wwww.risalaty.net


قضية تلبس الجان ببدن الإنسان.. حقائق لا تخفى!


 

الحمد لله رب العالمين، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم أجمعين:

فلقد استمعت لعدد من البرامج وكلام بعض الشيوخ النافين لدخول الجان بالإنسي، وأنَّ تصديق ذلك محض خرافة وخبط من القول ما أنزل الله به من سلطان، وأنَّ من يصدِّق ذلك فإنَّما يصدق الخرافات والخزعبلات، وبعيداً عن تسمية الأشخاص بأعيانهم، ولضرورة تبيان خطأ هذا القول ولرواجه في هذا الزمن (وبالذات) عبر بعض المنتسبين للعلم والمشيخة، فإنَّ من الضرورة التنبيه على خطأ النافين لدخول الجان في بدن الإنسان بعد مشيئة الله وقدرته.

فالقول الذي يعتقده أهل السنة والجماعة ديانة لله تعالى، أنَّ الجني يتلبَّس الإنسي وينطق على لسانه ويتحدث فيه ويؤذيه.

وقد أجمع على ذلك علماء أهل السنة والجماعة ولم يخالف في هذا إلا بعض الفرق الضالة، ولأجل ذلك يقول العلامة ابن حجر الهيثمي: "فدخوله (أي الجني) في بدن الإنسان هو مذهب أهل السنة والجماعة".

ولكن ما هي أدلتهم على ذلك؟؟

 

t               أدلتهم من القرآن:

من الأدلة على تلبس الجني بالإنسي المراد الدخول به ما في كتاب الله تعالى قوله تعالى: ((الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس)) [سورة البقرة:275].

قال الإمام القرطبي في تفسيره عند هذه الآية: (في هذه الآية دليل على فساد إنكار من أنكر الصرع من جهة الجن، وزعم أنَّه من فعل الطبائع، وأن الشيطان لا يسلك في الإنسان ولا يكون منه مس).

 

t               أدلتهم من السنة:

1)     ومن الأدلة من السنة ما ورد عن عطاء بن رباح قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنه: "ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك؟ فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف، فدعا لها" متفق عليه، قال الحافظ بن حجر في الفتح: (وعند البزار من وجه آخر عن ابن عباس في نحو هذه القصة أنها قالت: إني أخاف الخبيث أن يجردني، -والخبيث هو الشيطان- فدعا لها فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة فتتعلق بها ثم قال: وقد يؤخذ من الطرق التي أوردتها أن الذي كان بأم زفر كان من صرع الجن لا من صرع الخلط) (فتح الباري – 10 / 115).

2)     عن عثمان بن العاص رضي الله عنه قال: (لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف، جعل يعرض لي شيء في صلاتي، حتى ما أدري ما أصلي فلما رأيت ذلك، رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ابن أبي العاص ؟" قلت: نعم! يا رسول الله! قال: "ما جاء بك؟" قلت: يا رسول الله! عرض لي شيء في صلواتي، حتى ما أدري ما أصلي قال: "ذاك الشيطان، ادنه" فدنوت منه  فجلست على صدور قدمي قال: فضرب صدري بيده، وتفل في فمي، وقال: "أخرج عدو الله" ففعل ذلك ثلاث مرات  ثم قال: "الحق بعملك") (أخرجه ابن ماجة في سننه، وصححه الحاكم في المستدرك).

 

t               دليل المشاهدة والحس:

دخول الجني بالإنسي الذي يريد ويتقصد الدخول فيه أمر واضح ومشاهد عياناً بياناً وأروي قصةَّ وقعت أمام عيني قبل عشرة سنوات حيث كنت في المسجد الحرام وكانت هنالك امرأة تطوف حول الكعبة وكان زوجها معها وقد كانت تقرأ القرآن وسورة الإخلاص كما تحدث بذلك زوجها أمام ملأ من الناس، فحينما كانت تقرأ القرآن صُرِعَت وألقي بها على الأرض فبدأت تتكشَّف، وذلك من شدة وقع الآيات التي كانت تقرأها وقوة هذه الآيات على ذلك الجني المتلبس بها، حتى جاء بعض الفضلاء من حفظة القرآن والرقاة وقاموا يقرؤون عليها، فبدأت تدفعهم دفعاً شديداً ولقد رأيت بأم عيني أكثر من سبعة رجال قد وضعوا عليها عدداً من سجاجيد المسجد الحرام الثقيلة وهي تدفعهم دفعاً شديداً وكل واحد منهم يضغط على جزء من جسدها من فوق السجاجيد ومعهم زوجها وهي تدفعهم بقوَّة، ثم بدأ الجني ينطق وقد سمعته بأذني وكان صوته صوت رجل يتحدث على لسانها، وكان يقول لمن يقرأ عليه لقد أحرقتني بالآيات القرآنية، فمضى القارئ للقرآن يقرأ عليها الآيات وذلك الجني يتكلم ويحاول أن يستغفل ذلك القارئ لكي يخف عليه ما يجده من ألم من قوة الآيات القرآنية التي يقرأ بها عليها.

وقد نُقِل عن الإمام أحمد أن ابنه عبد الله قال له: (قلت: لأبي إن أقواماً يقولون: إن الجني لا يدخل بدن المصروع، فقال: يا بني، يكذبون. هو ذا يتكلم على لسانه)، وهذا الذي قاله أمر مشهور، فإنه يصرع الرجل فيتكلم بلسان لا يعرف معناه، ويضرب على بدنه ضرباً عظيماً لو ضرب به جمل لأثر به أثراً عظيماً، والمصروع مع هذا لا يحس بالضرب ولا بالكلام الذي يقوله..

 

فما حجَّة القائلين بهذا بعد هذا؟

E فإن قالوا هذه خرافات، فإنا نقول إنَّ الخرافة وجود أمر لا يصدَّق شرعاً ولا حسَّاً ولا واقعاً، فكيف والذي نقوله هو بخلاف الخرافات بل هو ملاحظ ومشاهد حساً وبياناً، ونلحظ ذلك دليلا أثراً من القرآن والسنَّة، ونظراً بمشاهدة ذلك حساً وواقعاً معايناً، بل القول بخلاف ذلك نقض للعقلانية ممَّن يدعي العقلانية!!