::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> كلمة المشرف

 

 

إرشادات وتوجيهات للامتحانات

بقلم : الشيخ محمد خير الطرشان "المشرف العام"  

 

بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما، وافتح علينا فتوح العارفين، ووفقنا توفيق الصالحين، واشرح صدورنا، ويسّر أمورنا، ونوّر قلوبنا بنور العلم والفهم والمعرفة واليقين، واجعل ما نقوله حجة لنا، ولا تجعله حجة علينا برحمتك يا أرحم الراحمين.
        سأتحدث عن أهمية الامتحانات في هذه المرحلة التي يخوض فيها أبناؤنا غمار الامتحان...
        لماذا ندرس؟ ولماذا نمتحن؟ ولماذا كل هذا التعب والعناء؟؟ أليس الذي جعل الشوارع نزهته، والأرصفة قهوته، والطرب منتهى أحلامه، أليس في راحة وهدوء بال؟؟؟ فلم كل هذا العناء، دراسة، وجهد، وسهر، ثم امتحان؟؟ هل الهدف من الدراسة هو الحصول على الشهادة لتُعَلَّق على الجدار؟ أو أن الهدف هو المفاخرة والمباهاة لأن فلاناً من أبنائنا قد درس وتفوق ونال الشهادة العليا؟ أو أنه مجرد ملءٍ للفراغ وإشغال للوقت، أو نوع من التسلية والترفيه؟ أو أن الهدف هو التحصيل لوظيفة مرموقة؟ أو الفوز بكرسي دوّار؟ أو الحصول على سيارة ذات نمرة متميزة؟ أو أنه منصب نسعى له، وحُظوة اجتماعية نتلهف لها، وحفلات نتصدّرها، ومكاسب نحقّقها؟؟؟
        ما الهدف من الدراسة؟ وما الهدف من الامتحانات التي يخوضها أولادنا في مختلف سني أعمارهم، وفي مختلف المراحل التي يحصّلونها، سواء الأولى منها أو العليا؟؟ لا شك أن الامتحانات أمر لا بد منه، وهي تعكس حقيقة التفوق والدّراسة والوعي والانتباه الذي يقضيه أبناؤنا خلال العام الدراسي.

^

 كلمة "امتحان" بمعناها الدقيق:
نخطئ كثيراً حينما نصوّر لأبنائنا أن هذه الامتحانات هي أهم شيء في الحياة، وننسى أن ندلّهم على أن هناك امتحاناً حقيقياً هو الوقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى؛ حيث تنكشف الأمور على حقيقتها، ويقف الإنسان أمام الله تبارك وتعالى متجرّداً عن منصبه، وشهادته، وأمواله، ووضعه الاجتماعي والوظيفي..... ليُحاسَب أمام الله سبحانه وتعالى عن كل صغيرة وكبيرة ارتكبها، أو في المقابل ليُجازى ويُعطى العطاء الحسن على كل عمل صالح قدّمه وكان به من الفائزين والنائلين رضوانَ الله سبحانه وتعالى. الله سبحانه وتعالى يقول:[]...وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا[] سورة الكهف (49).
        هذا هو المفهوم الدقيق لكلمة "الامتحان"؛ والذي علينا أن نربطه في أذهان أولادنا؛ لكي يَجمعوا بين امتحان الدنيا وامتحان الآخرة.

^

 إرشادات وتوجيهات لأبنائنا الطلاب الذين يخوضون غمار الامتحان:
هناك نصائح وإرشادات لا بد أن أتوجه بها إلى أبنائنا الطلبة بشكل خاص، أُجْمِلُها بشكل دقيق وسريع، ومن أهم هذه النصائح والإرشادات:
أ- تقوى الله عز وجل:
نذكر أنفسنا وإياكم بأن العلم يحتاج إلى تقوى الله سبحانه وتعالى. قال تعالى:[]...وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ[] سورة البقرة (282). فالعلم مشروط بالتقوى، والتقوى أمر أوصى به الله سبحانه وتعالى بقوله:[]...وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ[] سورة النساء (131). فمدار كل شيء في الدنيا والآخرة الفلاح، والنجاح مداره وأساسه تقوى الله سبحانه وتعالى، والطالب حينما يقصد تحصيل العلم النافع فما عليه إلا أن يسعى إلى تقوى الله سبحانه وتعالى.
وتقوى الله أن نجعل وقاية بيننا وبين ما لا يرضي الله سبحانه وتعالى، وأحد التعاريف الكثيرة لمفهوم كلمة التقوى: أن يجدك الله حيث أمرك وأن يفقدك حيث نهاك. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اِتَّقِ اللهَ حيثُما كنت".سنن الترمذي. أي حافظ على تقوى الله سبحانه وتعالى في كل أحوالك وأزمنتك؛ فإن تقوى الله سبب للخروج من أي ضيق أو أزمة يقع فيها الإنسان. قال تعالى:[]...وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3)[] سورة الطلاق. ويقول سبحانه في آية أخرى:[]وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا[] سورة الطلاق (4).
فلنعمل على تقوى الله سبحانه وتعالى ما استطعنا إلى ذلك من سبيل، كما أمرنا ربنا تعالى بقوله:[]فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ...[] سورة التغابن (16). أي احرصوا على تقوى الله قدر استطاعتكم، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
ب- الإقبال على الله في الأحوال كلها، لا أيام الامتحانات فقط:
كثير من أبنائنا يُقبِلون على الصلاة في فترة الامتحانات، ربما يحافظون عليها، وربما يبلغون درجة أرقى من ذلك؛ فتجدهم في صلاة الفجر خلف الإمام يسألون الله سبحانه وتعالى، ويبتهلون إليه، ويدعونه أن يشرح صدروهم، وييسر أمورهم، ويفتح عليهم، وينور قلوبهم، فإذا ما انتهى الامتحان عادوا لما كانوا عليه، وكأن العبادة لها موسم ثم تتوقف، وكأن التعرف على الله سبحانه وتعالى له أيام محدودة ثم يتوقف.
أيها الإخوة! لا نريد أن نكون ممن ذكرهم الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بقوله:[]وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ[] سورة الحج (11). فلا يجوز ولا يصح في حال من الأحوال أن نكون ممن يقبل على الله سبحانه وتعالى في الأزمات، وعند الملمات، وعندما يدلهم الخطب، ويشتد الأمر، وتقبل المصائب، فنقبل على الله عبادةً وذكراً واستغفاراً وصلاةً ودعاء، وحين تنتهي هذه المهمة أو المشكلة أو الأزمة التي نعيشها إذا بنا نعود إلى حياتنا الطبيعية، ونغط في نوم عميق.
علينا معشرَ الطلاب أن نوازن في قضية العبادة وإقبالنا على الله سبحانه وتعالى    في كل حياتنا، وأن تكون كل أيامنا مشتملة على تقوى الله سبحانه وتعالى والتعرف عليه. وقد ورد في المأثور: "تعرّفْ إليه في الرخاء يعرفْك في الشدة". مسند أحمد. فالصلة بالله سبحانه وتعالى ينبغي أن تكون على الدوام وبشكل مستمر، وليس فقط عند الأزمات أو عند الوقوع في المصائب.
