذيذة تدور حولها الوحوش الضارية وهي تكشر عن أنيابها ويسيل لعابها... أنخدع أنفسنا فنقول: لا إنهم ليسوا وحوشاً إنهم قوى متعددة الجنسيات جاؤوا لحفظ الأمن في ربوع بلادنا... جاؤوا لتطبيق قرارات مجلس الأمن –مجلس أمنهم طبعاً- أنخدع أنفسنا ونقول: إنهم ليسوا وحوشاً.... إنهم دولُ عالمٍ متمدنٍ متحضرٍ يريدوننا أن نصبح أكثر عدلاً وأكثر حرية وأكثر إنسانية... أنخدع أنفسنا ونظن أن هؤلاء أوصياء الرب في أرضه –كما ينعت بوش الراحل نفسه- أوجدهم لينشروا في الأرض السلام ويجعلوا الناس يعيشون بحرية وأمن واستقرار... أنمدُّ أكفّنا لنصافحهم ولعاب أفواههم يسيل على أيدينا!! أَظَنَنَّا عندما رأينا أنيابهم أنهم يكشرون لنا مبتسمين!! أنسينا قول الشاعر:

إذا رأيت نيوب الليث بارزة    فلا تظنن أن الليث يبتسم

 

أنثق بنواياهم ونتأمل في تغيُّر حكامهم!!.... ما الفائدة في كون قيادتهم حمراء أو صفراء أو بيضاء أو حتى سوداء؟ ما الفائدة ونحن غثاء كغثاء السيل؟ ما الفائدة إذا كانت مهابتنا قد نُزعِت من قلوبهم؟ ودبَّ الوهن في قلوبنا، فأحببنا الدنيا وركنا إليها وكرهنا الموت وخشينا ذكره!!

 

أإذا كنا على هذه الحال كيف يكون الحل؟ أيكون يا تُرى بأن نحاور هذه الأمم ونحاورهم ونحاورهم ثم نحاورهم.... فنجوب الأرض شرقاً وغرباً ونجلس معهم على طاولات المباحثات محاولين أن نقنعهم بحقوقنا ومدى الظلم الذي لحق بنا! أتكمن المشكلة فيهم في تكالبهم علينا وطمعهم فينا؟ أم تكمن فينا في خلودنا إلى الدنيا والسعي لها وترك الآخرة والعمل لها!! أنقوم للمرض نريد زواله متناسين مقدماته وأسبابه!!

وإنني إذ أردت أن أسلط الضوء على حقيقة نعيشها وواقع مظلم يحوط بنا فإنني لم ولن أكون ممن يقبل الظلمة ويقضي حياته يلعنها، بل سأبقى بإذن الله ما حييت أتلمس خيوط النور من حولي لسبب بسيط هو أن النور موجود... أجل موجود شاء من شاء وأبى من أبى... موجود بأمر الله الذي تعهد أن يحفظ هذا الدين بحفظ دستوره وكتابه... موجود ببشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قال: "ليبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل الله به الكفر" رواه أحمد

 

وليس علينا إلا أن نفتح الأقفال التي كبّلنا بها عقولنا وقلوبنا لتتلقى هذا النور الذي سيمنحنا العزيمة والهمة والإرادة، فنقوم لنغير ما بأنفسنا ليتغير الواقع من حولنا... لنقيم دولة الإسلام فينا عندها ستقام في أرضنا.... لنحب الموت ونسعى للقاء الله كما يحب أعداؤنا الحياة ويسعون للاستزادة من نعيمها... يومها ستهابنا الأمم، وتحسب ألف حساب قبل أن تتداعى علينا وتفكر في النيل من خيراتنا... وهذا اليوم قادم... قادم لا محالة... ويومها لن نكون غثاء كغثاء السيل أبداً بل لن نكون حتى سيلاً صافياً جارفاً... بل سنكون مدَّاً عظيماً... أجل سنكون مدَّاً عظيماً يعلو ويعلو.. يحمل معه كل دماء الأبرياء التي سفكت على تراب غزة، وكل زفرات الثكالى من نساء غزة، وكل دموع اليتامى من أطفال غزة، وكل آهات الجرحى من أهل غزة، وكل صرخات العجز والغضب والألم من كل مسلم رأى ما حدث في غزة... سيعلو هذا المدّ ترفعه نوايا مخلصة واستعداد صادق لإعلاء راية هذا الدين....

 لذا فإنني أتوجه إليك أيتها الأمم المتداعية علينا من كل حدب وصوب مهما كانت ألوانكم وشعاراتكم ومسمياتكم أقول لكم: إن عدوانكم وظلمكم وجبروتكم كان وسيكون الوقود الذي يحيي إرادتنا ويوقد هممنا، فيقرب بعيداً قضيتم حياتكم تخافونه، فاحذرنا احذرونا....

احذروا المـدَّ القـادم... لأنه آتٍ... آتٍ... وكل آتٍ قريب....

24 – 1- 2009م

 

 


 التعليقات: 1

 مرات القراءة: 3398

 تاريخ النشر: 24/01/2009

2009-01-28

الصبحين

سبب الضعف لدينا : هو الركون إلى الدنيا ، وعدم حب الموت كحب الآخرين للحياة ( كلا ؛ بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) فلا عمير يقول : بخٍ ..بخٍ ! ولا خالد يقول : لانامت أعين الجبناء... تنتصر المقاومة في لبنان ، وفي غزة ، وفي أفغانستان ، وفي الشيشان ؛ عندما نعير جماجمنا لله، ولا ننام وفي عنقنا دين لأحد : مادي أو معنوي.... المقال رائع جداً أخت سهير ، وأنتِ دائماً عند حسن الظن ....بل أكثر!

 

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 1009

: - عدد زوار اليوم

7402487

: - عدد الزوار الكلي
[ 64 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan