wwww.risalaty.net


مفهوم الأمن في القرآن الكريم


بقلم : الشيخ محمد خير الطرشان (المشرف العام)

 

 

خطبة جمعة في جامع العثمان

بتاريخ 1/ربيع الأول/1432هـ

الموافق 4/شباط/2011م

 

بسم الله الرحمن الرحيم

  

^ المقدمة:

((الحمد لله، ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتديَ لولا أن هدانا الله. يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، سبحانك! لا نحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا وحبيبَنا محمداً عبدُه ورسولُه، وصَفِيُّه وخليلُه. اللهم صلِّ وسلم وبارك على هذا النبي الكريم، وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين، وأصحابه الغر الميامين أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلّم تسليماً كثيرا)).

أما بعد: فيا عباد الله! فأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله تعالى، وأحثكم على طاعته والتمسك بكتابه، والاقتداء بسنة نبيه والسير على منهاجه إلى يوم الدين.

        أيها الإخوة المسلمون! أخرج الإمام البخاري في الأدب المفرد، عن سَلَمة بن عُبيد الله بن مِحْصَن، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أصبح آمناً في سِرْبِه، مُعافىً في بدنه، عنده قوتُ يومه، فكأنما حيزَتْ له الدنيا بحذافيرها".

        أيها الإخوة المؤمنون! إن نعمة الأمن من نعم الله سبحانه وتعالى على عباده، جديرٌ بأن تُذْكَرَ وأن يُذَكَّرَ بها، وأن نسعى للحفاظ عليها، فالله سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم:[]وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ[] سورة الأنفال (26).

        أيها الإخوة المؤمنون! من وحي الأحداث التي تجري في محيطنا العربي والإسلامي نتناول الحديث عن مفهوم الأمن في القرآن الكريم، وكيف امتنّ الله سبحانه وتعالى علينا بنعمة الأمن، وكيف ينبغي أن نحافظ على هذه النعمة التي أولانا الله سبحانه وتعالى إياها.

^ الأمن في الأوطان هو دعوة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام:

        الأمن في الأوطان إنما هو دعوة أبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام، عندما التجأ إلى الله سبحانه وتعالى قائلاً:[]...رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً...[] سورة البقرة (126). فحقق الله سبحانه وتعالى أمنيته واستجاب دعاءه حيث قال عز من قائل:[]...وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً...[] سورة آل عمران (97). ونَعِمَتْ أسرة سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام بالأمن، ولا يزال البيت الحرام مأمناً لمن دخله حيث يشعر بالأمن.     ولا زالت نعمة الأمن في كل بيتٍ من بيوت الله تعالى، وفي كل بلدٍ يسعى للحفاظ على أمر الله سبحانه وتعالى كما أمر وأنزل، فالله سبحانه وتعالى إنما يمتنّ على عباده بنعمة الأمن؛ ليقيموا أركان الدين، وليعبدوا الله الذي خلقهم.

        أيها الإخوة المؤمنون! بيوتُ الله تعالى هي بيوتُ الأمن؛ لأنها تحقق السكينة والطمأنينة للعباد. وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى[]وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً...[] سورة البقرة (125). ولو أننا تصفّحنا القرآن الكريم مادة "الأمن" و"أَمِنَ" و"آمِنة" و"أمناً" و"آمِن" لوجدنا أن هذه المادة قد ملأت آيات القرآن الكريم وسورَه، مما يعكس أن نعمة الأمن على العباد نعمةٌ عظيمةٌ جليلة القَدْرِ، وعلى الناس أن يحافظوا عليها، وأن يسعَوا إلى تحقيقها.