إذاً هذه وصية مهمة نوصي بها أبناءنا الطلاب: أنهم إذا أقبلوا إلى العبادة وإلى الصلة بالله وإلى تحريك قلوبهم نحو الله سبحانه وتعالى، عليهم أن يستمروا في هذا الحال، فإنه سر انشراح الصدور، وسر التفوق الدراسي والعلمي، وسر القبول عند الله سبحانه وتعالى.
جـ- تهيئة غرفة الدراسة تهيئة جيدة:
لا شك أن التحضير الجيد للامتحان هو الذي يؤدي إلى هذا التفوق الذي نبحث عنه، ونسعى إليه كثيراً في حياة أبنائنا ومستقبلهم الدراسي والامتحاني. من أهم الأسباب في التحضير الجيد للامتحان أن تهيئة غرفة الدراسة تهيئة جيدة. بعض الطلبة يعتمد أثناء المذاكرة على استماع الموسيقى، أو يفتح التلفزيون وهو يقرأ، والله تعالى يقول:[]مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ...[] سورة الأحزاب (4). فكيف يركز ويحفظ المعلومة جيداً وهو يصغي إلى الموسيقى؟! وخاصة إذا كانت صرعة هذه الأيام الموسيقى الغربية الصاخبة التي توتر أعصاب الإنسان، وتصرفه عن التركيز والطمأنينة! فلنحذر مثلَ هذه الأمور، ولنجهز غرفة المذاكرة، سواء كان في المسجد، أو في البيت، أو في المكتبة، أو في أي مكان آخر.
ء- المذاكرة والمراجعة في حالة صحية:
بعض الطلاب يذاكر مستلقياً، وبعضهم يدرس منبطحاً، فإذا به يستغرق وتسترخي أعصابه فينام. هذه الطريقة في الدراسة ليست صحيحة ولا مثالية، ولْيعتمدِ الطالب أثناء المذاكرة والمدارسة والمراجعة أن يكون بيده قلم من الحبر أو من الرصاص. رحم الله الشيخ "علي الطنطاوي". يقول في مذكراته أنه تعود منذ نعومة أظفاره أن يكون بيده قلم الرصاص إذا قرأ، فكلما مرت به مسألة مهمة يضع تحتها إشارة، ويدوّن على الهامش رمزاً أو كلمة ترمز إليها. هكذا ترسخ المعلومة في الذهن وتستقر، ويستطيع الطالب أن يعود إليها في كل لحظة.
هـ- المشي أثناء الحفظ:
المشي جيد ومجرب، ونافع للحفظ، ولو داخل البيت، احمل أيها الطالب كتابك بيدك، وامش في البيت وأنت تذاكر وتحفظ؛ فقد ثبت علمياً أن المشي يساعد في تركيز المعلومة في الذهن والذاكرة والحافظة.
و- النوم مبكراً ليلة الامتحان:
وعدم المبالغة في السهر، وأخذ قسط وافر من الراحة؛ لأن كثيراً من المعلومات التي درسها الطالب أو الطالبة، وحضّرها في ذهنه يعتمد استرجاعها واستحضارها على راحة الجسد واسترخاء الدماغ بشكل خاص، فإن كان الجسد متعَباً ومرهَقاً، والدماغ مشوشاً مضطرِباً نتيجةَ السهر الطويل الذي يتلف الأعصاب، وخاصة إلى ما قبيل الفجر؛ فكيف يستحضر الطالب الامتحان الذي يبدأ عادة في الساعة الثامنة صباحاً تقريباً؟؟ كيف يستحضر الإنسان المادة العلمية التي درسها وهو قد نام قبيل الفجر أو بُعيده؟؟
ز- المحافظة على صلاة الفجر والدراسة في الصباح الباكر:
من النتائج السيئة التي تنتج عن سهر بعض الطلبة إلى قبيل الفجر أنهم ينامون عن صلاة الفجر، ثم يذهبون إلى الامتحان وكأنهم الآن استيقظوا من فراشهم! كيف ينشرح صدره ويكون قلبه وعقله منوراً وقد ضيّع الفريضة المهمة التي تقسم فيها الأرزاق بعد أداء صلاة الفجر؟؟ فإذا صلى الإنسان الفجر، وانتظر قليلا ليقرأ أوراده وتسبيحاته إلى أن تطلع الشمس، هذا الوقت هو وقت البركة، ووقت توزيع الأرزاق، والأرزاق ليست فقط أرزاقاً مادية، وإنما هناك أرزاق للعقل، والفهم، والبركة في الحياة. فليحرص أبنائنا على أداء صلاة الفجر في أوقاتها، وخاصة مع الجماعة.
