::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> مقالات متنوعة

 

 

الخلط بين العولمة والعالمية !! .

بقلم : ريما محمد أنيس الحكيم  

 

 العولمة والعالمية مصطلحان لمفهومين متضادين ،بينهما اختلاف وافتراق وتباعد ...

كثيرٌ من القراء يشكل عليهم هذا الأمر، فيخلطون بين ( العولمة ) و( العالمية )، وهذا يدعونا إلى التفريق بينهما، فالفرق كبير بين مضمون العالمية الذي جاء به الإسلام، ومضمون العولمة التي يدعو إليها الغرب.

العولمة لا تعترف بالهوية الوطنية أو الدولة بل تقف نقيض ذلك، كما أنها تقوم على الهيمنة كما قلنا، وفي زماننا : هيمنة أمريكا على العالم أجمع، مع بعض التحفظ على الدول الأوربية القوية أمثال ألمانيا وفرنسا، لكنها تبقى مهيمنة عليها في بعض المجالات .

أما العالمية فإنها تسعى إلى التواصل بين أبناء البشرية من أجل تحقيق الأهداف التي تطمح إليها البشرية كلها، وهي ترفد الخصوصيات والهويات المتمايزة، بقدر ما تأخذ منها .

ويذهب البروفيسور الفرنسي ( جان بودريار ) إلى أن العولمة تفترق عن العالمية في أن : ((الأولى تخص السوق والسياحة و المعلوماتية، يعني ثورة المعلومات وتكنولوجيا الوسائط الإعلامية، في حين تختص العالمية بحقوق الإنسان والحريات والثقافة والديمقراطية. ثم يأتي الخلط المتعمد أحياناً لتسويق العولمة بإضفاء بعض صفات العالمية عليها أو استخدامها لمفرداتها . ))

جاء في كتاب / خطابنا الإسلامي في عصر العولمة / للدكتور يوسف القرضاوي تفريق بين العولمة والعالمية حيث يقول :

[ العالمية في الإسلام تقوم على أساس تكريم بني آدم جميعاً و لقد كرمنا بني آدم الإسراء-70 ، فقد استخلفهم الله في الأرض، وسخر لهم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه. وكذلك على أساس المساواة بين الناس في أصل الكرامة الإنسانية، وفي أصل التكليف والمسؤولية، وأنهم جميعاً شركاء في العبودية لله تعالى، وفي البنوة لآدم، وهذا ما يؤكده خطاب الله للناس : يا أيها الناس إنَّا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم الحجرات-13  .

ولكن القرآن في هذه الآية التي تقرر المساواة العامة بين البشر، لا يلغي خصوصيات الشعوب، فهو يعترف بأن الله تعالى جعلهم ( شعوباً و قبائل ) ليتعارفوا .

أما العولمة فالذي يظهر لنا من دعاتها حتى اليوم: أنها فرض هيمنة سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية من الولايات المتحدة الأميركية على العالم، وخصوصاً عالم الشرق، والعالم الثالث، وبالأخص العالم الإسلامي، فالولايات المتحدة بتفوقها العلمي والتكنولوجي، وبقدرتها العسكرية الهائلة، وبإمكاناتها الاقتصادية الجبارة، وبنظرتها الاستعلائية التي ترى فيها نفسها أنها سيدة العالم، تريد أن تسوق البشر بعصاها!. العولمة – في المفهوم الأمريكي – لا تعني: معاملة الأخ لأخيه، كما يريد الإسلام، بل ولا معاملة الند للند، كما يريد الأحرار الشرفاء في كل العالم، بل تعني معاملة السادة للعبيد، والعمالقة للأقزام، والمستكبرين للمستضعفين. العولمة في أجلى صورها تعني: تغريب العالم، أوبعبارة أخرى: أمركة العالم. إنها اسم مهذب للاستعمار الجديد، الذي خلع أرديته القديمة، وترك أساليبه القديمة، ليمارس عهداً جديداً من الهيمنة تحت مظلة هذا العنوان اللطيف ( العولمة ). إنها تعني: فرض الهيمنة الأمريكية على العالم، وأي دولة تتمرد أو تنشز، لا بد أن تؤدب، بالحصار، أو بالتهديد العسكري، أو الضرب المباشر، كما حدث مع أفغانستان والعراق والسودان وإيران وليبيا. وكذلك تعني فرض السياسات الاقتصادية التي تريدها أمريكا عن طريق المنظمات العالمية التي تتحكم فيها إلى حد كبير، مثل البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي.. وكذلك تعني فرض ثقافتها الخاصة، التي تقوم على فلسفة المادية والنفعية وتبرير الحرية إلى حد الإباحية، وتستخدم أجهزة الأمم المتحدة لتمرير ذلك في المؤتمرات العالمية، وتسوق الشعوب إلى الموافقة على ذلك بسياط التخويف والتهديد، أو ببوارق الوعود والإغراء . بل نجد الإسلام يعترف باختلاف الأمم، وحق كل أمة في البقاء حتى في عالم الحيوان و ما من دابة في الأرض و لا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم الأنعام : 38 . ]

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 3122

 تاريخ النشر: 07/03/2008

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 625

: - عدد زوار اليوم

7400943

: - عدد الزوار الكلي
[ 45 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan