wwww.risalaty.net


السلام بين الفهم الخاطىء و الصحيح


بقلم : فضيلة الشيخ عبد الفتاح البزم

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين الذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، والصلاة والسلام على الرحمة المهداة الذي أرسل للناس بشيراً ، سيدنا محمد و على سائر الأنبياء والمرسلين وآل كل وصحب كل أجمعين

وبعد:

فإن السلام مبدأ من المبادئ التي عني بها الإسلام عناية واضحة ، سواء في اسمه الدال عليه، أوفي مضمونه وما يدعو إليه، ومن أجل هذا وجدنا احتفاء الإسلام بالسلام، وما يشيعه في النفس الإنسانية من معاني المودة والرحمة، فالسلام جزء من التركيب العقلي والنفسي للمسلم، بل جزء من خلقه الذي لقنه إياه الإسلام .

و قد جعل الله عنوان الدين الذي ارتضاه لنا مشتقاً من مادة السلام ، فسماه الإسلام ، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }. فالإسلام والسلام - أو السلم - من الناحية اللغوية مشتقان من مادة واحدة، هي ( س ل م)، وقد قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ]

وهناك من قسم السلام إلى سلام نفسي روحي وسلام اجتماعي وسلام عالمي، السلام الروحي النفسي لا ينبع إلا من الإيمان، في الحديث الشريف جمع الدنيا بكل ما فيها وبكل ما فيها من حقائق لنعيش حياة سلام واطمئنان، كما ورد في الحديث الذي رواه البخاري في "الأدب المفرد"  عن سَلَمَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِحْصَنٍ ، عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا)

ففي هذا الحديث لخص النبي صلى الله عليه و سلم السلام ومفهومه وعمقه في هذه الحياة الدنيا، فالحروب لا تجعل الإنسان في معافاة جسدية، والظلم لا يؤمن الرزق اليومي للإنسان، والاضطهاد والسيطرة بالقوة -كما كان إنسان الغرب في الماضي - لا يجعل الإنسان يعيش في مأمن ، لا أقول في مدينته ولا في حيه حتى في بيته ، وهذا ما يحدث الآن على الساحة الفلسطينية وبيننا وبينها عشرات الكيلومترات ، وما يحدث شرقاً وغرباً، وحينما ندعو إلى السلام فإننا ندعو إلى القيم الروحية ، وندعو إلى إحياء المشترك بين الرسالات السماوية ، ولكن رجالات الحروب ورجالات السياسة لا تدع للفكر والدين والمنطق والعدل والإنصاف مجالاً.

هذه الكلمات نلخصها بالإنسانية لتفرض نفسها على الساحة عدلاً واطمئناناً ، وإذا أردت أن أتحدث عن العدل كان هناك ثلاث ركائز: التحرر الوجداني،والمساواة الإنسانية، والتكافل الاجتماعي، ولا شك أن كل عنوان تحت عنوان السلام الأكبر وتحت عنوان العدل الأكبر لو أردنا أن نعيش معه لما استطعنا أن ننظم ذلك في دقائق.

و أختم كلامي بالقول: لعل هذه الكلمات وهذه النبضات الإيمانية ستجري إن شاء الله على ألسنة المتكلمين ، والأهم من هذا كله أيها الإخوة أن نعاهد الله سبحانه وتعالى جميعا أن نخرج من أمثال هذه اللقاءات لا من هذا اللقاء فقط ونحن قد عقدنا النية على أن نفكر بالمشترك وعلى أن نفكر بالحق وأن نفكر بالعدل وأن نفكر بالسلام وأن نسعى لذلك جاهدين بدءاً بالخلية الصغيرة الأسرة والحي والمدينة حتى يعم ذلك أرجاء العالم الإنساني جميعاً والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وجميع الأنبياء والمرسلين والحمد لله رب العالمين.