ثم إن أفضل الأوقات لتخزين المعلومات في الذاكرة هو وقت ما بعد صلاة الفجر. فاحرص يا أخي الطالب أن تدرس بعد صلاة الفجر، وأن تظل مستيقظاً إلى ما بعد أداء الامتحان.
ح- تلاوة القرآن الكريم قبل الذهاب إلى الامتحان:
ولو لمدة عشر دقائق فقط، سواء قراءة أو إصغاء؛ لأن القرآن الكريم يعطي الطمأنينة، ويشرح الصدر، ويروح القلب ويصله بالله سبحانه وتعالى. فليحرص أبناؤنا على قراءة ولو صفحتين من كتاب الله سبحانه وتعالى بهدوء، مع تفكر وتذكر وصلة قلب مع الله سبحانه وتعالى.
ط- الحرص على بر الوالدين وطلب الدعاء منهما:
وذلك قبل الامتحان وفي أثنائه وبعده، وأن يكون دعاء الوالدين لأولادهما هو الأصل الذي ينبغي أن يحرصوا عليه، فلا يخرج الطالب من بيته إلا وقد كسب رضا والديه وبرهما، وقبّل أيديهما، وسألهما الدعاء. فإذا ما ذهب الولد إلى جامعته أو مدرسته أو معهده ليقدم امتحاناً، فإنه ينطلق وعيونُ أمه وأبيه تذرفان الدمع، وقلبهما يخفق من أجله وهما يقولان: اللهم اشرح صدره، نور قلبه، اللهم ارض عنه، اللهم سدد قلمه ولسانه، وافتح عليه مغاليق الفهم. هكذا يدعو الأب والأم لولدهما قبل الامتحان وقبل الدخول إلى قاعة الامتحان.
ي- توجيهات عند دخول قاعة الامتحان:
بعض الطلاب إذا دخلوا قاعة الامتحان فإنهم يعتمدون على ذاكرتهم وحفظهم ودراستهم وتحضيرهم، الصواب الأخوة أن الطالب إذا دخل إلى قاعة الامتحان عليه أن يتبرأ من حوله وقوته، وألا يغتر بحفظه وذاكرته ومدارسته وجهده الذي بذله، بل عليه أن يلتجئ إلى الله سبحانه وتعالى، ويتوكل عليه، ويعتمد على توفيقه، وليكثر من الاستغفار أثناء دخول قاعة الامتحان، وليُكثِرْ من قوله: "اللهم إني توكلت عليك" بعد كل دراسة، وإذا أنهى المادة وحفظها جيداً فليقلْ: "اللهم إني استودعك ما حفظت، فردَّه إلي عند الحاجة، اللهم إني توكلت عليك، وتبرأت من حولي وقوتي، والتجأت إليك يا قوي يا متين، اللهم سدد قلمي، وسدد لساني، واشرح صدري، ونور قلبي". هذه الأدعية ينبغي أن يكثر منها أبناؤنا حينما يدخلون إلى قاعة الامتحان.
وإذا بدأ الطالب باستلام ورقة الامتحان فليأخذها بهدوء وطمأنينة، دون اضطراب، ودون عجلة، ولا يبادرْ إلى قراءة السؤال الأخير قبل السؤال الأول كما يفعل بعض المتهورين من الطلبة، فتتشوّش بذلك نفسُه، وتضطرب معلوماته. ابدأ بـ "بسم الله الرحمن الرحيم"، واقرأ الأسئلة بهدوء وطمأنينة، سؤالاً بعد سؤال بعد سؤال، واكتب بخط واضح حسن، ونظم الورقة، وراجع المعلومة، وضع إشارات على الأسئلة التي أجبت عليها، وركز في الإجابة ما استطعت وما لم تستطع تجيب عليه بالمعنى، ثم راجع كل كلمة كتبتها ودوّنتها في مذكرة الامتحان، ونظم وقتك داخل قاعة الامتحان؛ لكي تستفيد من كل ثانية ودقيقة، تستثمرها في قاعة الامتحان دون أن تضيعها وتشتت نفسك، وما درست وحضّرت وتعبت.
ك- حمل مسؤولية ما تعلمناه:
فلنتذكر أننا مسؤولون أمام الله سبحانه وتعالى عن كل صغيرة وكبيرة مما قرأناه وتعلمناه، وأن نعمل بهذا العلم ونطبقه إن كان من العلوم التي لها علاقة بالحياة الدينية، والفرائض، والواجبات، والأخلاق، والفضائل، فنحن مطالبون بالتركيز عليها، فالطبيب علمه أمانة، والمهندس علمه أمانة، والمحامي علمه أمانة، والقاضي علمه أمانة، والمفتي علمه أمانة، فهذه الأمانة علينا أن نحرص عليها ولا نضيعها.

