wwww.risalaty.net


كلمة شكر لأعداء النّقــــــاب


بقلم : دعاء الأصفياء

 

بسم الله الرّحمن الرّحيم

والصّلاة والسّلام على رسوله الكريم

 

سبحان

الله! شيءٌ مدهشٌ يحدث كلّ حين.. عندما يرى أحد صنوف الباطل الحقَّ ساطعاً ويخشى أن يفضح ظلمته، فيأتي بناره ليطغى على ذلك النّور لعلّه يخبو، فيهدأ باله حين تصبح الظّلمةُ ظلمتين، ولكن.. هيهات للباطل أن ينال مبتغاه، فبدل أن يسيطر بناره على نور الحقّ؛ يغلب الحقّ بنوره نارَه، فيُخمدها ويبقى متألّقا، بل إنّه يزداد نوراً على نور، وسطوعاً فوق سطوعٍ نتيجة هذا الهجوم الشّرس، ثمّ تتكرّر المحاولة من قِبَل صنوفٍ أخرى من الباطل لتلقى العاقبة نفسها، ويفوق الحقُّ بنوره كلَّ باطل. حقّاً إنّه لأمرٌ مدهش، ولكنّ الأكثر إدهاشاً بعد ذلك كلّه هو أن يشهد صنفٌ جديد من صنوف الباطل ما جرى مع غيره من الصّنوف الّتي أدبرت خائبةً بظلمتها بعدما انقلبت أفعالها عليها وبالا، فيسعى في محاولة جديدة آملاً بكلّ حماقةٍ إطفاء نور الحقّ.

        فها هم أهل الكفر والضّلال قد حاولوا الإساءة لتلك الشّخصيّة الّتي أرسلها الله عزّ وجلّ هدىً للعالمين، فأضاء بها كونه بعد ظلام، وأحدث لخلقه صحوة بعد منام، وأثبت حقائقَ بعد أوهام. لقد عمدوا إلى اتّهامه بما لم يُنْزِل الله به من سلطان، وأظهروه بأبشع الصّور والألوان؛ ليصدّوا عن طريقه ونهجه كلَّ إنسان، وفي النّهاية ما جَنَوا من صدّهم هذا إلا الخيبة والخسران؛ إذ عاد من يعرفه لإحياء سنّته، وتشوّق من لم يعرفه لمعرفته، فدخلوا دينَه وتمسّكوا بشرعته.

        وها هم أهل الباطل قد حاولوا إحراق مدينة بأكملها، لا ذنب لها سوى أنّ أهلها قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا (والله بهم أعلم)، فبدل أن تفنى هذه المدينة الكبيرة من الوجود فقد حماها ربّها، وزادها رفعة في عيون النّاس أجمعين، وجعل أعداءها هم الأسفلين.

        وها هم أعداء النّقاب قد شنّوا حروباً شعواء على من التزمت به، فمنهم من رماها بالتّخلّف والجاهليّة، ومنهم من جهد لإقناعها بأنّ النّقاب عادةٌ موروثة لا أصل لها في الإسلام، ومنهم من آذاها ليثنيها عن العبادة الّتي أطاعت بها ربّها، وعن الفضيلة الّتي أصرّت رغم أذاهم على التّحلّي بها، إلى أن ازداد أخيراً هذا الإيذاء قولاً وفعلاً، وكلّ أملهم أن يضيّقوا عليها لتتخلّى عن نقابها، وأن يقبّحوه في عين غيرها من النّساء لِئَلا تفكّر في إتمام سترها، وأن يجعلوا منه سبباً يحول دون حرّيتها وتحرّرها //على أنّ المقصود بالتّحرّر - في هذا الزّمان - هو التّبرّج والسّفور (فيما يخصّ الحجاب) والخروج عن كلّ قيد وضابط (في باقي الشّؤون والأحوال)//، فكان شأنُهم بفضل الله شأنَ غيرهم ممّن سعَوا لإخفاء الفضائل. فبعد أن بلغت معركة النّقاب هذه الأيّامَ أوجَها هيّأ الله من يدافع عن عفاف المرأة المنتقّبة، ويواجه أولئك الّذي أنكروا على المرأة أن تستر وجهها، وليتهم اكتفوا بذلك، بل أرادوا أيضاً إجبارها على خلع هذا السّتر الّذي يحميها ويحمي غيرها، وكأنّها ستؤذيهم بهذا السّتر، وطبّقوا قانون الحرّيّة الشّخصيّة لصالح المتبرّجات (حيث لا يجوز الاعتراض على تبرّجهنّ) بينما لا يجوز للعفيفة المتستّرة أن تمتلك حرّيّة شخصيّة في لباسها، ومع ذلك كلّه فقد ازدادت المتنقّبة تمسّكاً بنقابها، وبدأت غير المنتقّبة تشتاق لارتداء النّقاب، وصدق الشّاعر إذ يقول:

وإذا أراد الله  نشـر فضيلةٍ       طُوِيَتْ أتاح لها لسانَ حسودِ

        نعم.. لقد حسدوها على ثباتها في عصرٍ لا يخلع عن المرأة سترها فحسب، بل ويُخرِج المرء من دينه، حسدوها على صمودها في وجه التّيّارات الّتي حاولت بقوّةٍ جرفها، حسدوها على صبرها رغم ما تنال من أذى بسبب سترها.

لذلك أقول:

        شكراً لكم يا أعداء النّقاب! فقد حاولتم جاهدين إبعاد آيات الحجاب عن مقصدها الحقيقيّ، فما كان منها موجّهاً لنساء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قد قصرتموه على نساء النّبيّ، وادّعيتم أنّ لا يمتّ لنساء اليوم بصلة، وما كان منها موجّهاً لنساء المؤمنين، لم تجدوا منه مهرباًَ إلا بتفسيره تفسيراً يحلو لكم. واليوم قد حان الوقت لتعلموا وتقرّوا أنّ كلّ أمرٍ موجّه لنساء النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام هو أيضاً موجّهٌ لنساء المسلمين، تماماً كما أنّ كلّ أمرٍ موجّه له صلّى الله عليه وسلّم موجّه للمسلمين.

شكراً لكم يا أعداء النّقاب! فقد كنتم ترون إحدى الفتيات تزيّن عينيها وتخرج بالنّقاب، وكنتم ترون إحدى الطّالبات تتّخذ من النّقاب وسيلةً للغشّ في الامتحان، وكنتم ترون إحدى المنتقّبات ساترةً جميع بدنها، لكنّها ترتكب المخالفات الشّرعيّة، فجمعتم تلك المواقف كلّها وأردتم تعميمها على جميع المنتقّبات، فادّعيتم أنّ المنتقّبة لا تحترم نقابها، ولا فائدة من هذا النّقاب على وجهها طالما أنّها على حال لا تناسب لباسها، وأخيراً وبعد إجباركم إحدى المنتقّبات على خلع نقابها قلتم لها: "أمّال لو كنتِ جميلة شويّة كنتِ تعملي إيـه؟".والتي كان من الأفضل توجيهها لمن عملت على إغراء الشّباب رغم عدم جمالها، فلا يمكن الرّدّ على هذه الجملة إلا بجملة أخرى: "وأمّال بكرة بس يسألنا ربّنا حنؤُلّو إيـه؟!". شكراً لكم لأنّ جملتكم هذه كانت سبباً في حثّ الخطا للعمل على تبيان أنّ المنتقّبة ما سترت وجهها لغايةٍ دنيئة، وما سترته لإخفاء قبحٍ أو جمال، إنّما فعلت ذلك امتثالاً لأمر ربّها، وأملاً في إرضاء جلاله، وإنْ وجدتم من استعملت النّقاب كوسيلة تحقّق من خلالها غاياتٍ غير نبيلة فهذا لا يعطيكم الحقّ في إلزاق هذه التّهمة بكلّ من سترت وجهها.

شكراً لكم يا أعداء النّقاب! فقد استخدمتم خلال حربكم على المنتقّبة سلاحاً حسبتموه قويّاً، وهو إقناعها أنّ النّقاب عادةٌ موروثة، وظاهرة دخيلة على الإسلام، وألّفتم كتباً ليكون سلاحكم أكثر فاعليّة وأسميتموها "النّقاب عادة وليس عبادة"، وقمتم بتوزيعها على أئمة المساجد لنشرها وترويج ما فيها من أفكار بالية، وقد طالبتم بإصدار قانون رسميّ يحرم ارتداء النّقاب للحفاظ على أمن المجتمع وسلامته، فتكون المتنقّبة بذلك خطراً على أمن المجتمع، ولا بدّ من إيجاد وسيلة لحماية المجتمع من خطرها، وتصبح المتفلّتة والمتبرّجة هي الّتي حافظت على سلامة ذلك المجتمع ونظافته، وما دريتم أنّكم بذلك اتّهمتم نساء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وبناته، اتّهمتم أطهر النّساء وأشرفهنّ. ولكنّ استخدامكم هذا السّلاح كان سبباً في بذل مزيد من الجهود لتعريف المرأة المسلمة بأنّ النّقاب عبادة وليس عادة. وحتّى لو كان عادة - وهو ليس كذلك - فعليكم أن تعرفوا أنّ العادة الحميدة عندما تكون لله تتحوّل إلى عبادة.