^ نماذج من امتنان الله سبحانه وتعالى على الناس بالأمن:

        أ- الأمن الذي امتنّ به الله تعالى على قريش:

        أيها الإخوة! ارجعوا إلى القرآن الكريم واقرؤوا، فستجدون أن الله تعالى أمر قريشاً أن تشكره على نعمة الأمن. قال الله تعالى:[]فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4)[] سورة قريش. فينبغي أن يشكر الناسُ الله تعالى على هذه النعمة العظيمة وأن يحافظوا عليها، وألا يسبّبوا الفوضى، وألا يكون فيهم غوغائيّون يثيرون التشويش فيما بين الناس. وبالخوف من الله سبحانه ومراقبتِه يتحقق الأمن والأمان في الأرض، فيمتنع الناس عن ترويع بعضهم وعن تخويف الآمنين منهم، ولعل أكبر دليل على ذلك في القرآن الكريم أن هابيل امتنع عن قتل أخيه قابيل؛ خوفاً من الله سبحانه وتعالى، وتحقيقاً لمفهوم الأمن في الأرض. قال الله تعالى حكايةً عن لسان هابيل:[]لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ[] سورة المائدة (28). هنا حقّق هابيل نعمة الأمن، وحافظ عليها، وامتنع عن قتل هابيل؛ حتى لا يُثِيرَ الفوضى ولا يُحْدِثَ التشويش في الأرض.

        ب- الأمن الذي امتنّ به الله تعالى على النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه في غزوة أُحُد:

        لقد امتنّ الله تعالى على عباده بنعمة الأمن في غزوة أُحُد، عندما حدثت الفوضى وبدأت قريش تزعُمُ أن محمداً صلى الله عليه وسلم قد قُتِل، ونادى أبو سفيان في الناس: أفيكُم محمد؟ فأمر النبي عليه الصلاة والسلام أصحابَه ألا يردّوا، ثم كرّر النّداء فلم يردَّ عليه أحد، ثم قال: أفيكم ابنُ أبي قحافة؟ فلم يردَّ أحد، ثم قال: أفيكم ابن الخطاب؟ فلم يردَ أحد، فظن أبو سفيان أنه انتصر وقتل سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله تعالى عنهما. فنادى بأعلى صوته: اُعْلُ هُبل! فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يردّوا على أبي سفيان. فقالوا: ماذا نقول يا رسول الله؟ قال: "قولوا: الله أعلى وأَجَلّ". صحيح البخاري. عندها كان خوفٌ شديد قد اعتلى قلوبَ الناس، فأنزل الله سبحانه وتعالى الأمنَ على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والجيش الذي معه، وهو ما قال الله تعالى فيه:[]ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ...[] سورة آل عمران (154). أيها الإخوة! يقول المفسرون: "الخائف لا ينام". الخائف لا يأتي بالنعاس؛ لِما في قلبه من الخوف والاضطراب، فلما أزال الله الخوف من قلوبهم أمكنَ أن يأتي النعاسُ إليهم، فناموا واستقرّت قلوبهم، وشعروا بنعمة الأمن والطمأنينة.

        جـ- الأمن الذي امتنّ به الله تعالى على قوم سيدنا صالح عليه السلام:

        لقد امتنّ الله سبحانه وتعالى على ثمود (قوم سيدنا صالح عليه السلام)، عندما نَحَتوا بيوتَهم في الجبال من غير خوف ليتّخذوا منها مكاناً آمناً. قال الله تعالى:[]وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ[] سورة الحجر (82). بحثوا عن أمنهم في عُمق الجبل.

        ء- الأمن الذي امتنّ به الله تعالى على أهل سبأ:

        أنعم الله سبحانه وتعالى على أهل سبأ، وأغدق عليهم النعم، وأسكنهم في ديارٍ آمنة، فقال الله تعالى عنهم:[]وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ[] سورة سبأ (18).

        هـ- الأمن الذي امتنّ به الله تعالى على سيدنا يوسف عليه السلام:

        كان سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام يخاطب والديه وإخوته وهو يحدّثهم عن ضرورة الأمن. قال الله تعالى حكايةً عن لسانه:[]...ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ[] سورة يوسف (99). أي ستشعرون بالأمن والطمأنينة.

        و- الأمن الذي امتنّ به الله تعالى على أهل مكة لمّا حبس عنها الفيل:

        ولمّا حبس الله سبحانه وتعالى الفيلَ عن مكة المكرمة وعن الكعبة المشرّفة أمر أهلَ مكة أن يشعروا بهذه النعمة، فقال:[]فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4)[] سورة قريش.

        أيها الإخوة! إنها نعمة الأمن التي حدّثنا عنها ربّنا سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، وماذا أستعرض وأستعرض من آيات الأمن في القرآن الكريم؟! فلذلك خطبٌ كثيرةٌ يمكن أن تُعَدَّ وتُفَصَّلَ وتُشْرَحَ ونحن نتحدّث عن مفهوم الأمن ونعمة الأمن في القرآن الكريم.

        ز- الأمن الذي امتنّ به الله تعالى على عباده الصالحين في الجنة:

        أيها الإخوة! والجنة هي المستقرّ الآمن، والمكان الذي يَخْلُدُ فيه عبادُ الله الصالحون، إنها مكان الأمن. يقول الله تعالى:[]ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ[] سورة الحجر (46). اللهم اجعلنا معهم ومنهم يا رب العالمين!

        وعندما تحدّث الله سبحانه وتعالى عن غُرُفاتها قال:[]وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ[] سورة سبأ (37). لاحظوا أيها الإخوة كيف يركّز الله تعالى في القرآن الكريم على حياة أهل الدنيا، وعلى نعيم أهل الآخرة، إنما يتمتّعون بنعمة الأمن والأمان في الدنيا والآخرة.

        إنها النعمة العظيمة التي ينبغي أن نحافظَ عليها ونصونها، وأن ندْرأَ عن أنفسنا الفساد والشر، فنعمة الأمن أيها الإخوة إذا حافظنا عليها يتحقق بذلك رَغدٌ في العيش، بالأمن يتحقق سرورٌ وهناءةٌ في الدنيا، بالأمن يتحقق نشر العلم والفضل، بالأمن يتحقق الرخاء الاقتصادي والاجتماعي، ومن غير أمنٍ تسود الفوضى، ويحدث التشويش، ولا يعيش الناس باطمئنان، بل إنهم لا يركَنون إلى أرزاقهم ولا إلى مَعايشهم.

^ الخوف من الله تعالى هو أساس تحقيق الأمن:

        الخوف من الله ومراقبته سبحانه وتعالى هو أساس تحقيق الأمن، بل مفتاحُ تحقيقِ الأمن للمسلم في دنياه وأُخراه، ولعل من أبسط الأمور التي يتحقق فيها الأمن النفسي للإنسان: عندما يَضْرَعُ إلى الله سبحانه وتعالى ذاكراً فيأمنُ قلبُه، ويرتاح فؤاده، وهذا هو المعنى الذي أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى:[]...أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[] سورة الرعد (28). إنه الأمن النفسي، والأمن القلبي، والأمن الروحي الذي ينعكس نتيجةَ الإيمان بالله سبحانه وتعالى.

^ أساليب نبويّة في الحفاظ على نعمة الأمن:

        لقد حدّثنا النبي صلى الله عليه وسلم عن أساليب في الحفاظ عن الأمن، ومن أوّلها:

        أ- الشعور بنعمة الأمن:

        الشعور بالنعمة العظيمة التي أنعم الله سبحانه وتعالى بها في أنفسنا، في بيوتنا، في لقمة عيشنا. أخرج الإمام البخاري في الأدب المفرد: "من أصبح آمناً في سِرْبِه، مُعافىً في جسده، عنده قوتُ يومه، فكأنما حيزَتْ له الدنيا بحذافيرها". آمناً في سربه: في بيته، في حيّه، في عمله، في قريته، في مدينته، في مجتمعه. معافىً في جسده: وهو الأمن الصحي، والأمن الغذائي، والأمن النفسي الذي يمكن أن تتحدّث عنه اليوم كل الدول المتحضّرة، والذي كَفِلَه الإسلام لأتباعه في القرآن الكريم، وفي نصوص الحديث النبوي الشريف. حيزت له الدنيا بحذافيرها: يقول شُرّاح الحديث: الحيازةُ تعني الملك والجمع، أي فكأنما جمع لك الله الدنيا بأجمعها؛ بنعمها، بمتعها، بكل ما فيها من أحوالٍ تُرضي الإنسان في دنياه وآخرته. أليست هذه نعمةٌ عظيمةٌ ينبغي أن نتذكّرها أولاً وقبل كل شيء؟! فنحافظَ على نعمة أقواتنا، ونعمة أجسادنا، ونعمة أنفسنا وطمأنينتنا.

        ب- الحذر من ترويع المسلمين والاعتداء عليهم:

        ولقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم من وسائل الحفاظ على الأمن، فقال عليه الصلاة والسلام: "إذا مرّ أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نَبْلٌ فلْيُمْسِكْ على نِصالِها". صحيح مسلم. وفي رواية: "فليقبِضْ بكفّه أن يصيب أحداً من المسلمين منها بشيء". هنا يحذّر النبي عليه الصلاة والسلام من أن يعتدي مسلمٌ على أخيه المسلم برمحٍ أو نبلٍ أو نَصلة سيفٍ أو نحوِ ذلك؛ حتى لا يؤذيَ المسلمُ المسلمَ، فالمسلم على المسلم حرام، دمُه ومالُه وعِرضُه.

        ولقد كان من آخر ما أوصى به النبي عليه الصلاة والسلام في خُطبة حجّة الوداع: "إن دماءَكم وأموالَكم حرامٌ عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا". حذّر النبي صلى الله عليه وسلم أن تُراقَ دماءُ المسلمين بأيدي المسلمين، ودعا إلى حقنها والحفاظ عليها، والحفاظ على أمن النفس وأمن الغذاء وأمن الصحة وأمن الوطن، فأمن الوطن يحقّق ذلك كلَّه.

        وحذّرت السنة النبوية الشريفة أتباع النبي صلى الله عليه وسلم من أن يُثير أحدهم الخوف أو الرعب أو الذُّعر، أو أن يُرَوِّعَ آمناً من المسلمين. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يُشِرْ أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطانَ ينزع في يده فيقعُ في حفرةٍ من النار". الفردوس بمأثور الخطاب. أي لا يُشْهِرْ ولا يرفعْ ولا يهدّدْ أحدكم أخاه بالسلاح، فلعل الشيطان يثيره ويحرّكه ضدّ أخيه المسلم، فيقتلَه فيقعَ في النار.

        كذلك حرّمت السنة النبوية الشريفة على كل مسلمٍ أن يشيرَ إلى أخيه، ولو بحديدةٍ أو عصا أو حجر، فقال عليه الصلاة والسلام: "من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكةَ تلعنه حتى يدعَها، وإن كان أخاه لأبيه وأمه". صحيح مسلم. وفي ذلك حَقْنُ لدماء المسلمين، وحفاظٌ على الأمن للوطن، ودفاعٌ عن حرمة الدماء الإسلامية.

        وفي إشارة أخرى إلى حُرمة الترويع والتخويف والتهديد، وإثارة الفوضى والتشويش فيما بين الناس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحلُّ لمسلمٍ أن يروّعَ مسلماً". مسند أحمد. وقد ذكر بعض العلماء من المحدّثين أنَّ من أيسر الأمور أن تروّعَ أخاك فتُخفي عصاه أو تخفي حذاءه فإنه يُرَوَّعُ بذلك، فما بالكم إذا كان الترويع بسيفٍ، أو بأداةِ قتلٍ، أو بتهديدٍ وسَلْبٍ للأمن، فذلك مما يحذّر منه الإسلام على لسان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

        أخيراً: علينا أن نشعر بنعمة الأمن التي ألبَسَنا اللهُ إياها، وأن نحذرَ ونخشى من الله تعالى أن يُذيقَنا لباسَ الجوعِ والخوف كما حصل بأممٍ سابقة عندما أذاقهم الله لباس الجوع والخوف بما كانت تكسب أيديهم من المعاصي والسيئات، وبما كانوا يقعون من المخالفات، وأن نحذر من الفتن. ولقد حذّرنا النبي صلى الله عليه وسلم من إشاعة الفتن في المجتمعات الآمنة والمطمئنة، فالفتنة نائمة، لعن الله من أيقظها.

        اللهم! إنا نسألك سؤالَ العبد المضطر أن تفرّج عن عبادك المستضعفين في كال مكان، وأن تحفظ البلاد والعباد، وأن تضاعف لنا الأمن في هذه البلاد، وفي سائر بلاد المسلمين، وأن تجعلنا ممن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه.

        أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم، فيا فوز المستغفرين، أستغفر الله العظيم.