::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> مقالات متنوعة

 

 

في الذكرى الستين لنكبة فلسطين: كم نكبة تعيشها الأمة ؟

بقلم : عبد الباقي خليفة  

 

يشعر المسلمون في مختلف أرجاء العالم بالألم الشديد لما يجري في فلسطين ، ولا سيما في هذه الأيام التي يحيي فيها الصهاينة ذكرى استيلائهم على الأرض المقدسة وإقامة كيانهم الغاصب على أشلاء الشعب الفلسطيني وممتلكاته وأوقافه . في نفس الوقت الذي يحيي فيه الفلسطينيون والمسلمون جميعا ذكرى النكبة ، وهي ذكرى حزينة ومؤلمة قل نظيرها ومثيلها في تاريخ البشرية قديما وحديثا ، حيث تمت بمؤامرة صاغتها عصبة الأمم وشارك فيها سماسرة من الحكام تواطؤوا مع إرادات الغرب في تقسيم المسلمين إلى مناطق نفوذ فيما بينه وبالأخص بريطانيا وفرنسا في أعقاب سقوط الخلافة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى . ونتيجة للتنسيق الوثيق بين بريطانيا والمنظمات الصهيونية الدولية تم إصدار وعد بلفور القاضي بجعل فلسطين وطنا قوميا لليهود . وقدمت بريطانيا كل أشكال المساعدة والدعم للمنظمات اليهودية والصهيونية وسهلت لهم موجات الهجرة البشرية وقدمت الدعم للمنظمات اليهودية ،والتعويضات عن ممتلكاتهم في المناطق التي يهاجرون منها إلى فلسطين ، وذلك لخلق واقع ديمغرافي يفضي إلى نهب ممتلكات الفلسطينيين واقتلاعهم من أرضهم بكل الأساليب البربرية والوحشية مثل المذابح والتهجير القسري والإرهاب ، وفي 15 مايو 1948 م أعلن عن قيام الدولة الصهيونية تحت رعاية الأمم المتحدة .

تاريخ مضرج بالدم * :

إن تاريخ فلسطين منذ الاحتلال البريطاني ، الذي يسميه السذج والبسطاء والمغفلون والمتواطئون ، انتدابا ، تاريخ مثخن بالنكبات الدامية المتتالية ، كانت فيها أيدي الصهاينة والقوى الغربية الداعمة لها مطلقتين في القتل والترويع في ظل تواطؤ دولي وتراخي عربي إلى حد التغاضي وإلهاء الأمة بالشجب والاستنكار، بينما العدو أول من يعلم أن ذلك للاستهلاك المحلي وأن أصحاب تلك التصريحات من أصدقائهم الخلص . ومع ذلك كانت إرادة الحياة لدى الشعب الفلسطيني والأمة أقوى من إرادة الموت وأمضى من الفناء . حيث استطاع الشعب الفلسطيني النهوض وتفجير ثورته في بداية يناير 1965 م وخاض حرب تحررية ضد الاحتلال وفي ظروف عربية وإسلامية ودولية غاية في التعقيد . وكان بإمكانها أن تحقق الكثير لولا أخطاء قاتلة ارتكبها الفلسطينيون . ومن تلك الأخطاء ابتعاد حركات التحرر الوطني الفلسطيني في سياقها العام عن الحل الإسلامي لتحرير فلسطين أي الجهاد واعتماد الإسلام مرجعية فكرية وتعبوية ، وهو ما مثلته حماس والجهاد الإسلامي في وقت لاحق ،ومن ثم تغيير بعض الحركات الأخرى لإيديولجيتها القتالية ، بعد تجارب النجاح الأولى في أفغانستان وغيرها .  ومن الأخطاء القاتلة توقيع اتفاقية أوسلو في 13 سبتمبر 1993 م برعاية أميركية وحضور دولي . وكان من أكبر أخطاء اتفاقية أوسلو أن كان الاعتراف غير متكافئ، اعتراف ( فلسطيني ) بـ ( إسرائيل ) مقابل اعتراف بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني ، فقد تم مقايضة الاعتراف بوجود دولة صهيونية باعتراف بوجود منظمة فلسطينية . وهو ما جعل الصهاينة يدركون أن أولئك الساسة يبحثون عن تثبيت وضعهم أكثر من تثبيت الدولة الفلسطينية . ولذلك لم يتحقق مشروع الدولة الفلسطينية وفق اتفاقية أوسلو ، والذي كان يفترض أنه أقيم منذ 5 سنوات أي في عام 1998 م . ومن الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبتها بعض الفصائل الفلسطينية ، هو اعتبارها السلام خيارها الاستراتيجي الوحيد ، بينما لم تعلن دولة الكيان الصهيوني عن موقف مماثل ولا تزال تكدس الأسلحة وتجلب المزيد منها من أميركا وغيرها ، بما في ذلك السلاح النووي .

وفي الوقت الذي يتحدث فيه العرب عن السلام كخيار استراتيجي ، ويعلنون موافقتهم على حدود حزيران يونيو 1967 م لإقامة الدولة الفلسطينية والبحث عن حل عادل للمهجرين ( وليس عودتهم لديارهم التي أخرجوا منها ) وفقا للقرارات الدولية وخاصة القرار 194 لعام 1948 م ، والقدس والمياه والمستوطنات والأسرى والمعتقلين ، في ذات الوقت تعلن دولة الكيان الصهيوني عن رفضها لتقسيم القدس ورفضها لوقف بناء المستوطنات فضلا عن إزالتها ورفضها إطلاق سراح جميع المعتقلين والأسرى . ولماذا تفعل ذلك طالما أن السلام خيار استراتيجي وحيد لبعض الفصائل الفلسطينية التي تعلن السلام خيارا استراتيجيا في تعاملها مع حركات التحرر الوطني الأخرى ولا سيما حماس والجهاد الإسلامي  .

النكبة حاضر نعيشه :

لم تكن النكبة حدثا تاريخيا وإنما هي واقع معاش في فلسطين وخارج حدود فلسطين فبعد أن استطاع المشروع الصهيوني معتمدا على السلاح والأساطير الصهيونية المؤسسة وبدعم من القوى الكبرى والصمت العربي من اقتلاع أغلبية الشعب الفلسطيني والدفع بها إلى المنافي والشتات ، تمكن عبر القوى الدولية الأخرى أن يكسب بعض الحكام الذين كانوا راضين عن وجود الغدة السرطانية في قلب العالم العربي الإسلامي  . لقد تكررت النكبة عدة مرات فهي مأساة متجددة ومتكررة وأبرز محطاتها سنة 1967 حيث احتلت إسرائيل ما بقي من أراضي فلسطين التاريخية ،وغيرت ملامحها ، وهكذا النكبة ،فهي ليست ماضيا وإنما حاضر نعيشه ولا تزال مستمرة حتى الآن. بأشكال مختلفة غيب وحدة الأمة نكبة ، واستبدال لشريعة بالقوانين لوضعية نكبة ،  وانتشار الأمية والفساد على كافة المستويات السياسية و الاقتصادية والثقافية والإعلامية والاجتماعية نكبة . أوضاعنا السياسية وانقسام المجتمعات و الدول و المؤسسات و غير ذلك نكبة . وانتشار الفتن الطائفية و القتتال في بلاد المسلمين نكبة واحتلال دول أخرى نكبة . وأكبر النكبات إن لم يتغمد الله هذه الأمة برحمته فيوحدها بعد فرقة ويجمعه بعد شتت وينصرها بعد خذلان .

في سياق عملية السلام :

 لقد أفرغت عملية السلام من مضمونها لتدور في حلقة مفرغة وكأنها عملية للتسلية السياسية .بينما توصف المقاومة بـ "الإرهاب " وهي محاولة من أعداء الأمة للتهرب من مسؤولياتهم في حل الصراع الذي طال أمده .فالأبوان الشرعيان للاستقرار والسلام هما العدل والحرية ،والأبوان الشرعان للفوضى والعنف هما الظلم والاحتلال ،وبالتالي فإن الاحتلال هو الإرهاب. إذ إن المقاومة ليست حقا فحسب، بل واجب إسلامي ووطني . فعندما يستمر الاحتلال يستمر الصراع وتستمر المقاومة . وقد بات وضحا للكثيرين أن العدو لا يريد سلاما حتى بالمفهوم المتداول المعبر عن الاستسلام ، فقد قدم فريق أوسلو كل شيء من أجل إنهاء الصراع الدموي مع الصهاينة وميزوا بين الدولة التاريخية والوطن بعد أن أصبح هناك – على حد قولهم - وقعا إسرائلياً وواقعا فلسطينيا ،وقبلوا بحل دولتين متجاورتين وقبلوا بإقامة دولتهم على حدود 67 أي على مساحة 22 في المائة فقط من مساحة فلسطين التاريخية ، لكن إسرائيل التي تجد نفسها فوق القانون الدولي ، وتتلقى الدعم الأميركي ،لم تقبل بهذا الحل وما زالت تتهرب من هذا الحل وتعمل على جعل قيام الدولة الفلسطينية أمرا مستحيلا .وما تريده ( إسرائيل ) يتلخص في مقولة "ما حصلت عليه بالقوة فهو لي وما بقي في أيديكم فهو لكم ولي "ومما يثير السخرية  أن إسرائيل المدججة بالسلاح النووي ما زالت تحتكر صورة الضحية بينما الضحية هو الشعب الفلسطيني . لقد قدم العرب مجتمعين مشروع الملك عبد الله للسلام وهو يقوم على أساس اعتراف متبادل وإقامة علاقات بين مختلف الأطراف ولكن إسرائيل تهربت من ذلك ،مفضلة الاحتلال على السلام ...

 وليس هناك من حل سوى امتلاك ناصية التكنولوجيا ،وتوحيد الأمة بعد إحيائها بما يحييها ، وعودة شريعة الله لتحكمها ، وتولي المسؤولية فيها خيارها وليس شرارها ،وإقامة علاقات دولية على أساس الندية ومصالح الأمة ،وليس التبعية والمصالح الشخصية أو الحزبية ،وما إلى ذلك .. يومها يفرح المؤمنون بنصر الله ، وموعدنا الصبح،أليس الصبح بقريب .

ـــــــــــــــــــــــ

لمحة على التاريخ الدامي للصهاينة

• بين 1947 و1948 م ارتكبت العصابات الصهيونية 35 مذبحة كبرى ضد الفلسطينيين

• في 31- 12 – 1947 م عصبة لهجانا الصهيونية تقتل 600 نسمة

• مجزرة دير ياسين في 9 و10 أبريل 1948 م قتل فيها 254 شخصا

• مجزرة أبو شوشة في 21 – 5 – 1948 م قتل فيها 51 شخصا

• مجزرة اللد في 11- 7 – 1948 م قتل فيها 426 شخصا

ومن 1953 وحتى 1994 م ارتكب الكيان الصهيوني عدة مجازر منها :

• مجزرة القبة في 14 – 10 – 1955 م

• مجزرة قلقيلية في 10 – 10 – 1956 م قتل فيها 70 شخصا

• مجزرة كفر قاسم في 29 – 10 – 1956 م قتل فيه 52 شخصا

• مجزرة خان يونس في 3 – 11 – 1956 م قتل فيها 250 شخصا

• مجزرة خان يونس في 12 – 11 – 1956 م قتل فيها 275 شخصا

• مجزرة صبر وشتيلا في 18 – 9 – 1982 م قتل فيه 3500 نسمة

• مجزرة عين قرة في 20 – 5 – 1990 قتل فيه 7 أشخاص

• مجزرة المسجد الأقصى في 8 – 10 1990 قتل فيها 21 شخصا

• مجزرة المسجد الإبراهيمي في 25 – 2 – 1994 م قتل فيها 50 شخصا

• قتل في العدوان الصهيوني الأخير على غزة أكثر من 150 ضحية

• هناك 4،7 مليون مهجر فلسطيني خرج وطنه . وهذا جزء قليل من النكبات التي تعرض لها الشعب الفلسطيني منذ 60 سنة على نكبة 1948 م ويمكن أن نتناول القضية بشكل أوسع في فرصة قادمة .

ملخصاً من موقع المسلم .

 

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 3483

 تاريخ النشر: 08/06/2008

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 823

: - عدد زوار اليوم

7447423

: - عدد الزوار الكلي
[ 47 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan