wwww.risalaty.net


ندوة برنامج (نور على نور) بمناسبة ليلة النصف من شعبان


 

عُقدت على أثير إذاعة القدس ندوة إذاعية ما بين الشيخ محمد خير الطرشان خطيب جامع العثمان بدمشق والمشرف العام لموقع رسالتي . نت، والشيخ أحمد سامر القباني مدير أوقاف دمشق، بمناسبة مجيء النصف من شعبان، حول فضيلة شهر شعبان وفضيلة النصف من شعبان وجواز إحياء ليلتها وصوم نهارها..

فكان الحوار التالي الذي أداره الأستاذ خليل إبراهيم من إذاعة القدس..

إدارة تحرير موقع رسالتي . نت

 

الأستاذ خليل ـ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، من فضل الله علينا ورحمته بنا أنه أرشدنا لمواسم الخيرات، وفضل بعض الليالي على بعض، ثم أرشدنا ودلنا لنغتنم الفرصة ونستثمر هذه المواسم في التنافس في الخيرات والمسارعة  إلى الطاعات، والإكثار من الصالحات، والتقرب  إلى الله بالعبادات، ونحن في شهر من شهور الله المباركة، هو شهر شعبان الذي كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يصومه إلا قليلاً، ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها"، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "يطلع الله عز وجل  إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن".

        أعزائي المستمعين، باسمكم جميعاً نرحب بضيفي حلقة اليوم: الشيخ أحمد سامر القباني مدير أوقاف دمشق، والشيخ محمد خير الطرشان خطيب جامع العثمان بدمشق والمشرف العام على موقع رسالتي . نت، أهلاً وسهلاً بكما..

        أبدأ معك شيخ أحمد، هل الاحتفال بليلة النصف من شعبان وتخصيص يومها بالصيام بدعة، يعني يقال إن الأحاديث التي وردت في فضلها ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها، فما هو الرأي الأصح في هذا أستاذي الكريم؟؟

 

الشيخ أحمد ـ بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، بداية، اسمح لي أستاذ إبراهيم أن أتوجه  إلى إذاعة القدس عبر أثيرها على الهواء مباشرة بالشكر الجزيل لاحتضانها هذه البرامج الدينية والتوعوية والتي يقوم الناس بعبادة ربهم على الوجه الأمثل بسبب النصائح والإرشادات فيها..

ليلة النصف من شعبان هل بدعةٌ إحياؤها، صومها، وقيامها؟؟.. هذا يعتمد على تعريف البدعة وتعريف السنة الحسنة.. فالبعض يحلو له أن يسمي البدعة كل ما لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو بدعة. والحقيقة أن علماءنا أصلوا لمفهوم البدعة، علماء العقيدة وعلماء أصول الفقه وسلفنا الصالح وضعوا تعريفاً لكلمة بدعة، فقالوا: البدعة هي ما لا يندرج تحت أصل شرعي من أصول الشريعة، والسنة ما يندرج تحت أصل من أصول الشريعة الإسلامية، فهناك أشياء لم  يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ونرى أن القيام بها في هذا الزمان هو سنة، ونرى أن بعض الأشياء التي لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن واجب علينا أن نفعلها، فأما أن الاحتفال والصيام والقيام في هذه الليلة بدعة، فهذا الرأي غير سديد، إنه ليس بدعة بل هو مشروع بأصله ووصفه.

شهر شعبان بشكل عام كان الرسول صلى الله عليه وسلم أكثر صيامه بعد رمضان في شهر شعبان، كما ورد عن سيدنا أسامة بن زيد والسيدة عائشة رضي الله عنهما وغيرهما من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كاد أن يكمل شهر شعبان بالصيام، إذاً كان يصوم معظمه وجله، وليلة النصف منه، وبالنسبة لصيامها أفليس يوم النصف من شعبان هو إحدى الأيام البيض وهي سنة مؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ورد في سنن ابن ماجة حديث، صحيحٌ أن البعض ضعفه لكننا نقول إن الحديث الضعيف يؤخذ به في فضائل الأعمال، وهو عن سيدنا علي كرم الله وجهه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله عز وجل ينزل فيها لغروب الشمس للسماء الدنيا فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له، ألا من مسترزق فأرزقه، ألا من مبتلى فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا، حتى يطلع الفجر".

ذكر هذا الحديث ابن رجب الحنبلي في كتاب عظيم له يتكلم عن المناسبات الدينية التي يمكن للمسلمين أن يحتفلوا بها في أثناء العام اسمه: (لطائف المعارف فيما لمواسم العام من وظائف)، أورد فيه هذا الحديث وذكر أنه اختلف فيه فضعفه كثيرون وصححه بعض الأئمة كابن حبان وخرجه في صحيحه.

وعلى الجملة، لا يمكن أن نعتبر صيام يوم النصف من شعبان بدعة، بل نعتبرها سنة تندرج تحت سنن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.

 

الأستاذ خليل ـ لكن أستاذي الكريم ما الحكمة بتخصيص هذه الليلة بهذا الاطلاع الإلهي "إن الله ليطلع على عباده هذه الليلة" ؟.

 

الشيخ أحمد ـ إن لله خواص في الأزمنة والأمكنة والأشخاص، ولله عز وجل أن يصطفي ما شاء من الأمكنة والأوقات، وإذا سألتني هذا السؤال فأنا أسألك ما سر اختيار مكة المكرمة، وما سر اختيار المسجد الأقصى؟، ما سر اختيار الرسل والأنبياء؟، إنه نفس السر في اختيار الأزمنة، شهر رمضان، ليلة النصف من شعبان، الأشهر الحرم، هذه الأشهر الحرم هي أزمنة اختصها الله بمزايا الله أعلم بالحكمة من ذلك، كما اختص بعض الأمكنة والأشخاص، أما معنى أن الله يطلع على عباده وهون سبحانه مطلع دائماً عليهم وعلى أعمالهم، فلماذا جاء التعبير بهذه الصيغة؟

قال علماؤنا شُرَّاح الحديث، إن معنى أن الله يطلع على عباده أي أن الله تزداد رحمته ويزداد عطاؤه في هذه الليلة، والدليل: "ألا من مسترزق فأرزقه، ألا من مستغفر فأغفر له"، أي أن الله عز وجل تزداد رحمته ومغفرته وإجابته للسائلين في هذه الليلة المباركة.

 

الأستاذ خليل ـ أستاذ محمد خير الطرشان، هناك حديث يتداوله الناس حول صلاة في ليلة النصف من شعبان وصلاة مائة ركعة، كذلك حول الدعاء المأثور فيها؟؟

 

الشيخ محمد خير ـ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين، واسأل الله أن تكون هذه الليلة مباركة على جميع الإخوة المستمعين، وبعد، فلا يخفى على أحد كما تفضل أخي الشيخ أحمد فضيلة شهر شعبان بشكل عام، وإنما سمي شهر شعبان لتشعب الخير فيه، ففيه خير كبير، والأحاديث التي وردت في فضله وتخصيص النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الشهر بالعبادة وبالصيام تحديداً دون سائر الشهور مما يدل على مكانة شهر شعبان ومنزلته في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن لم يرد عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة مخصوصة ولا عبادة محددة في شعر شعبان كما تسمى بصلاة الرغائب أو صلاة 100 ركعة، هذه صلوات اخترعها بعض الناس لمزيد من التقرب  إلى الله ونسبوها  إلى شهر شعبان وليلة النصف من شعبان، فلا يصح أبداً أن ننسب صلاة ليوم معين، كما قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: (صلاة الرغائب التي تصلى في رجب وفي شعبان بدعتان منكرتان) أي لا أصل لهما، فلذلك ما يرد عن بعض الناس من صلوات مخصوصة في هذا اليوم لم يصح، إنما الذي يثبت في شهر شعبان المبارك هو الصيام، فالنبي صلى الله عليه وسلم كما تروي السيدة عائشة والحديث رواه البخاري والإمام مسلم والنسائي وابن ماجة، أنه كان يكثر من الصيام في شهر شعبان وكان يصوم حتى نقول لا يفطر.. إذاً ليس هناك صلوات مخصوصة في هذا اليوم أو في هذه الليلة..

 

الأستاذ خليل ـ ولكن هل أحيا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الليلة كما نفعل نحن الآن؟

 

الشيخ محمد خير ـ وما المقصود بإحياء الليلة؟. لم يرد عن سيدنا رسول الله مفهوم الإحياء بالمفهوم الذي نعرفه نحن لأي ليلة من الليال، إنما ورد عن إحياء هذه الليلة إنما هو عن التابعين من أهل الشام كالإمام مكحول وخالد بن معدان، فهؤلاء كانوا إذا جاءت ليلة النصف من شعبان تطهروا ولبسوا أجمل ثيابهم وتكحلوا وتبخروا وصلوا ما بين المغرب والعشاء وذكروا الله تعالى.

يعني في الأحوال العادية يمكن أن نصلي هذه الصلوات، حتى إن بعض العلماء ذكر أن وقت ما بين المغرب والعشاء وقت غفلة، لذلك شبه النبي صلى الله عليه وسلم شهر شعبان بشكل عام "ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان"، أما رجب فشهر يعظمه الناس من العهد الجاهلي فهو شهر حرام له مكانته، وأما شهر رمضان فهو شهر طاعة وصيام وعبادة، فيأتي شعبان فيغفل الناس عنه لذلك لفت النبي صلى الله عليه وسلم النظر إليه بالصيام، فلما صامه وسُئل عن سبب الصيام فقال: "أحب أن يرفع عملي وأنا صائم"، وما أروع أن يرفع العمل  إلى الله والإنسان متلبس بفريضة الصيام سواء كانت فرضاً أو نافلة، لأن الصيام إنما هو تزكية وترقية للنفس وعروج بها إلى الملأ الأعلى.

 

الأستاذ خليل ـ أستاذ أحمد، تمر بنا في شعبان ذكرى تحويل القبلة من المسجد الأقصى المبارك إلى المسجد الحرام، ما الذي نستلهمه من هذه الواقعة؟

 

الشيخ أحمد ـ الإمام القرطبي رحمه الله نقل في تفسيره عن أبي حاتم البستي قال: [صلى المسلمون  إلى البيت المقدس سبعة عشر شهراً وثلاثة أيام سواء، وأمر الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم باستقبال القبلة يوم الثلاثاء للنصف من شعبان].

كان اليهود في المدينة يقولون إن محمداً يصلي  إلى قبلتنا ويترك ديننا، فكان يبلغ هذا الكلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فينزعج منه ويكثر الابتهال  إلى الله بأن يجعل قبلته البيت العتيق فنزل قوله تعالى: ((قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ)) [البقرة:144].  لكن أخي العزيز، الذي نقوله أنه قبل أيام ودَّعنا شهر رجب الفرد المحرم، نرى فيه ربطاً دائماً للعرب والمسلمين بالمسجد الأقصى، وكانت فيه حادثة الإسراء والمعراج إذا فكرنا فيه ملياً، لماذا لم يكن المعراج مباشرة من مكة  إلى السماء؟، لماذا هذه النقلة البرية إذا صح هذا التعبير، انتقال بري من مكان  إلى مكان، ثم انتقال جوي وهو المعراج؟!. إذاً هذا له إشارة، هو رمز بمثابة تأريخ وتأصيل لعلاقة المسلمين بالمسجد الأقصى.

دعوة الإسلام انتشرت في جزيرة العرب، والسؤال: لو لم يربط الله المسلمين عبر حادثة الإسراء والمعراج بالقدس، ولو لم يربط المسلمين والعرب عبر تحويل القبلة من المسجد الأقصى  إلى الكعبة المشرفة، ربما لنسي الناس ذلك، لنسوا المسجد الأقصى..

الشيء الثاني، لو لم يُدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة ربما نسي الناس المدينة، تصور لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة أقام في مكة؟، لنسي الناس المدينة..

هذه الأشياء هي بمثابة رموز في حياتنا، الله له حكمة من ذلك، فإذا مرت ذكرى الإسراء والمعراج ربطت قلوب العرب والمسلمين بالمسجد الأقصى والقدس، ثم مرت ذكرى النصف من شعبان وتحويل القبلة ربط المسجد الأقصى بالكعبة المشرفة، وكأن الله يقول لنا: إن ضيعتم القدس فقد ضيعتم مكة، وإن تنازلتم عن الأقصى فكأنكم تنازلتم عن الكعبة المشرفة، فحذار حذار أن تضيعوا القدس أو المسجد الأقصى..

المسجد الأقصى الذي يستصرخ اليوم العرب والمسلمين، بل شرفاء العالم وأحراره، ليهبوا لنصرته واستخلاصه من أيدي هؤلاء الغصبة المجرمين، القدس التي تُهوَّد اليوم على مرأى ومسمع من العالم كله وتهدم فيها بيوت إخواننا الفلسطينيين وتبنى فيها المستوطنات الإسرائيلية ضاربة إسرائيل بالقرارات الدولية والمجتمع الدولي بعرض الحائط، يبنون ذلك دون خجل أو حياء، فهم قوم طلقوا الخجل والحياء منذ فجر التاريخ.

فهذا ما نستلهمه من هذه الذكرى، أن نحافظ على القدس والأقصى، وأن نبذل ما لدينا من الغالي والرخيص في سبيل تحرير المسجد الأقصى. فتحويل القبلة هو ربط لأفئدتنا بتلك البقاع المقدسة.

 

الأستاذ خليل ـ أستاذ محمد خير، هناك أخطار اليوم تحيط بالأمة وتهددها وتهدد مقدساتها، والقدس والأقصى عرضة اليوم للتهويد، فماذا يجب على الأمة تجاه ذلك؟ منذ ستون سنة والقدس محتلة..

 

الشيخ محمد خير ـ الواقع هذا الكلام ينبغي أن يستوحيه كل مسلم من حادثة تحويل القبلة، بعض الكتاب المسلمين يقولون إن هذه الليلة تمثل عيد الاستقلال بالنسبة للمسلمين، يعني هم استقلوا في عبادتهم عن اليهود وأصبح لديهم قبلة خاصة بهم، فليحافظوا عليها وليطهروها من الدنس الحسي والمعنوي، وقد طهر النبي صلى الله عليه وسلم البيت الحرام من الدنس الحسي والمعنوي عندما فتح مكة، وغسل الكعبة المشرفة بماء زمزم وماء الورد والمسك، واليوم هي سنة متبعة حيث تُغسل الكعبة المشرفة في كل عام في الأول من شعبان وفي التاسع من ذي الحجة، عملاً وأسوة بفعل النبي صلى الله عليه وسلم على مرأى من أنظار العالم والقيادات الإسلامية، كأن في ذلك إشارة تستحثنا من الداخل  إلى أن قبلتنا الأولى تحتاج أيضاً  إلى التطهير الحسي والمعنوي، تحتاج  إلى التطهير الحسي بأن نقتلع جذور اليهود ودنسهم ورجسهم وشركهم وجبروتهم وطغيانهم الذي حل بالقدس وبالمسجد الأقصى وأفيائه المباركة، إذاً هناك دعوة ظاهرة من خلال هذا الحدث في هذا اليوم المبارك في هذه الليلة المعظمة في هذا الشهر الذي عظمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون للقدس مكانة في قلب كل مسلم.

كيف ومتى ينبغي أن ينهض المسلمون؟؟

كيف ينبغي أن ينهض المسلمون؟ عندما يشعرون أن القدس قبلتهم الأولى، وليست القدس من واجب الفلسطينيين وحدهم أن يرعوها ويحموها، إنما هي واجب المسلمين جميعاً، واجب الأمة العربية والإسلامية كلها.

ثم متى يجب؟ فهذا في كل لحظة، يجب علينا أن نفكر في الآلية التي تجمع كلمة الأمة الإسلامية وتوحد صفوفهم وتجمع طاقاتهم من أجل الدفاع عن هذا القطر العربي الإسلامي الذي يحوي هذه المقدسات الإسلامية.

وربما يسأل سائل: كيف نبدأ؟

أقول: البداية تكون بدعوة صادقة، بالالتجاء  إلى الله، هذا دور أهل العلم والعامة، فالدعاء مخ العبادة، وهو تضرع  إلى الله، فإذا قام به العلماء لا يسقط عن غير العلماء.

هذا واجب الجميع، يتوب الناس بالدعاء إلى الله، يطرقون باب الله، وهذه ليلة مباركة ويستجاب فيها الدعاء إن شاء الله ويرتجى فيها تنزيل الرحمات، فلنتضرع  إلى الله ولنلتجئ  إلى الله، ولنرفع أكفنا  إلى الله في هذه الليلة المباركة لعل الله ينظر  إلى ضعفنا وإلى عجزنا وتقصيرنا بقوته وجبروته وسلطانه وقهره فيرحمنا ويقهر أعداءنا الصهاينة ويكون متجبراً عليهم وهم الذين تجبروا في الأرض وتكبروا على البعاد وفسقوا في الأرض حتى عاثوا فيها فساداً، هذا هو واجبنا جميعاً وليس هو واجب أهل العلم فقط.

 

الأستاذ خليل ـ لكن أستاذ محمد، العدو الصهيوني الآن يمارس ممارسات إرهابية في مدينة القدس، حفر أنفاق، طرد الناس، هدم بيوت، كذلك منع الأئمة من دخول المسجد الأقصى، البارحة دخل الشيخ رائد صلاح  إلى المسجد، فماذا تقول لأهلنا الذين يحيون ليلة النصف من شعبان؟ هؤلاء المرابطين في بيت المقدس وأكنافه؟.

 

الشيخ محمد خير ـ أقول هناك نقطة مهمة جداً، وهي التقصير الإعلامي، رغم ما نشهده من محاولة تسليط الأضواء، إلا أن هناك تقصيراًَ إعلامياً عربياً في قضية القدس، وأقصد بذلك تسليط الضوء على حقيقة المسجد الأقصى وليس على قبة الصخرة فقط، المسجد الأقصى أرض واسعة مترامية الأطراف فلا يجوز أن يُهمل إعلامياً، الحفريات تحته، ومحاولة هدمه، وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه، يعني هذه افتراءات صهيونية توزع في كل يوم عبر الإعلام، وآخرها منذ أيام عندما أجرى الصهاينة تدريباً حياً بالذخيرة على اقتحام قبة الصخرة، وأقاموا مجسماً لقبة الصخرة وحاولوا اقتحامه من كل الجهات، فأين إعلامنا العربي اليوم من تسليط الضوء على قضية القدس، حتى في الدراما العربية ينبغي أن يكون لها معالجة فاعلة لقضية القدس وأن يكون لها ربط للقضية الإيمانية ليس فقط من ناحية الأرض والتراب والجذور، هناك إيمان، هناك قِبلة، يعني الناس عندما يفرطون بقبلتهم فهم يفرطون بجزء أساسي وجوهري من إيمانهم، فلا يجوز بأي حال من الأحوال إهمال هذا الجانب، كما نلاحظ دورنا الواضح في سورية، الدور القيادي الذي تلعبه القيادة في دعم المقاومة وفي الأخذ على يدها ومساندة قضايا القدس وفلسطين على الساحة الدولية وفي المحافل والمجتمعات الدولية، هذه بارقة بيضاء تسجل لقيادتنا الحكيمة جزاهم الله عنا كل خير.

 

الأستاذ خليل ـ أستاذ أحمد، هل هناك حوادث أخرى في تاريخنا الإسلامي كانت في شهر شعبان كحادثة الإسراء والمعراج؟!.

 

الشيخ أحمد ـ يذكر علماء السيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم – وهذا الحديث موجود في صحيحي البخاري ومسلم – يرويه أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم معجزة دالة على نبوته، فانشق القمر بمكة فرقتين حتى رؤي غار حراء فيما بين الشقين، شق في الشرق وشق في الغرب وغار حراء بينهما.

يقول سيدنا عبد الله بن مسعود عندما انشق القمر: قال المعاندون من أهل مكة هذا سحرٌ سحركم به ابن أبي كبشة، يعني سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، انظروا السُفَّار، يعني المسافرين، فإن رأوا مثلما رأيتم فهو صدق وإن لم يروه فهو سحر سحركم به محمد.

يقول سيدنا أنس بن مالك: فسألوا السفار من كل جهة، فقالوا: رأينا ذلك فنزل قوله تعالى: ((اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ)) [القمر:1-2]، وأذكر هنا في حادثة انشقاق القمر التي ذكر بعض المؤرخين أنها كانت في شهر شعبان، يذكرنا عناد أهل مكة بخبث ومكر اليهود في أرضنا المحتلة، كلما قامت مبادرة للسلام العادل والشامل الذي يعيد الأرض لأصحابها والحقوق لأهلها مكروا ونكروا وتجبروا وعَلَوا في الأرض، ولكن نقول لهم: إن عنادكم أشبه ما يكون بعناد أهل مكة، ومكة والحمد لله بفضل الله فُتحت ((إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً)) [الفتح:1]، فنحن نستبشر. التاريخ يعيد نفسه، كما عاند أهل مكة وفتحت مكة، نقول إن النصر آتٍ إن شاء الله بفضل الله سبحانه، بفضل صمود أهلنا في فلسطين وغزة الذين سطروا أروع صفحات العز والإباء. فحادثة انشقاق القمر معجزة لرسول الله نستخلص منها أن المعاندين في كل زمان، وأن أهل الباطل في كل زمان، ولول رأوا الحق ماثلاً أمام أعينهم لا بد أن يراوغوا ويمكروا يقول الله تعالى: ((وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)) [الأنفال:30].

 

الأستاذ خليل ـ أستاذ أحمد، يُروى عن رسول الله قوله: "إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها"، رواه ابن ماجة، ما مدى صحة هذا الحديث؟

 

الشيخ أحمد ـ هذا الحديث ، الأمر بصيام نصف شعبان، ضعَّفه الإمام ابن رجب الحنبلي في كتابه "لطائف المعارف"، وقالوا في إسناده رجل اسمه أبو بكر بن أبي سبرة، قال الإمام أحمد: هو ليس بشيء كان يضع الحديث وكان يكذب، وقال عنه الإمام البخاري: ضعيف ومنكر الحديث..

ولكن كما قلت في بداية هذه الحلقة، هذا الحديث بخصوصه بهذا اللفظ ضعفه بعض الأئمة، وأوصله البعض الآخر  إلى درجة الحسن، لأنه يتقوى بكثرة الطرق الواردة عن فضائل شعبان بشكل عام، وليلة النصف من شعبان جزءٌ منه. ولكن كما قلنا بما أنه يندرج تحت أصل شرعي وبما أن ليلة النصف من شعبان هي جزء من شهر شعبان وبما أن هناك أحاديث صحيحة في صيام الأيام البيض من كل شهر وهي أحاديث صحيحة، فمن ذلك نقول إن الأمر فيه متسع إن شاء الله.

 

الأستاذ خليل ـ أستاذ محمد خير، ما فائدة شهر شعبان وما دوره من أجل رمضان، كيف نستعد لرمضان في هذا الشهر الفضيل؟.

 

الشيخ محمد خير ـ الواقع شهر شعبان يُعدُّ دورة تأهيلية وتدريبية وتربوية لدخول شهر رمضان المبارك، فالمسلم يستقبل شهر رمضان بعد أيام قليلة.

يُروى عن الإمام أبي بكر البلخي أنه قال: شهر رجب هو شهر الزرع، وشهر شعبان هو شهر سقي الزرع، وأما شهر رمضان هو شهر الحصاد.

فالآن نحن بدأنا الدورة التدريبية التأهيلية عندما دخلنا في شهر رجب، والآن وصلنا منتصف الدورة وسندخل في شهر شعبان، مدرسة ذات 30 يوماً، لا بد أن نتخرج من هذه المدرسة وقد تهيأنا لها وقد نجحنا فيها. يعني التهيئة الإيمانية والتدريب التأهيلي الإيماني الذي يمكن أن يكون في شهر رجب وشعبان يبدأ أولاً بالتوبة والإقلاع عن المعاصي والإقبال على الله محاولة لتبييض الصحائف، حتى ندخل شهر رمضان بقلب نقي وصفحة بيضاء، ثم لنكثر من الدعاء، وهو مخ العبادة، ولا يُعرض عن الدعاء إلا البخلاء والجاهلون والمتكبرون.

وعندما نتدرب بالصيام كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي علينا شهر رمضان وقد ألفنا معنى الصيام جوعاً وعطشاً وتبتلاً إلى الله سبحانه وتقرباً بحفظ السمع والبصر واللسان.

فالصيام ليس مجرد ترك شهوتي البطن والفرج، إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أورد سيدنا جابر رضي الله عنه: "إذا صُمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن المحارم ودع عنك أذى الجار، ولا يكن يوم صومك ويوم فطرك سواء"، من استوى يوماه فهو مغبون، فلا بد أن يكون يوم الصوم يوم ارتقاء للروح وعروج للملكوت الأعلى وتطهير ظاهري وباطني، ثم هناك القرآن، واجب الأمة أن تهيأ على رفع الحجاب بينها وبين القرآن، فرمضان شهر القرآن، فإذا لم نعش مع القرآن تدبراً وتلاوةً وتفقهاً وتبصراً فمتى نعيش؟.

إذا لم نلجأ إلى الله في هذه الأشهر المباركة ونتضرع ونتدرب على الالتجاء  إلى الله وإظهار الافتقار  إلى الله، فمتى نبدأ ونظهر فقرنا وعجزنا ونعود أنفسنا على الالتجاء  إلى الله. إذاً هذه مجموعة من الأمور ينبغي أن تجعلنا نجعل شهر شعبان دورة تأصيلية تدريبية للدخول في رمضان، فإذا دخلنا رمضان كنا في حالة جاهزة، أما أن يأتي رمضان ونحن لم نستعد بعد روحياً ولا نفسياً ولا جسدياً فهذا يعتبر تقصيراً منا.

 

الأستاذ خليل ـ ماذا تقول لهؤلاء الذين يقصرون كما ذكرت؟ هؤلاء الذين يُعرضون أو يتعرضون لهذه النفحات الإيمانية؟.

 

الشيخ محمد خير ـ سؤالك ذو شقين، شق يتناول المعرضين عن النفحات الإيمانية، والثاني عن المتعرضين للنفحات.

حقيقة أسأل الله لنا ولهم الهداية، فمن فاته نفحات شهر رجب وشعبان فليتدارك ما بقي من هذا الشهر إلى أن يدخل شهر القرآن شهر رمضان، لا شك أنها أيام مباركة يحسن فيها العبادة، وخاصة شهر رجب، شهر الله المعظم، العبادة فيها تزداد والأجر يضاعف، كما أن الذنب فيها يضاعف كما أثبت العلماء.

وهناك أحاديث كثيرة نقلت في فضيلة شهر شعبان، حتى في ليلة النصف من شعبان، مجموع هذه الأحاديث ترفعها  إلى درجة الحديث الحسن، وخاصة الحديث الذي ورد "إذا كانت ليلة النصف من شعبان يطلع الله على جميع خلقه فيغفر لهم إلا لمشرك أو مشاحن"، لاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم حرص على أمرين: الأول توحيد الله تعالى وإفراده بالعبودية، والثاني هو أن تكون قلوب المسلمين نقية صافية بيضاء، لأن القلوب عليها المعول "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله".

إذاً أولئك الذين فاتهم التعرض للنفحات علينا وإياهم أن نتعرض لما بقي من نفحات هذا الشهر. والذين أدركوا من نفحات هذا الشهر فهنيئاً لهم، طوبى لهم وحسن مآب، لأنهم أدركوا من خير وبركة هذين الشهرين ما يجعلهم يدخلون في جو شهر رمضان وقد شُحنوا شُحنة روحية إيمانية تهيئهم لكي يكونوا من المقبولين المغفور لهم إن شاء الله تعالى.

 

الأستاذ خليل ـ أستاذ أحمد، ما فائدة أن يخصص شهر شعبان وغيره بشيء من الفضائل التي وردت في الآيات والأحاديث الشريفة؟

 

الشيخ أحمد ـ خصوصية شهر شعبان هي خصوصية اختصه الله عز وجل بها كما اختص غيره من الشهور بذلك، لا يخفى علينا أن لله خواص في الأزمنة والأمكنة والأشخاص، فمعنى تخصيص الله لهذه الأوقات بمزيد من الاهتمام هو كما تقوم بعضا لشركات أحياناً بعروض، تقوم بعروض وتخفيضات على سلعها على سبيل الدعاية ليقبل الناس على تلك السلع.

فالله عز وجل لو ترك الأزمنة كلها على حالها ولم يختص منها شيئاً ببعض الفضائل لمل الناس وسئموا، فهمة الإنسان تفتر فيحتاج إلى شيء يشد من همته، ويأخذ بقوة في عزيمته، فتأتي هذه المناسبات، تجد الناس عندما يعظمونها ويكون لها منزلة خاصة في قلوبهم يقبلون على الله عز وجل، وكان هذا العرض الذي قدمه الله للناس فأخذوه على محمل الجد ليبادروا لهذه العروض الرائعة المقدمة من الله تعالى لعباده، فهناك مغفرة "ألا من مستغفر فأغفر له"، وهناك رزق "ألا من مسترزق فأرزقه"، وهناك قضاء الحاجات "ألا من طالب حاجة فأعطيه إياها"، هذه عروض من الله يشد بها من همم خلقه.

 

الأستاذ خليل ـ أستاذ محمد، ما هو أهم ما يثبت في خصوصية شهر شعبان، قال تعالى: ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)) [البقرة:186]، ويقول صلى الله عليه وسلم: "الدعاء مخ العبادة"، وهناك من يغمز من أهمية الدعاء المأثور في هذه الليلة، فما رأيكم فضيلة الشيخ؟.

 

الشيخ محمد خير ـ نعم، الدعاء المأثور الوارد في ليلة النصف من شعبان بهذه الصيغة التي يرويها بعض أهل العلم: [اللهم يا ذا المن ولا يمن عليه، يا ذا الجلال والإكرام، ويا ذا الطول والإنعام، لا إله إلا أنت، ظهر اللاجئين، وجار المستجيرين، وأمان الخائفين، لك الحمد، وإليك المشتكى، بك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك]. عندما يقف الدعاء على المأثور فلا إشكال فيه أبداً.

أما عندما يكون فيه نوع من المغالطة أو نوع من الدخول في إشكالية شرعية كقول بعض الناس: [اللهم إن كنت كتبت علي في أم الكتاب شقوة أو تقتيراً في الرزق فامحُ عني شقوتي ووسع علي في رزقي]، بعض أهل العلم اعترض على هذا الدعاء وقالوا هو يتعارض مع قوله تعالى: ((يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)) [الرعد:39]، فلذلك إن لم نؤول هذا الدعاء على أن الله أجرى النسخ في القرآن نفسه فهناك آيات منسوخة، آية تنسخ آية، إن لم نؤول هذا المعنى ففي مثل هذه الأدعية إشكالية، الأولى لنا أن نخرج من هذه الإشكاليات، وأن نبقى على الصحيح المأثور عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الدعاء عموماً إنما يراد منه التقرب من الله تعالى، وإذا كان الإنسان لا يحسن الدعاء فما عليه إلا أن يقرأ الدعاء المأثور الوارد عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتقرب به  إلى الله تعالى.

 

الأستاذ خليل ـ أستاذ أحمد، قبل أن نختم هذه الحلقة، نريد منك كلمة توجهها لأهلنا المحاصرين في غزة، الذين يحيون ليلة النصف من شعبان، وهناك عشرات المساجد تم تهديمها في العدوان الصهيوني الأخير على أهلنا في قطاع غزة.

 

الشيخ أحمد ـ يا سيدي الكريم، ما أشبه اليوم بالأمس، والتاريخ يعيد نفسه، فقبل ما يزيد على ألف وأربعمائة عام حاصر زعماء مكة وحاصرت قريش سيدنا رسول اله صلى الله عليه وسلم في شعاب مكة، في شعب أبي طالب، واستمر هذا الحصار ثلاث سنوات، وأصاب المسلمين فيه ما أصابهم من الجهد، حتى أكلوا ورق الشجر ولحاء الشجر، لقد انتهى هذا الموضوع على أيدي بعض زعماء مكة كالمطعم بن عدي وغيره، عندما اجتمعوا في ناديهم في الكعبة المشرفة، فقالوا: نجلس هنا نبيع ونشتري ونأكل ونشرب، وبنو عبد المطلب محاصرون لا يأكلون ولا يشربون ولا يبتاعون ولا يبيعون، فقام المطعم بن عدي  إلى الورقة، هذه الورقة الظالمة التي كتبت لحصار رسول الله صلى الله عليه وسلم وبني عبد المطلب، عندما أخبرهم سيد الخلق صلى الله عليه وسلم أن الأرضة – وهي دودة صغيرة – قد جاءت على هذه الصحيفة الظالمة فأكلت كل ما فيها إلا اسم الله عز وجل، فجاء أبو طالب إليهم وقال لهم: إن الله قد سلط الأرضة على صحيفتكم التي كتبتم فأكلتها إلا موضع اسم الله عز وجل فإن كان ما يقوله محمد حقاً فإنكم تنهون هذا، فوالله إنه لظلم، وإن لم يكن ذلك سلمتكم محمداً فافعلوا به ما تشاؤون.

فذهبوا وفتحوا الصحيفة ووجدوا أن كلام رسول الله حق، فقام المطعم بن عدي  إلى الصحيفة وشقها، فانتهى الحصار.

لمن كانت الغلبة بعد هذا الحصار؟ للمسلمين، وعادوا بعد ذلك، وفتحت مكة، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أظفره الله مطئطئاً رأسه على جمله حتى كاد أن يمس جبينه سرج بعيره، فقال: ما تظنون أني فاعل بكم، فقالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء.

انقلبت الكرة، وانقلب المشهد، ونحن نقول لأهلنا في غزة، صبركم سيقلب الموازين، صبركم سيكون عنواناً آخر يسطر التاريخ.

 

الأستاذ خليل ـ لكن لم يرق حال هؤلاء لما أصاب أهلنا في غزة، خاصة النظام المصري اليوم الذي يغلق معبر رفح، الشريان المتنفس الوحيد لأهل غزة، مليون ونصف إنسان في الحصار، أطول حصار عرفه التاريخ.

 

الشيخ أحمد ـ هذا ليس حصاراً، هذا قتل شعب كامل، والحقيقة يا سيدي، ليس كل الناس سواسية في سياساتهم، هناك أصحاب قضية وأصحاب مبدأ، لا يبيعون الأرض ولا يبيعون العرض ولا يبيعون العرب ولا المسلمين، سورية بقيادتها الحكيمة استطاعت أن تكون قبلة للأنظار من خلال دعمها للمقاومة بكل أشكالها، كي عود الحق لأهله، ونطلب من بقية الناس أن يقتدوا بهذا، وثِق تماماً لو أن هذه الأمة اجتمعت على كلمة واحدة لهابها كل العالم، ولكن نسأل الله أن يوفقنا ويوفق ولاة أمورنا لما فيه الصواب وأن يلهمهم ما فيه رفعة هذا الدين ونصرة هذه الأمة.

 

الأستاذ خليل ـ أعزائي المستمعين، في نهاية هذه حلقة هذا اليوم من برنامج نور على نور والتي خصصناها للحديث عن معاني ليلة النصف من شعبان، لا يسعنا باسمكم جميعاً إلا أن نشكر ضيفي حلقة اليوم الشيخ أحمد سامر القباني مدير أوقاف دمشق والشيخ محمد خير الطرشان خطيب جامع العثمان بدمشق، شكراً جزيلاً لكما، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

 

للاستماع إلى الندوة صوتياً اضغط هنا