شكراً لكم يا أعداء النّقاب! فقد أوذيت المنتقّبة كثيراً، أوذيت في الشّارع، أوذيت في الجامعات، أوذيت في الأسواق، أوذيت في كلّ مكانٍ دخلته لقضاء حاجةٍ من حوائجها، حتّى إنّ كثيراً من أولئك الشّباب الضّائعين، والّذين كان ذلك النّقاب من أجلهم، ومن أجل الحفاظ على عفّتهم وطهارة قلوبهم، حتّى أولئك ما سلمت من إيذائهم، ومع ذلك صبرت واحتسبت هذا الأذى عند ربّها. وبعد هجمتكم الشّرسة عليها، ومحاولتكم بكلّ قسوة نزع نقابها جاء اليوم الّذي يزيدها فيه الله ثباتاً وصبراً، ويطلق الألسنة دفاعاً عنها.

شكراً لكم يا أعداء النّقاب! فقد كنتم تمتعضون كلّما ظهر أحد الدّعاة يفسّر آيات الحجاب على النّحو الصّحيح الّذي لا يرضيكم، وتتمنّون ألا يتحدّث أحد عن النّقاب، واليوم، وبعد أن حقدتم على أولئك الدّعاة، وبعد كلّ جهودكم في الرّد عليهم وإسكات أصواتهم، باتوا يتكلّمون كلّ يوم، صباح مساء، ليل نهار، بل أصبح النّقاب حديث السّاعة، ومن كان غائباً عنه آنذاك لا بدّ أن يكون حاضراً اليوم.

شكراً لكم يا أعداء النّقاب! فقد أصدرتم قراراً بمنع ارتداء النّقاب في معاهد الأزهر الشّريف، فكانت النّتيجة أن ازداد تمسّك المنتقّبة بنقابها، وأنكر الكثيرون هذا القرار الغريب، على الأقلّ لأنّه لم يصدر في الدّول الأجنبيّة، ولم يكن من المتوقّع أبداً أن يصدر عن أناس محسوبين على الله والدّين. ولأنّ زلّة العالم بألف... قراركم هذا كان سبباً في صدور قرار آخر من أحدهم بتخصيص مصنع للنّقاب. كلّ ذلك بسببكم! أفلا تستحقّون الشّكر؟!!

فشكراً لكم يا أعداء النّقاب! لطالما شكركم غيري بلسانه عندما أيّدكم، وشكركم بقلبه عندما فرح برأيكم، وشكركم بحاله عندما أعانكم على حربكم، وهأنذي اليوم أشكركم لأنّكم خدمتم النّقاب بهده الحرب. شكراً لكم يا أعداء النّقاب! شكراً لكم يا أعداء الحقّ! فها هو الحقّ يسطع بنوره، ويخاطبكم كما خاطب غيركم قائلاً: "لِمَ تُصرّون على معاينة التّجربة بأنفسكم؟ ألا تتّعظون بمن حاولوا إطفاء نوري قبلكم؟!".

شكراً لكم يا أعداء النّقاب! فقد كنتم سبباً مباشراً أو غير مباشر في نشوء صحوة جديدة، وستستمرّ الأمّة بإذن الله في صحوتها. فقولوا متخلّفة، وقولوا متشدّدة، وقولوا معقّدة، قولوا ما طاب لكم أن تقولوا، فإنّ ذلك لن يغيّر من الحقّ شيئا؛ لأنّ من اتّبعت حكماً في كتاب الله مبتغية إرضاءه لن تكترث بما تقولون، ومن جعلت زوجات النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وبناته وصحابيّاته قدوةً لها في دربها؛ تعلم تماماً أنّ اقتداءها بفضليات نساء العالمين ليس بتخلّف ولا تعقيد، إنّما هو قمّة التّحضّر والارتقاء.

وأنتِ يا أخت النّقاب! اثبتي.. فإنّك بإذن الله على الحقّ المبين. ولا تعبئي بأيّ استهزاءٍ أو محاولةٍ لإبعادكِ عن أداء عبادة من أرقى العبادات، واعلمي أنّ من أراد العسل فللعسل ثمنٌ غالٍ، وكذلك من أراد الوصول إلى الله فالله غالٍ جدّاً، بل إنّه أغلى مرادٍ على الإطلاق، ولا بدّ للوصول إليه من ثمنٍ يناسب ذلك الوصول. فالدّرب طويل.. ولا يخلو من العقبات، وإنّما هو امتحان.. فاعملي على أن تكوني فيه من النّاجحات.

 

تمسّكي بنقابك

وحافظي على السّتر والاحتشام

لتكوني دوماً

 بـنـت الكــرام