^

 تحذيرات لأبنائنا الطلاب من عادات سلبية تؤثر سلباً في نتائج الامتحان:
أ- الغش قي الامتحانات:
الغش في الامتحانات وسيلة العاجزين، وطريق الفاشلين، وهي صفة قبيحة نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "من غش فليس منا". سنن الترمذي. فكيف يرضى الإنسان لنفسه أن يبدأ حياته العلمية بالغش؟ وإن كان الإنسان قد وقع بذلك فليستغفر الله سبحانه وتعالى، وليعاهده على أن يترك هذه الظاهرة السلبية، وأن يعتمد على نفسه وعلى ما قرأ، وأن يعتمد قبل ذلك كله على الله سبحانه وتعالى وتوفيقه وعونه.
ب- مصاحبة الطالب المجد للطالب الكسول:
احذر يا أيها الأخ الطالب المجد من مصاحبة الكسالى والمستهترين بالدراسة والعاطلين عن العمل، وترفّع عن مجالستهم ومصاحبتهم، وخاصة أصحاب المعاصي والموبقات، والمثبطين للهمم الذين يفترون من همم أبنائنا، ويصحبونهم إلى جادة الانحراف؛ ربما بكلمات، وربما بأفعال، وربما بأهواء يمارسونها كما يفعل بعض من أخفق في دراسته، فهو يحرص على أن يخفق غيره مثلما أخفق هو. فتجنب من مصاحبة هؤلاء، واعتمد على مصاحبة الصالحين والمجتهدين والمتفوقين.
جـ- أحـلام اليقظة:
حيث يفكر الطلاب أنهم أنهوا الامتحانات ونجحوا بتفوق، وهم في الحقيقة ما انتهوا من قراءة الصفحات العشر الأولى من المقرر.
أحلام اليقظة هي مما يُتعب فيه الإنسان نفسه، وهي مضيعة للوقت، وهذا النوع من الأحلام ربما ينفع من يشتغل في الشعر والخيال والقصة والرواية وغير ذلك... أما طالب عنده مسألة رياضيات، أو فيزياء، أو كيمياء... ماذا تنفعه أحلام اليقظة؟؟ وماذا تقدم له إلا تقطيع الوقت وإشغال الفكر بما لا ينفع؟ فعلى أبنائنا أن ينتبهوا إلى هذه المسالة.
ء- تناول وجبة عشاء دسمة ليلة الامتحان:
أحذر أيها الأخوة الطلاب من أن يأكل أبناؤنا ليلة الامتحان وجبة عشاء دسمة؛ فذلك سيدعوهم إلى استرخاء مفاصلهم، وربما أثر عليهم في أثناء الامتحان، فتضطرب أمعاؤهم، ويصبح همهم الخروج من قاعة الامتحان في أسرع وقت؛ لأن حالتهم النفسية قد صارت في حالة سيئة.
هـ- تناول الحبوب المنبهة ليلة الامتحان:
بعض الطلاب يتبع هذه العادة السلبية لكي يدرس ويحضر بشكل جيد.
هذه الحبوب أيها الإخوة تتلف الأعصاب في المستقبل، وقد ثبت أنها سيئة، وليست من باب النصيحة لأبنائنا، فلنحذر من الاعتماد عليها.
و- القلق أثناء الامتحان وعدم الثقة بالنفس:
إياك أخي الطالب وعدم الثقة بنفسك وبمعلوماتك، إياك والاضطراب النفسي الذي يساور بعض الطلاب أثناء أداء الامتحان، لا تجعل لوساوس الشيطان عليك سبيلا، ولا تترك للخواطر السلبية على قلبك أي سيطرة, كالتفكير بالفشل والإخفاق وعدم النجاح.
بعض الطلاب يظن أن الحياة اسودت في وجهه إن رسب في مادة، لا! بل يجب أن يكون التفاؤل والأمل هو من يحذوك، ويدفعك إلى مزيد من النجاح والتفوق في المستقبل إن شاء الله تعالى.

^

 نصائح لأهالي الطلاب الذين يخوضون غمار الامتحانات:
أ- التديّن وترك المنكرات لا يكون فقط أيام الامتحانات:
وهذه المسألة من الأهمية بمكان. عندما يحضر موعد الامتحانات نلاحظ أن كثيراً من الأسر تتجه إلى شيء من التدين على حساب ما كانت عليه في السابق؛ فمثلاً يُمنع الغناء في البيت، وتمنع الموسيقى، وتمنع المسلسلات التلفزيونية، وغير ذلك... فإذا ما صدرت النتائج وكان أولادنا من الناجحين، فبعض الناس يقيمون لأبنائهم الحفلات على الموسيقى والأغاني، ويقيمون الحفلات المختلطة بين الرجال والنساء، ويقعون فيما يُغضب الله سبحانه وتعالى. هذا ليس مساراً صحيحاً لتربية أبنائنا، وسلوكهم السلوك النافع الذي يعودهم على محاسن الأخلاق، والذي يهيئهم لكي يكونوا من بناة الأجيال.
ب- ضبط الحياة البيتية وتنظيمها بشكل دائم لا وقت الامتحانات فقط:
كثير من الأسر إذا جاء موعد الامتحان فإنهم يعيشون حالة من الاستنفار الدائم، تتغير حياة البيت، ويتغير نظامه، وتنضبط الأمور فيه؛ فلا تلفزيون، ولا برامج كمبيوتر، ولا سهر خارج البيت، ولا تسلية، ولا ترفيه، ولا أي شيء مما اعتادته الأسرة فيما مضى...
هذا أمر جيد.. لكن لماذا بعد الانتهاء من الامتحان يعود البيت إلى حالة من الفوضى والخلل الذي كان عليه قبل الامتحان؟؟ ثم كيف نريد لأبنائنا أن يحصّلوا الدرجات العلا ويكونوا من المتفوقين وقد قضوا ثمانية أشهر في حالة من الخلل والضياع والفوضى، والآن نريد أن ننظم حياتهم خلال خمسة عشر يوماً؟؟ إذاً.. نحن - الآباء والأمهات والمربين - من تقع عليه المسؤولية إذا أخفق أولادنا في الامتحانات ولم يتميزوا ولم يكونوا من المتفوقين.
جـ- التخفيف من وطأة الامتحان على أبنائنا وعدم تضخيم هذه المسألة:
كثير من الآباء والمربين والمعلمين يمارسون ضغطاً نفسياً زائداً على الأبناء حينما يقومون بتهويل مسألة الامتحان، ليصبح في نظر أبنائنا شبحاً أو كابوساً، فيتمنى الطالب أن ينتهي منه في أي وسيلة، سواء كتب وحضّر جيداً أم لم يحضّر، تهيأ أو لم يتهيأ، يريد أن يتخلص من هذا الكابوس الذي يسمى الامتحان!
الامتحان بطبيعته لا شك أن فيه صعوبة، وخاصة لمن قصر ونام خلال فترة الدراسة، فلا ينبغي أن نزيد الأمر تهويلاً وتضخيماً على أبنائنا، بل علينا أن ننفّس عنهم، ونهون من هذا  الكرب وهذه المهمة، وأن نفهمهم أن كل إنسان يفترض فيه أن يقدم امتحاناً لما درسه ليختبر معلوماته، وأنّ العبرة في الامتحان هي أن يتابع الإنسان نشاطه العلمي والتدريسي، وعلينا أن نرسخ في قلوب أبنائنا أن هذه الامتحانات ليست هي كل شيء في حياتهم، وأنها ليست المحطة الأخيرة والنهائية، فهناك امتحانات لها دورة ثانية ودورة ثالثة، فمن أخفق في الدورة الأولى يستطيع أن يجدد الهمة والنشاط في الدورة الثانية، وأن يحضر بشكل جيد، وأن الخسارة الحقيقية ليست اليوم، إنما الخسران الحقيقي هو حينما نأتي أمام الله سبحانه وتعالى وليست لنا أعمال صالحة للعرض على الله تبارك وتعالى. الله سبحانه وتعالى يقول: قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين فالخاسر الحقيقي هو من يفرّط في حق الله تبارك وتعالى وفي أداء الواجبات، ويضيع الأوقات، ويضيع ما أمره به الله سبحانه وتعالى، فيأتي يوم القيامة وهو خالي الوفاض.
بذلك نخفف كثيراً من حالات القلق، والاضطراب، والارتباك، وعدم التركيز، بل وقلة النوم التي تصيب بعضاً من أبنائنا، وربما أدت لإصابة بعضهم بحالات من الإغماء أو الغيبوبة نتيجة تفكيره الشديد في الامتحانات، وكأنها أزمة شديدة سيواجهها، أو معركة سيخوضها ربما يفوز فيها وربما يخسر، وإن أحدهم ليكاد يفر من الامتحانات حيث لا يراه أحد نتيجة ضغط بعض الأسر، وممارسة الإكراه عليهم في الدراسة، ونوع من القهر والإلزام، بل والكبت أحياناً حتى يكونوا من المتفوقين.
أسمع أن بعض الأسر إذا جاء أحد أبنائهم الصغار بعلامة (9.5) من عشرة فإن له عقوبة! لماذا ضيعت نصف علامة؟! أمر جيد أن نحرص على تفوق أبنائنا، لكن أن يشعر أبناؤنا دائماً أنهم في قفص الاتهام، وأنهم دائماً ملاحقون وفي حالة تقصير، فهذا ينعكس عليهم سلباً، ويؤثر على تفكيرهم، ولا يجعل نفسيتهم في حالة من الطمأنينة والراحة الدائمة.
فعلينا إذاً أن نخفف من وطأة الامتحانات، وأن نجعل مسألة الامتحانات في نظر أبنائنا أمراً طبيعياً لكن له شيء من الخصوصية، هذه الخصوصية تجعل أبناءنا يقبلون عليها بشيء من الرغبة فيها، وخاصة عندما نذكّرهم بالتفوق وأسراره ونتائجه، وأن لهذا التفوق ثماراً طيبة على أنفسهم، وعلى المجتمع ومستقبله إن شاء الله تعالى.
ء- شحن الأبناء نفسياً وعاطفياً:
ينبغي أن يكون لكل من الأم والأب تحديداً أثرهما الواضح، ودورهما البارز في عملية انتعاش نفوس أبنائنا وأطفالنا القادمين على الامتحانات، وتهيئتهم تهيئة نفسية وعاطفية؛ فالأب الذي يشحن ولده بشحنات عاطفية بين الحين والأخر، فيقول له: ما شاء الله! فتح الله عليك يا بني، ونوّر قلبك، ولا أضاع لك تعباً. والأم التي تقبل على أولادها، فتحضّر لهم طعامهم ولباسهم, وتهيئ لهم الأجواء الدراسية في البيت بعيداً عن الإكراه والقسوة والعتاب، ودون كثير من المراجعة واللوم الذي نسمعه من الآباء والأمهات لأولادهم. هذه جرعات معنوية توقظ أبناءنا، وتهيئهم لأداء الامتحان بالشكل الطيب.
هـ- الدعاء للابن بالتوفيق:
والأحسن من ذلك كله أن الأبوين بعد صلاة الفجر يتوجهان إلى الله سبحانه وتعالى بأن ينور الله قلوب أبنائهم، وأن يسدد أقلامهم وألسنتهم، وأن يعيد إليهم ما درسوه وحفظوه، وما حضّروا له خلال فترة التحضير للامتحان. هذه هي الطريقة المثلى؛ أن يكون للأبوين دور إيجابي.
و- عدم توبيخ الابن إن لم يكن امتحانه جيداً:
بعض الآباء والأمهات حينما يعود الولد من الامتحان ولا يكون قد قدّم بشكل جيد فإذا بهما يقسوان عليه ويوبّخانه قائلين: هذا لأنك لم تدرس جيداً يوم أمس! هذا لأنك سهرت! هذا لأنك فعلت كذا! هذا لأنك... تبدأ عبارات اللوم والزجر والعتاب القاسية التي تجعل الأبناء ينفرون من الدراسة. والعكس هو الصحيح؛ فللأب والأم دور آخر، فيقولان مثلاً: نعم يا ولدي، لا تجعل هذا اليوم هو القاعدة والأساس في حياتك، إن شاء الله سيوفقك الله في المادة المقبلة، ويعطيك القوة والمدد. هكذا نشجع أبناءنا على الإقبال على المادة الأخرى وعلى الدراسة بشكل عام، ونعطيهم جرعة قوية من الحالة المعنوية.

