wwww.risalaty.net


الدعوة إلى الله مهنة أم مهمة !!


 

كثرت في الآونة الأخيرة مظاهر لمن زجّوا أنفسهم في ميدان الدعوة إلى الله – ولن أقول إنَّ نياتهم خبيثة – ولكني أقول إنهم جعلوا من دعوتهم مهنة .. ربما لينالوا بها لقمة عيشهم ، أو ربما ليحققوا مكانة لهم بين الناس  .

هؤلاء قرؤوا قول الله تعالى { ومن أحسن قولا ً ممن دعا إلى الله وعمل صالحا ً وقال إنني من المسلمين} فلم يحسنوا فهم هذه الآية ، وتجاوزوها إلى تحقيق المآرب الشخصية والمنافع الدنيوية ..

هؤلاء قرؤوا الآية قراءة صورية فقط .. قراءة أحرف فقط.. وما سمعوا للإمام الغزالي حين قال :(( إنَّ العمل الصوري لا جدوى منه... أعرف أناسا يتوضؤون وتبقى أجسامهم وسخة! لماذا؟ إن الوضوء في وهمهم لا يعنى غير إمرار الماء على أعضاء معينة! أما أنه وسيلة للنظافة ٬ فلا...! وأعرف أناسا يصلون وتبقى أرواحهم كدرة! لماذا؟ إن الصلاة في فهمهم لا تعنى أكثر من تحريك الجسم في أوقات محددة أما إنها معراج للصفو والنور ٬ فلا..!! )) أ. هـ .

يلاحظ كثير من الناس أن هناك من يدَّعي ( المشيخة ) ويلبس لبوسها ثم يقوم بمخالفات شرعية أمام نفسه أو أمام أناس من خاصته ومقربيه ...

يقول كلمات دون روح .. دون قلب .. دون صلة حقيقيّة بالله .. دون شعور بالحرقة على الأمة وأبنائها ... دون تطبيق لتعاليم الشرع الذي يتمثل به ويدعو إليه ناسيا ً قول ربنا جل َّ وعلا { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون } ؟؟؟؟؟!!!

والناس من محبتهم لأهل العلم ينادون من يتفرغ للعمل الدعوي ب ( سيدنا الشيخ ) يلقبونه ( داعية ) يلتمسون دعواته ظنا ًمنهم أنه أقرب إلى الله سبحانه متناسين أنه " رُبَّ أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره" !!

ترى ! هل غاب عن هؤلاء أنهم القدوة ؟ فلماذا يتمثلوا القدوة في أنفسهم ، وهل فاتهم أنَّ أخطائهم يترصدها الناس بمنظار كبير ضخم !!  .

يقول الشاعر :

قد هيؤوك لأمر لو فطنت به          فأربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

الداعية طبيب يعالج المجتمع من أدوائه، ويبرئه من علله، ويعيش مشكلات الناس، ويلبي حاجات المجتمع؛ فهو عقل قادر على الربط بين مشكلات المجتمع وثقافة الدعوة، يشخص فيه الداء؛ ليصف له الدواء ، فتكوين الدعاة يعني تكوين الأمة؛ فالأمم العظيمة ليست إلا صناعةً حسنة لنفر من الرجال الموهوبين، وأثر الرجل العبقري فيمن حوله كأثر المطر في الأرض الموات، وأثر الشعاع في المكان المظلم .

فيا للأسف ...!!!!!!

أين نحن من حقيقة الدعوة ؟؟!

أيُّ ارتقاء للأمة نرجوه بعد كل هذا التفريط ؟

رحم الله من قال : زلَّة العالِم زلَّة عالَم !!

لقد بدؤوا دعوة رسموا عالمها بأيديهم .. تلك الدعوة التي بدؤوها بقصقصة الدين وتقديم التنازلات ، وما جعلوا نصب أعينهم أن دعوة مثل هذه ينتج عنها مكتوم خديج .. مريض .. ضعيف .. يتنازل عن كل شيء مع توالي الأيام .. كيف لا وقد بدأ حياته بمشاهدة التنازلات ؟؟!

يدعون إلى دين طالما فرطوا في جزئياته واحدة تلو الأخرى فماذا أبقوا من الدين ليدعوا إليه ؟؟!

يقول محمد الغزالي : { كأنما يُختار الدعاة وفق مواصفات تعكر صفو الإسلام وتطيح بحاضره ومستقبله ... وما أنكر أن هناك رجالاً في معادنهم نفاسة ، وفي مسالكهم عقل ونبل ... بيد أن َّ ندرتهم لا تحل ُّ أزمة الدعاة التي تشتد يوما ً بعد يوم . أ. هـ }

ملحوظة :

      -  لا أعني بموضوعي هذا أنني أطالب الدعاة بالعصمة فالعصمة لم ولن تكون لهم ولكني – وكطالبة علم – أطالبهم بتقوى الله في خلق الله .

-        لم أكتب موضوعي هذا تعريضاً بأحد ، ولكنه واقع الحال الذي نعيشه .

-        لا أريد أن يفهم من كلامي اليأس للأمة فخيرية هذه الأمة باقية باقية  .

-        هذا الكلام ينطبق على الداعية ( الرجل والمرأة ) فأمراض المجتمع ليست ذكورية فقط .

شاركوني آراءكم .. علنا نصل إلى حل أنجع لمشكلة الأمة اليوم .. ونصل إلى أن نرى داعية بحق .