::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> قطوف لغوية

 

 

على أعتاب الضمير (4): ليست مشكلة!!

بقلم : مكارم زرزر  

 

على أعتاب الضمير (4)
 (ليست مشكلة)
 
لا مشكلةَ مطلقاً لا زلتُ قادرةً على مواجهةِ الحياة ..
لا مشكلةَ إن كانَ وجهي أقسى من صخورها وإن كان قلبي بارداً وروحي مطفئة..
لا مشكلةَ إن لم يعد عندي إلا بقايا من شظايا ألملمها وأصمتُ طويلاً، أسكتُ حتى تتكلم هي وتقولُ لي : رشا أنا حياتك.. أنا أنتِ واقعكِ وقدركِ المحتوم..
هيا البسي هذا الوجه وركِّبي ذاكَ القلب وودعي تلكَ الروح.. ماتت أحلامكِ علقي نعيها ولا تنسي ختمها.. بحروفٍ خرجت من فمِ من ظلمكِ أو ظلمتيه فأنتما شركاء..
_ ماما أينَ بابا لماذا لا يأتي؟! لماذا نبقى هنا ولا نذهبُ إلى بيتنا؟! أسنبقى دائما هنا؟! وبابا ألم يعد يحبنا؟! والله لن أزعجه ثانية..
_ براء.. بابا يحبك َكثيراً ولكنه مشغول ونحن سنبقى هنا وسوفَ ترى أبوكَ طبعاً وتذهب معه إلى الحديقة وتفعل ما تريد صدقني لن يتغير عليك شيء..
هكذا مضت أيامُ رشا بين أفكارٍ تدورُ بها شرقاً وغرباً وبين شكوى طفلها ودعاءِ أمها على طليقها وقهرها على حظ ابنتها الرديء..
وفي اليوم السابع لطلاقها..
_ أمي لقد قررتُ أن أرفعَ دعوى على مازن أريدُ أن آخذَ كل حقوقي منه وسأبحثُ عن عمل وأكمل دراستي..
_ ما شاءَ الله عليك أتظنينَ الدنيا من تحتِ أمرك أو نسيت وضعكِ الجديد؟ أم تحبين أن يتكلم عنا جميع الناس؟؟
_ أمي أنا لا آخذُ موافقتكِ.. أنا أبلغك فقط!
_ والله إذن خذي موافقة والدك.. صحيح كما ما يقول المثل: ( هَمُّ البنات للممات)
_ والله لماذا لم تلدي الصبيان إذن.. لكانت حياتكم بلا همٍ أو غم..
وفي بيتٍ آخر يرن هاتف
_ أهلاً وسهلاً.. أهلين أم سعد..
_ كيف حالك أم ظلال؟
_ والله قلبي معكم ماذا حدث مع هذه المسكينة.. إنها لا تستحق كل هذا..
_ إنه قدرنا.. قسمة ونصيب أريد خدمة من بنتك وكما يقول المثل (الذي تعرفه أفضل ممن تتعرف عليه) وابنتك ما شاء الله جيدة..
_ كيف؟ إنها لم تتخرج بعد!!
_ ولكن هيَ تعمل عند محامي كبير ومشهور في البلد..
_ تكرم عينك وعين رشا
_ مع السلامة
_ الله معك
وفي مقهى من مقاهي دمشق اعتادَ مجموعة من الشبابِ المثقفين إنفاق أوقاتهم وصحتهم؛ ووسطَ غيمةٍ من الدخانِ في ضجيجٍ وضحكِ يعانق قبابَ السماء كانت ظلال تدخن الشيشة العربية الأصيلة وتطرح الأفكار الغربية الحديثة وهاتفها النقال يصدر موسيقى.. أمها على الجانب الآخر
فكرت "يا إلهي.. أهلي يعني سأكذب"
_ أهلا أمي أين سأكون بالجامعة أم تظنيني في نزهةٍ ما أو مقهى مثلاً؟! ماذا تريدين أسرعي لقد قطعتِ علي المحاضرة.. أف أف منكِ مئة مرة قلتُ لكِ لا علاقةَ لي بعلاقتكم المريضة أبعديني عنكم أرجوك ثم يوجد في البلد ألف محامي لا أستاذي فقط.. والأمر ليس مستعجل نتكلم بالمنزل.. باي باي
أغلقت الهاتف بعصبية وضيق..
"آه لو كنتُ في أوربا أنا بحالي وأنتم بحالكم.. لا أم وأب وأسرة.. اتركونا نعيش نتنفس دعونا لشأننا أرجوكم"
وفي نفس الليلة تذهب عائلة أبو سعد إلى بيت أهل ظلال من أجلِ نفس الموضوع حيث يقطن أبو ظلال وأسرتها في الطابق الثالث من البناء ذاته.. وتحدد ظلال لرشا موعداً عند الأستاذ حسان في اليوم التالي وقبل ذلك..
_ ظلال كيف عملكِ هل أنت سعيدة بدراستك؟!
_ انظري يا رشا السعادة تنبع من الداخل وهناك مصانع تصنعُ السعادة في أمريكا اخترعوا عقاقير تجلب السعادة والسرور تصوري!!
أخفت رشا ضحكة مكبوتة في فمها و تساءلت في نفسها: "متى جنت بنت جيراننا ظلال؟!"
فهمت ظلال ما يدور في رأس رشا؛ لستُ مجنونة يا صغيرتي الحمقاء :جال هذا في خاطر ظلال ورسمت علائم للؤم على وجهها وقالت لها..
_ أنتِ مسكينةٌ يا رشا لذلك سأساعدك أراكِ غداً في التاسعة في أسفل السلم..
 
الأستاذ حسان محامٍ ناجحٌ ومشهور رجلٌ تجاوزَ الخامسةَ والأربعين بقليل ثري ذو شخصية تلمعُ ليلاً وتضيء نهاراً أنيقٌ بكل تفاصيله فكرٌ متنقل وثقافةٌ لا حدودَ لها كالمحيط..
هو من كوَّن لظلال برجها العاجي الغربي وهو من قالت له: أحبك..
 
 

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 2929

 تاريخ النشر: 10/02/2011

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 530

: - عدد زوار اليوم

7450453

: - عدد الزوار الكلي
[ 35 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan