wwww.risalaty.net


لماذا تغير مفهوم النصر ؟


بقلم : ديمة هديب

قد عرفت... ولكن...

كانت الشوارع مكتظة بالناس وكان الشباب منتشرين في كل مكان ، وفي كل ركن من أركان الطريق مجموعة شبان يتحادثون فقلت في نفسي: ماذا حصل يا ترى ؟! هل هي مظاهرة تضامنا مع فلسطين !أو هو تنديد بجرائم المحتل في العراق ! أو ماذا يا ترى ؟! مشيت إلى أن استقليت الحافلة واسترحت من هذه الأفكار فإذا بمجموعة من الشباب قد بدأت تعلو أصواتهم في الحافلة " لا يمكن ، هو لها ، بالتأكيد سننتصر ، النصر لنا ، سنتابع على محطات التلفاز ونحن رجالها " فقلت بالتأكيد هناك عملية فدائية في فلسطين قد تبناها أحد الفصائل ولكن ياترى كم استشهد من الأبطال وكم مات من الأعداء ؟! فقلت فور وصولي سأتابع محطات التلفاز وأعلم ما الذي حصل ثم سمعت " سوريا والسعودية والكويت " آه لقد أخطأت مرة أخرى بالتأكيد هناك اجتماع هام بين هذه الدول وقد أحدث هذه الضجة عساه خيرا إن شاء الله ،ثم وصلت فنزلت واستقليت حافلة ثانية وتناسيت هذه الأفكار فسمعت صوت المعلق في الراديو وقد انطلق مذيع بالتنديد والتنكيل فقلت يا إلهي ما الذي حصل في الاجتماع حتى يتكلم بهذه الطريقة ثم اتصل متصل مبدع وذو فهم رائع فقال إننا الآن في فترة الامتحانات ويجب على الطلاب أن يتعلموا من هذا النصر والنجاح أن يحصلوا على أعلى الدرجات ؛ فقلت في نفسي لقد سمعت منذ فترة عن إحدى الطالبات السوريات أنها حصلت على دكتوراه من جامعة السوربون بالتأكيد هناك طالب أخر أو طالبة حصل على هذه الدرجة حتى ابتهج هذا المتصل هذا الابتهاج ويحق له ... طبعا ؛ لأنه فخر ونجاح لنا أيضا ،  ثم تنفست الصعداء " لقد وصلت أخيرا " وحضرت المحاضرات ثم عدت الى البيت وقد فكرت مليا في هذا النجاح والنصر الذي يتكلم عنه الناس وفي الطريق رأيت الأعلام في كل مكان ورأيت أطفالا صغارا قد رسموا الأعلام على وجوههم وكتبوا على صدورهم أسماء لم أتبينها ورأيت حافلات كاملة مكتظة بالشباب تسير بسرعة البرق إلى مكان ما ورأيت شبابا يركضون في الطريق مسرعين ؛ ثم وصلت إلى مكان كان مليئا برجال الشرطة فنظرت من النافذة فوجدت الناس قد اجتمعوا أفواجا ورجال الشرطة ينظمون السير فخفق قلبي وتسمرت عيناي في النافذة علي أفهم شيئا !! واخترق صوت مدوي أذناي وأنا أسمع الهتافات وقرع الطبول ثم اقتربت من المكان أكثر فإذا هي مباراة كرة قدم تلك التي هتف الناس من أجلها تلك التي تجمع الناس في الشوارع لها تلك التي أصبحت حديث الحافلات تلك التي عرقلت السير فقلت في نفسي"ما أخصب خيالي"وأنا قد اعتقدت أنها عملية فدائية أو تكريم فإذا بشباب الأمة الاسلامية قد تركوا أعمالهم وحياتهم ومشاغلهم ودينهم وأسرهم وبيوتهم وأتوا من كل حدب وصوب يتابعون هذه المباراة ، صحيح أننا لسنا ضد الرياضة وهذه المباريات وقد فرحنا بهذا النصر ولكن في القلب حرقة وفي النفس ضيق وفي الكلام غصة هل أخذت قضايا الأمة منا هذا الاهتمام وهل أصبحت حديث الشوارع والحافلات أم أنها بقيت هاجعة في بطون الكتب وفي دروس المساجد وخطب العلماء ، فيا ليت الوضع يتغير وهذه الموازين تقلب ونفقه ماذا يعني"فقه الأولويات" فلا نقع في هذه المقارنات والسلام..