wwww.risalaty.net


حــمَّــــام ( ادخل لتعلم ما المقصود ؟؟!! )


اشتهرت الشام بحماماتها التي يرتادها أبناؤها ، وكل سائح يحل ضيفاً عليها …

مَن منّا لم يرى تلك الحمامات ، ولم يشاهد أبخرتها تتصاعد من بين تلك الحجرات التي يخرج الفرد منها مورّد الوجنتين محمرّ العينين مبيضّ الوجه والجسد ….

هي حمامات قديمة اشتهرت بها الشام دون غيرها من البلدان …

 ولكنني اليوم وقفت معجبة بحمّام لم أرى له مثيلاً في الشام !!

نعم حمّام رائع تمنيّت أن أقضي فيه ساعات وساعات !!

ولمَ لا ؟؟؟!

لا بدّ وأنكم تعجبون مما أقول !!!

إذاً سأحدّثكم عن الحمام الذي شاهدت ، وبعدها أنتم من سيحكم ، ولربّما تمنيتم مثلي أن تقضوا فيه ساعات ، وأن تعيدوا المجيء إليه مرات ومرات …

هذا الحمّام يا إخوتي يتميّز بخصالٍ جمّة وعِدّة …

أولاها أنّك تخرج منه معطّراً برائحة الجنان ورِضى الملك الديّـان …

وثانيها أنّه لا يوجد في هذا الحمّام ، كما يقال: "مكيّس" ، فالمجهود شخصي ليس هناك من يقوم بخدمتك ومساعدتك ، ولكن بالرغم من ذلك فإنك تخرج منه كيوم ولدتك أمّك ….

نعم .. صافياً نقياً لا يدنّسك شيء ، فقلبك قد تمّ فَركُه بل وعصرُه وغسله بمياه صادقة خالصة تترقرق من العيون الباكية ليُجلى القلب من كل صدأ ودرنٍ وذنب ومعصية حتى يصبح كمرآة ، نقي طاهر من الخطايا والمعاصي …

هذا قلبك الذي اعتُصر ندماً على ما كان وتاب توبة لو وزّعت على قلوب المستحمّين معك لوسعتهم ، وعزم أن لا يعود للآثام ، وأن يحافظ على رقابة الغفور التوّاب في كل آن …

هذا قلبك الذي لم يستحمّ ولن يستحمّ حمّاماً كهذا إلاّ في ذاك المكان…

فإذا كان قلبك قد طهُر طهارةً يشعُّ نورها على من حولك ، فما بالك بباقي أعضائك ؟!!

قلت لك هذا الحمّام يتميّز بخصالٍ شتى … فانظر لعينيك اللتين انفجرتا كنهر جارٍ لا يُمكن ايقافه ، قد غُسِلتا من كلّ نظرةٍ حرام أو خيانة لهما نهى عنها المُنعم عليك بمقلتين حِسان …

أما سمعُك … قد امتلأ بأنغامٍ ساحرة يقع صداها في قلبك ليزيد بخار حمّامك صعودا ، وتزيد مياه عينك دموعا …

وهذا لسانك يحكي ويسرد قصّة ليست كالتي يسردها بعض المحدّثين في الحمّام .. لااااا … هي قصة فريدة لن يسمعك أحد وأنت تبوح بها ، بل ستحاول جاهداً أن لا يسمعك أحد … !!!

نعم فهي قصّة فضائح تحاول سترها أمام أقرانك ، ولكنك اليوم تبوح بها لمن أسبغ عليك ستره ، تعترف وترجو ، تتوب وتدعو أن يُغفر لهذا اللسان ما حصد ، وأن تُعفى تلك الأعضاء في الجسد من زلةٍ كانت هنا وأخرى هناك ، ومن ضعْف نفسٍ هنا وتناسي مراقبةٍ هناك …

ستجأر إليه سبحانه أن اجعله مقبولا ، فالعمر ليس طويلا ولربما لن يكتب لي الحلولا في صعيدٍ عبيدك فيه كالمستحمّ الحريص على طهارته والقبول …

ستنادي الحنّان الجواد أنِ اقبلنا واجعلنا ممّن ركّبت على جوارحهم من المراقبة غلاظ القيود ، وأقمتَ على سرائرهم من المشاهدة دقائق الشهود ، فهجم عليهم نشر الرقيب مع القيام والقعود ، فنكسوا رؤوسهم من الخجل وجباههم للسجود ، وفرشوا لفرط ذلّهم على بابك نواعم الخدود فأعطيتهم برحمتك غاية المقصود …

 

بعدها ستخرج من ذاك المكان ومن هذا الحمّام فرِحاً سعيداً مسرورا ، فهنيئاً لك ذنوباً مُحَت وقَبولا …

وحجّاً مبرورا وسعياً مشكورا ، وكلّ عامٍ وأنت بألف ألفِ خير …

 

وكل حمـّّــام وأنت من الذين سَعِدوا بطهارة روحية قبل أن تكون بدنية لتنال عندها السعادة الحقيقية …

 

ما رأيكم إخوتي بهذا الحـمّام ، هل اشتقتم لدخوله ؟؟؟

وهل تمنيتم الحلول فيه ؟؟؟

لنبادر فالنار توقد لذاك الحمّام ، وإن لم نكن فيه جسداً فسنكون روحاً هناك …

لا تنسونا من صالح دعائكم عند ذاك المكان الطاهر وفي تلك البقعة المباركة ، وفي ذاك اليوم الفضيل ….

 4/ ذو الحجة / 1429هـ

2 / 12 / 2008 م