::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> أقلام نسائية

 

 

حقيقةٌ لكنها ...

بقلم : ديمة محمد ديب هديب  

لم تدري الأم أنها تلقي النظرة الأخيرة على ولدها .. لم يعي الأب أنه يسمع آخر كلمات ابنه.. لم تظن الأخت أن أخاها سيرحل .. لم يعتقد الأقارب أن الشاب سيمضي سريعاً .. لم يعلم هو أن الدنيا ستنتهي عند هذا الحد ؛ كان يرسم آمالاً ويطمح ويقول : سأبدأ بهذا المشروع ؛ سأسافر ؛ سأمرح ؛ وسأحيا حياتي كما أريد .. لم يدري طفله الصغير أن أباه لن يعود ؛ كان فرحاً بالناسِ الذين جاؤوا لزيارتهم ، عماته اللواتي يحبهم وخالاته اللاتي يقدمنَّ له كل ما يريد؛ كان سعيداً بهم ..
 
كان مبتهجاً بهذا اليوم الذي جمع كل من يحب ،لكنه لم يعرف أنها سعادةٌ وهمية وما إن تمضي هذه الأيام الثلاث حتى ينفضَّ الناس من حولهم ويعود كل شيء إلى ما كان عليه إلا أباه .. خرج الطفل يبحث عن أبيه ويسأل ويقول : " أريد بابا ، لماذا تأخر ، لماذا لم يقل أنه ذاهب " ويقف الجميع بين حيرةٍ ودهشة وحزنٍ وألم يبحثون عن جواب لهذا الطفل ولا يجدون ؛ وتزداد مأساة أمه عندما يقف بجوارها في الصلاة ويدعو أن يعود والده سريعاً ويحضر له كل ما يريد ؛ لكن .. أنَّى ذلك .. لقد دخل هذا الأب عالمه الجديد ؛ لقد ترك كل ما حوله ولم يبق له شيء في هذه الحياة ؛ لقد ذهب إلى عالم الحقيقة المنسية إلى عالم الموت .. هذا العالم الذي لا نذكره إلا إذا مات شخص عزيز علينا ويتردد على الألسنة : " إنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"، حتى هذا الكلام يكون قليلاً ولا يتجاوز الأيام الثلاث ؛ وربما كان الكلام السائد في هذه الأيام أخطاء فادحة ومصائب واضحة وقد يشوب عقائدهم شائب ولا يدرون ويطلقون العنان لألسنتهم بقولهم على الله غير الحق واعتراضهم على موت هذا الشاب ويقولون : " لم يكمل المشروع ، ولم يذهب في رحلة إلى البلد الفلاني ، ولم ينجب أطفالا ذكورا ً، و.... " ولا يسألون : " هل كان طائعاً لله ؟! هل عليه حج ولم يحج ؟! هل أخرج صدقة أمواله ؟! هل أدَّى جميع واجباته ؟! " فهذا على حد زعمهم بينه وبين الله وما علموا أن هذا ما يعنيه الآن وأن هذه الدنيا الزائلة التي يسألون عنها لم تعد تعني لهذا الميت شيئا ولم تعد تهمه ولن تفيده أبدا إلا ما ادَّخر فيها من عمل صالح ابتغى به وجه الله تعالى ؛ والأسوء أن هؤلاء الناس ينسون أن الموت كأس سيشرب منه كل من هو على وجه الأرض دون استثناء فيعتقدون أن الموت بعيد ؛ أو أن في العمر فسحة ولا يفكرون أن أي شخص ممن يجلس في هذا المجلس قد يموت اليوم أو غداً أو بعد غد ؛ فلماذا لا يكون هذا المقام حافزاً للخوف من الله تعالى وتذكر الدار الآخرة والعمل لها ، فإن الموت قريبٌ أقرب إلينا من آبائنا وأمهاتنا وقلوبنا ودمائنا التي تجري في عروقنا ؛ فلعلنا إن تذكرنا الموت جعلنا منه دافعا إلى الأمام لا سببا في الكسل والتراجع ؛ فنتزود من ذكره للآخرة ونعمل مجتهدين ان نفوز في دار القرار وأن نفلح في هذه الدار فنحصل على خيري الدنيا والآخرة لنطبق العلاج القرآني الذي سيهدينا إلى سواء الصراط (( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ))

آمين .. يا رب العالمين ...

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 2875

 تاريخ النشر: 09/07/2008

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 365

: - عدد زوار اليوم

7750888

: - عدد الزوار الكلي
[ 27 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan