::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> مقالات متنوعة

 

 

رحيل الدكتور (شوقي أبو خليل) المؤرخ والباحث المفكر

بقلم : علاء الدين آل رشي  

علاء الدين آل رشي

المدير الإعلامي في مركز الناقد الثقافي

 

رحيل الدكتور شوقي أبو خليل المؤرخ والباحث المفكر

وقد اختاره المولى عز وجل إلى جواره

مساء الثلاثاء 14 رمضان الرحمة والمغفرة 1431هـ

الموافق 24 آب الحزين 2010م

وقد استقر في ليّن ترابه وافداً على الرب الكريم

ظهر اليوم التالي في مقبرة بئر التوتة

بجبل المهاجرين

 

لا يسعنا الدخول في تفاصيل الجدل الذي كان يثيره المؤرخ والباحث المرحوم الدكتور شوقي أبو خليل، فقد عدّ بعض النقاد مؤلفات المرحوم - الدكتور شوقي - تمريناً بلاغياً تُنافس فيه أناقةُ الكتابة غزارةَ العلم الوافر ودقائق التحليل، كما تتسم اللهجة التأليفية -لأبي خليل-  بالنضالية والمسحة الانفعالية الوعظية، إلا أنه ومع ذلك كله حَظِيَ المرحوم الدكتور شوقي أبو خليل بشهرة واسعة في التاريخ والفكر الإسلامي وأضحت الكثير من مؤلفاته مما تناقله طلاب العلم والبحث على الرغم من وجود تلك الملاحظات!!!

يبقى السؤال كيف كان يواجه الدكتور شوقي المشكلات؟

وهل كانت نزعته موضوعية قائمة على الفكر والتجرد أم على حب التراث وعشقه؟

كتب الدكتور شوقي أبو خليل غالب مؤلفاته بنفس خطابي ونبرة شجية مؤثرة، وكان يعمد إلى كتب التراث فيجري صقلها وتلميعها، وبذلك يكسبها مزيداً من الانتشار والقبول أيضاً لفكرته.

وإذا كان كل (امرئ ابن زمانه) كما قال هيغل فإن المرحوم الدكتور شوقي أبو خليل عالج في كثير من كتبه شبهاً تثار وحاول أن يندد بكل ما يسيء إلى قسمات هويته ومعتقده.

نشأ الدكتور شوقي في مدرسة العلامة المرحوم الشيخ أحمد كفتارو، ويبدو أن تأثير الشيخ كفتارو ظل حاضراً في العقل الباطن للدكتور شوقي على الرغم من انفصال واستقلال د. شوقي، إلا أن جُلَّ كتاباته تَستخدم الأسلوب الكلاسيكي الذي يقمع الهرطقة، وقد صدر له في هذا المجال (الإسلام في قفص الاتهام)، حقق هذا الكتاب حضوراً كبيراً على الرغم من أن البعض رفضه لمجرد عنوانه، واعتبروا تسميته عدواناً على حرمة الدين لكونه وضع الدين في قفص الاتهام.

لاحظ الدكتور شوقي أن الوعي الثقافي الغالب مكبل بقيود راكدة أو مبهور بتعاليم وافدة، وهذا الإحساس الداخلي حفزه على استصدار جملة من المؤلفات التي كانت بياناً واضحاً في التاريخ والفكر.

كانت الرغبة في الجدل على درجة من القوة والوضوح في كثير مما كتبه الدكتور شوقي يرحمه الله، ومع هذا فلم يكن موفقاً في كل حواراته وبالأخص مع  الدكتور محمد شحرور.

ويمكن تلخيص الأخلاق العلمية لدى الدكتور شوقي بجملة واحدة هي (احترام مقدسات الأمة والدفاع عن تاريخها)، وقد كان جريئاً في نصب الموازين ومناقشة (كارل بروكلمان) و(فيليب حتي) و(جورجي زيدان) وغيرهم، وكان مشبعاً في كل منازلاته بالشواهد التراثية والمحاكمات التي يؤمن بها.

يظهر قلم المرحوم أبو خليل في هذه السلسلة كريشة كاتب غاضب متوتر، ويستشف القارئ التحيز حتى من خلال الاستطرادات التي تجعل من هذه السلسلة رسالة معدة للإرسال؛ تتجاوز المناظرة الكلامية ضد كاتب أو نص إلى التنكيل بالمحاور.

يعد الدكتور شوقي من أوائل الكتاب في سوريا الذين تحدثوا عن التأمل والإعجاز في الخلق والتكوين وأصدر كتاباً موجزاً ممتعاً (غريزة أم تقدير إلهي).

لا ريب أن الأسلوب الذي انتهجه الدكتور شوقي لم يكن متداولاً أو معروفاً في الوسط الديني الذي نشأ فيه، وقد كان للمرحوم كتابات في التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية، وكل هذه المؤلفات تحكي بسالة وشجاعة وأصالة الأجداد، وقد كان موفقاً في كثير منها.

إن الأطباء ينصحون بعدم وضع اليد على القروح؛ التي لا تقبل الشفاء حتى لا تتفاقم الحالة، إلا أن الدكتور شوقي كان جريئاً فقد لامس الممنوع من الاقتراب وعمد على القرآن الكريم فكتب (أطلس القرآن) ومن بعد (أطلس السيرة النبوية) ومن ثم (أطلس الحديث النبوي) وأخيراً (أطلس الفرق).

جمعتني بالمرحوم الدكتور شوقي أبو خليل سنوات عمل في دار الفكر، وقد أتاحت لي فرصة للقاء اليومي به أن أعرف تكوينه الفكري عن قرب، وعلاقته بالثقافة ورموزها، وقد كسب خلال عمله الكثير من المران النفسي على الاعتدال والحوار والجد في التحصيل المعرفي لاسيما الديني.

عمل الدكتور شوقي ضمن فريق دار الفكر لعقود طويلة وقد صدرت غالب كتبه في الدار التي كرمته حياً محتفية به وبفكره.

رحم الله "أبا معتز" الذي منح للقارئ مساحة لاكتشاف الروح من خلال فخره وافتخاره بالحضارة الإسلامية والعربية، وأظهر لنا عشقه لحضارته وهويته وتاريخه، وكان مشغوفاً بالخير وحب الإنسان والحياة.

سكب الله رحمته عليك د.كتور شوقي وعشت حياً خالداً في عالم الثقافة والفكر.

 

 

 

 التعليقات: 4

 مرات القراءة: 3582

 تاريخ النشر: 29/08/2010

2010-10-28

محيي الدين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جئت متأخرا ولكن أن تأتي متأخرا خيرا من أن لا تأتي اللهم لا نقول إلا ما يرضيك إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم ان أشهدك أنه كان انسانا مؤمنا بحق همه الإسلام همه ان تعود الأمة الإسلامية لسابق عهدها بذل حياته في سبيل نشر التاريخ الإسلامي الحق من دون أي زيادة أو نقصان والحمد لله رب العالمين.

 
2010-09-06

طالبة علم

رحم الله شيخي وأستاذي ومعلمي د.شوقي أبو خليل.. كان علماً من أعلام هذه الأمة..كان حب رسول الله عليه الصلاة والسلام ممزوجاً بشغاف قلبه.. كان لا يذكر رسول الله عليه الصلاة والسلام إلا وفاضت عيناه من الدمع حباً به.. رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه..

 
2010-09-05

غسان

رحمك الله ياأستاذنا و نرجو الله أن يجمعنا بك في الفردوس الأعلى رافعاً رأسك لدفاعك عن الحق حتى آخر لحظة في الحياة.

 
2010-08-31

رزان

انا لله وانا اليه راجعون من يعرف الفقيدلا يعزي نفسه فقط بل امة بكاملها

 

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 1319

: - عدد زوار اليوم

7398011

: - عدد الزوار الكلي
[ 65 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan