wwww.risalaty.net


إعراب (فلسطين)


بقلم : الأستاذ تحسين بيرقدار

"تلميذ مسلم يُعرب "فلسطين" إعراباً تدمع له العيون وتبكي له القلوب"

 

قال الأستاذ للتلميذ: قفْ يا بنيَّ! وأعربْ ما يلي:

"عَشِقَ المسلمُ أرضَ فلسطينَ"

وقفَ التلميذُ ، وقالَ:

عَشِقَ: فعل حقيقيٌّ صادقٌ مبنيٌّ على أملٍ ينبعُ من إيمان ، واثقٌ بالعودة إلى الوطن ، متوكَّلٌ على الرحمن.

المُسْلمُ: فاعلٌ عاجزٌ عن السَّير خطوةً في طريق الأمل المنشود ، المبني على الحبّ المعهود.

وصمته الهادئ: دليلٌ قاطعٌ على عجزه ، وهو أعنف فعل يتفجَّرُ في قلبه.

أرضَ: مفعولٌ به مغصوب ، وعلامة غصبه أنهار الدِّماء ، وأشلاء الأبرياء ، وآلاف القتلى الأوفياء.

فلسطين: وطنٌ مضافٌ إلى أرض مغصوبة ، مجرورٌ بمعاهدة مكذوبة ، واتفاقية ملعوبة ، وعلامة غصبها الأمم المتحدة المنكوبة.

قالَ الأستاذ: مالك ياولدي غيَّرت قانون النحو وفنَّ الإعراب ؟!!!. إليك ياولدي! محاولةً أخرى.

أعربْ لنا:

"صَحَتِ الأُمَّةُ منْ غفلَتِها"

قال التلميذُ:

صَحَتِْ: فعلٌ ماضٍ ولَّى ومضى ، على أمل أنْ يعودْ ، وعلامة ذهابه الأفلامُ المروِّعة ، والنساء المتبرِّجة.

الأمَّةُ: فاعلٌ نوَّمَهُ تواطؤ الحكام وحبُّ الدنيا وكُرْهُ الإسلام، حتَّى إنَّ الناظرَ إليه ليشكُّ بأنه من الأنام.

منْ: حرف جرٍّ للغفلة التي حجبتْ غيومها بصيص الأمل ، ووميض التّفاؤل والعملْ.

غفلتِها: اسم عَجِزَ حرف الجر عن أن يجر سواه ، والهاء: ضمير الغفلة الميّت ، المتصل بالأمة التي هانت عليها الغفلة ، مبني على المذلة التي ليس لها من دون الله كاشفة.

قال المعلِّمُ: ما لك يا ولدي! كيفَ نسيت قواعد اللغة ؟ وحرَّفْتَ معاني الإعراب؟

قال التلميذ: لا، يا أستاذي! لم أنسَ شيئاً من ذلك.

لكنها أمتي هي التي نسيت عزَّ الإيمان ، وهجرت هدي القرآن ، وسنة النبيّ العدنان.

صمتتْ باسمِ السِّلم والسَّلام ، وعاهدتْ معاهداتِ الذُّلِ والاستسلام ، دفنَتْ رأسها في حِجر الغرب اللئيم  وخانت عهد الذكر الحكيم...

عفواً أستاذي ومعذرةً! إنَّ سؤالك حرَّك أشجاني ، ألهبَ في قلبي أحزاني.

عفواً أستاذي ومعذرةً! إنَّ سؤالك نارٌ تحرق أعصابي ، تهدُّ جسمي وكياني.

إنِّي أحببتُ فلسطينَ حبَّاً ليس كحبِّ الحكَّام، حباً أفسد عليَّ أفراحي. وجعلني أعيشُ بأتراحِ.

عفواً أستاذي ومعذرةً! قد حاولت أن ألزم كتماني ، لكن قلبي قد سبق لساني ، وأبدى مني أحزاني.

عفواً أستاذي ومعذرةً! ما هكذا تعلمنا الإعرابْ..

 لكن القلب تمزق.. تأوَّه.. ثمَّ ذابْ...