^

 همسة في أذن إخواننا المعلمين المراقبين في قاعة الامتحان:
يفترض بالإخوة المعلمين والمربين والمراقبين في قاعات الامتحان أن يخففوا عن أبنائنا وطأة الامتحان، بمخاطبتهم بلهجة تبعث في نفوسهم التفاؤل والأمل، والبعد عن عبارات التشاؤم والإحباط؛ كالتهديد لهم بالرسوب والعقاب، أو التوبيخ، أو بأنهم سيكونون ضمن القائمة السوداء، أو بأن مستقبلهم مستقبل الفشل والإخفاق، أو غير ذلك مما يفعله بعض الإخوة، ربما ظن من باب التحفيز للطلاب، لكنه في الواقع ينعكس سلباً على أبنائنا؛ فبعضهم ينهار في قاعة الامتحان، وبعضهم يحدث عنده حالة من الشتات للمعلومات التي قرأها أو حضرها للامتحان.
هي همسة نهمسها في أذن أحبابنا وإخواننا من المراقبين في قاعة الامتحان على مختلف مستويات الامتحان، أن يبدؤوا عملية الامتحان بكلمات فيها شيء من التفاؤل، ورفع الهمم والمعنويات للطلاب؛ حتى يستعيدوا نشاطهم، ويقبلوا على الكتابة بنفس مرتاحة ومطمئنة.

^

 التحذير من أمور سلبية يمارسها الطلاب بعد الانتهاء من الامتحانات:
أيها الأخوة الطلاب! أيها الأخوة الآباء! هناك بعض الأمور السلبية التي يمارسها بعض أبنائنا بعد الانتهاء من الامتحان، هذه الظواهر ينبغي أن نتخلص منها بالتوجيه والتذكير المستمر، ومن أهم هذه الأشياء:
أ- التّسكّع عند مدارس البنات:
بعض الطلاب يتسكعون عند مدارس البنات بعد الامتحان، ويضايقونهن، ويحرصون على إثارة مظهر من الاختلاط بين الشباب والبنات، مما يؤدي إلى الفساد الخلقي والانحراف السلوكي، وهي ظاهرة تدل على التخلف الحضاري لا على التقدم.
ب- عبث بعض الشباب بالسيارات وقيادتها بتهور:
بعض الطلاب ممن يمتلكون سيارات يسارعون إلى العبث بسياراتهم، وإلى التهور بها بالسرعة القاتلة، والانطلاق من مكان إلى مكان وكأنهم قد خرجوا من السجن. أنت لست في سجن أخي الطالب! أنت في مهمة، أنت في عبادة إن أخلصت النية لله سبحانه وتعالى.
جـ- التخلص من كتب الدراسة:
كثير من أبنائنا الطلاب بعد الانتهاء من الامتحان يبادرون إلى إلقاء كتبهم في المستودعات، أو إحراقها، أو التخلي عن مذكراتهم. هذه كلها تجمع خلاصة دراستهم، وعصارة أفكارهم. فاحرصوا أيها الطلاب على تنظيمها وحفظها والعناية بها؛ لأنها ستعكس لكم تاريخاً مضى في المستقبل، يذكركم بكثير من الجهد الذي بذلتموه.

^

 دعاء:
أسأل الله سبحانه وتعالى لأبنائنا الطلاب وإخواننا الطلاب والطالبات أن يفتح الله عليهم اللهم اشرح صدورهم ويسر أمورهم ونور قلوبهم وافتح عليهم فتوح العارفين وفهمهم فهم النبيين والصالحين واجعلهم يا ربنا من الصالحين ومن المتفوقين واجعل ما نتعلمه جميعا حجة لنا ولا تجعله حجة علينا والحمد لله رب العالمين.

 التعليقات: 4

 مرات القراءة: 4869

 تاريخ النشر: 09/06/2011

2011-07-06

اياز

الله يجزيك كل الخير ياشيخ

 
2011-07-06

azaz

الله يجزيك الخير ياستاذ عنجد هذه النصائح مفيدة جدا وارجو من كل الطلاب والطالبات قرائتها لانها حافز للدراسة والتفوق والنجاح

 
2011-06-23

علاء الدين

الله يجزيك الخير .. وينفعنا بما نصحتنا

 
2011-06-21

هبة..

السلام عليكم.. عنجد يا أستاذ هذه النصائح نسمعها كثيرا ولكن عندما قرأتها شعرت أنني لم ألمّ بها جميعها في امتحاناتي السابقة.. بارك الله في عمرك وجزاك الله عنا خير الجزاء

 

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 2174

: - عدد زوار اليوم

7407159

: - عدد الزوار الكلي
[ 52 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan