wwww.risalaty.net


كلام قيد التنفيذ ولكن حتى إشعار آخر


بقلم : آلاء محمد خالد الخطيب

كُتب على هذا القيد بأنه لن يُحطم حتى إشعار آخر

ولكن لماذا لا نكون نحن الذين سنحطم هذا القيد؟!

قيد لم يكبلنا به أحد،لكننا نحن الذين وضعنا تلك الأغلال والقيود في أيدينا

شغلنا أنفسنا بالكلام حتى أصبحنا بائعين لأحاديث جميلة لكنها لو توّجت بالعمل لكانت أجمل،حتى أصبحت لقاءاتنا ومنتدياتنا لا تعرف إلا التكلم لم تتعلم أن تقرن كلامها بالعمل،نتكلم وننفعل ونريد أن نصل إلى القمة ثم في اليوم التالي ننسى بماذا تكلمنا وماذا يجب أن نعمل،نتكلم عن الهدف الذي نحب أن نحققه ونصل إليه لكننا لا نكلف أنفسنا بالمشي ولو خطوة واحدة،نريد أن نصبح كما نأمل ونحن نائمون لا نقوم بأي خطوة،خطوة واحدة،علماً بأن الله عز وجل ينتظر منا هذه الخطوة ليفتح لنا الطريق؛لأننا بهذه الخطوة نعلن عن صدقنا وإخلاصنا وإصرارنا للوصول إلى ما نريد فعندما يرى الله من عبده هذا الإصرار يفتح له الطريق،لا يعني ذلك أن الطريق سيكون ممهداً سالكاً بسهولة بل لا بدّ من الاختبارات والعقبات لبيان مدى إصرار هذا المرء،هل خمدت أهدافه وفتِر عنها أم ازدادت؟

هل هذه الأودية والهضاب التي وجدها في طريقه زادته إيماناً وإصراراً أم انحطاطاً وخسرانا؟

وكثيراً ما تخمد هذه النيران المتأججة الملتهبة عند أول حاجز تصطدم به لتعود إلى الاكتفاء بالكلام مع أنها تحمل أهدافاً سامية رائعة لكن مجرد الفشل من أول مرة يطفئ هذه النيران المشتعلة،جعلوا الفشل نهاية الطريق التي مازالوا في أولها

وجدوا الكلام أفضل من العمل مع أن الواقع يثبت عكس ذلك،ظنوا أن الفشل عيب أو أن الفشل دليل على عدم إمكانية القيام بالمأمول علماً بأن فطاحل المخترعين والمجتهدين والأدباء والمفكرين و...،لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه إلا عند اجتيازهم لليالٍ طويلة من الفشل،كان الفشل بالنسبة لهم بداية الطريق لا نهايته

كان الفشل يكسبهم مزيداً من الإصرار والعزيمة والأمل والثقة بربهم

علموا أن الذي يتكلم ولا يعمل بما يتكلم به إنسان فاشل جعل من الكلام أداةً للترويح عن النفس وإلقاء الأعباء الثقيلة على غيره تلك الأعباء التي فشل هو في القيام بها،لم يجعل لهدفه إلا طريقاً واحداً وعندما لم يستطع اجتياز الفشل ردم ذلك الطريق في وجهه،ردم ذلك الجسر الذي كاد أن يكون أداة وصلٍ بينه وبين هدفه فلجأ إلى الكلام وترك لغيره التنفيذ ولربما عالمنا العربي برمته فضّل الكلام ووسائل الإعلام على العمل،فضّل التحدث على الشاشات بدلاً من العمل في صنع هذه الشاشات،اختار لنفسه أن يكون المشتري عوضاً عن البائع

اختار لنفسه أن يكون المستورد عوضاً عن المصدّر،اختار لنفسه أن يكون في موقع المدافع لا المهاجم،لماذا؟؟؟

ألا نملك إرادة وقوة كافية؟؟

ألسنا نحن الذين نملك قوة الروح مع قوة الجسد؟!

نملك ذلك لكننا فصلنا ديننا عن دنيانا،اعتقدنا بأن الدين سبب لبطالتنا فجعلنا بينه وبين الدنيا شرخاً كبيراً ونسينا أن الدنيا فرسٌ نمتطيه للوصول إلى الآخرة

إلا أن هذه الفرس قد أسكرتنا بصهيلها فهناك من سقط من فوق ظهرها ومات وهو سكران وهناك من استيقظ من نشوته فوجد أن الطريق قد قرُب وأن الفرس قد عدت به مسافات طويلة ولم يبق له إلا القليل ويصل إلى حتفه إلى آخرته فإما أن يرتاح من سفره ويدخل جنته وإما أن يعذب ويدخل ناره،وهذا هو حال عالمنا العربي،هناك من سقط من فوق فرسه وهناك من استيقظ الآن وهناك من لم يستيقظ بعد، فيا من صحوت الآن من غفوتك إياك أن تُشغل ما بقي من طريقك بالكلام اقرن كلامك بالعمل اعمل بجدٍ وإتقانِ وأيقظ الفرسان لتدخل الجنان برفقة العدنان..