التّعفّف عن الاختلاط المحرّم ... وقفة وتأمل ودعوة !!
بقلم : المحبة لله
وِقفـَة .. وَدَعْوَة إِلـَى العِفَّة
( التَّعفّف عَن الاختِلاط )
ها هي السّنة الأولى لطلاب كلّيّة التّربية
في إحدى الجامعات في بلدنا ؛ بدء الطلاب والطالبات المشوار ، وكلّهم أمل بالحصول على أكبر قدر من المعلومات لينتفعوا وينفعوا ، فأمامهم مسؤوليّة عظيمة في تربية الأجيال، وهذا يستدعي الحرص على تعلّم طرائق ، والاستعانة بوسائل تؤهّلهم لتنشئة جيل يبني الوطن ، ويعلي راية الإسلام .......
ترى .. ماذا سيلقي المحاضرون في محاضراتهم ؟ وما الخبرات التّربويّة الّتي سيزوّدون بها طلابهم ؟ الطّلاب متلهّفون ومتشوّقون للمحاضرات المفيدة .......
وفي إحدى المحاضرات ، يدخل الطّلاب إلى القاعة ؛ للاستماع إلى خبرة أحد الدّكاترة في مادّة ( التّربية العامّة ) ، يا لهذا الاسم الرّائع ! سيبدؤون المسيرة بلمحة عن مضمون التّربية بشكل عامّ ، لا بدّ أنّها مادّة مفيدة .......
ها هو الأستاذ يدخل قاعة المحاضرات ، وستبدأ المحاضرة الثمينة ، ترى .. ما هي أولى الخبرات الّتي سيطلعهم عليها ؟ إلى ماذا سيرشدهم في طريقهم ؟ فكانت المفاجأة والصّاعقة الكبرى .......
بدأ الدّكتور المربّي ينشر أفكارً غريبة ، لا تمتّ للتّربية بصلة وإحدى هذه الأفكار أنقلها لكم بما في معناه : "لدى طلاب هذه الجامعة شيء من التّخلّف ، فلا يجرؤ أحد الشّباب على السّير مع إحدى الفتيات في حديقة الجامعة ، أو حتّى مجرّد الحديث معها ، إلا شباباً أقلّة .. هذه الكلّيّة بحاجة إلى شيء من التّحضّر والرّقيّ ؛ لتصبح كباقي الجامعات" .......
تحطّمت الآمال ، وتكسّرت الأحلام ، فلم يجد مربّو المستقبل ما يعينهم على أداء رسالتهم ، وسيلاقون مزيداً من العناء في البحث عن الأدلّة الّتي سترشدهم في عملهم .......
أقبلت السّتة الثانية .. وأقبل الدّكتور الفاضل ثانية ؛ لتدريس هؤلاء الطّلاب مادّة جديدة ... لم يتغيّر .. ما زال ينشر أفكاره المؤلمة ، وأنقل لكم معنى ما قاله في إحدى المحاضرات : " أجد أنّ الرّقيّ قد شقّ طريقه ليدخل عقول هؤلاء الطّلاب ، فالاختلاط بين الشّباب والبنات قد ازداد ، وهذا يدعو للتّفاؤل ، ويبشّر بالخير " .......
حقّاً لقد ازداد الاختلاط ، وأثمرت فكرة الأستاذ ، أصبح سهلاً على الشّباب الحديثُ مع البنات ، وهيّناً على البنات التّحدّث إلى الشّباب ، أساساً هم موجودون في جامعة واحدة ، كيف سيمتنعون عن تبادل الأحاديث ، وتكوين الصّداقات البريئة .......
وها هي مادّة أخرى تحوي في بعض طيّات صفحاتها ما يرشد مربّي المستقبل إلى العمل المثمر : " يمكن للمدرسة المعاصرة أن تخطو خطوات حسّيّة باتّجاه تحقيق تربية خاصّة مناسبة ؛ إن هي استرشدت بعدّة نقاط منها : " إنّ اختلاط الجنسين في مراحل التّعليم المختلفة يجب أن يبدأ منذ المراحل الأولى في الرّوضة ، وفي المدرسة الابتدائيّة " .......
ربّاه !!! جاء هؤلاء الطّلاب ليكسبوا الخبرات ، ويرسموا من خلالها نهجاً يقودون الأجيال للسّير فيه ، فوجدوا العديد من المحاولات لتجريدهم ممّا تربّوا عليه .......
لنأخذ جولة قصيرة في شوارع أمريكة وحدائقها ، ولن نمتنع عن زيارة سريعة لإحدى جامعاتها ... لا شكّ .. الاختلاط يفشو بين أفراد الشّعب الأمريكيّ ، والّذي يأبى ذلك يُزدرى أيّما ازدراء ، وليت الاختلاط وحده هو المنتشر ! تعرفون إخوتي ما هي حالهم هناك ، وأترفع عن ذكر ما هم عليه من فواحش ، لكن ما هي نتيجة هذه الممارسات ؟ بكلّ تأكيد لم تودِ بهم إلا إلى الهلاك ، أمريكة تنهار بسبب الاختلاط ، الاختلاط الّذي أدّى إلى نتائج جرّت إليهم الويلات ، فها هي الطّرقات وحدائق الجامعات تمتلئ بالأطفال حديثي الولادة ، لا بدّ من إيجاد حلّ .. عليهم الخلاص من هذه المصيبة ، وها هو رئيسهم ( بوش ) يسرع في إصدار حكم بتحريم الاختلاط ، وفصْل الشّباب عن البنات في الجامعات .. طبعاً .. لم يأبهوا لوجود خالق يأمر وينهى ، فاضطرّوا للإقلاع بعدما جنـَوا من خراب .......
لكن بالتّأكيد المشكلة ليست هنا .. نحن نسعى جاهدين لتقليد أولئك المجرمين ، نخشى ألا ترقى حضارتنا إن لم ننهج نهجهم ، وبوش يسعى لمنع الاختلاط !!! .......
لم نعبأ بأوامر المولى ، ولم ندرك العواقب الوخيمة المترتّبة على الاختلاط المحرّم ، وإن حصل وانتهينا عن مخالطة بعض الأجنبيّات ، فمستحيل أن يكفّ الأخ عن مخالطة زوجة أخيه ، ولن يمتنع الزّوج عن مخالطة أخت زوجته ، هذا يقول حرام ، وذاك يقول حلال ، والآخر يقول حسب الحالة ، إن كان أخو الزّوج عدوانيّاً وذا نفس دنيئة ، فنمنعه عن مخالطة زوجة أخيه ، وإن كان بريئاً عفيفاً فلا بأس ! يعتقدون أنّهم يحتالون على خالق السّماوات والأرض ، ألا يعلمون أنّ هذه غريزة مودعة في نفس أيّ إنسان ؟! لقد نسينا قول المصطفى عليه أزكى السّلام " الحمو الموت " متّفق عليه . وإن ذكرنا هذا القول نقول : لا .. هو يقصد الخلوة ، ولا مانع من جلسة جماعيّة بريئة ، فهذا يجوز ...
ألم نسمع بقوله تعالى : {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} (36) سورة الأحزاب .
آيات وأحاديث قطعيّة ، لا تفسح مجالاً للنّقاش فيها ، وتفسيرها على نحو يرضي أهواءنا وشهواتنا ..
إنّ الله تعالى لم يأمر بشيء إلا وفيه السّلامة ، ولم ينهَ عن شيء إلا وفيه النّجاة ، فلماذا لا نخضع لأوامر الخالق ؟ لماذا لا نستسلم ونطبّق ما هو مفروض علينا ؟ لماذا لا نتعفف عن الاختلاط المحرّم ، ونكتفي بما أحلّ الله لنا ؟ سيأتي يوم وسنُسأل عمّا كنّا نعمل ، فلننظرْ ولنعدَّ جواباً لهذا السّؤال ، لن يُعفى أحدنا من هذه المسؤوليّة ، هل سنقول يا ربّ لم أكن أعلم بحرمته ، فأين نحن من أمر الله في طلب العلم ومعرفة ما لنا وما علينا ؟ هل سنقول يا ربّ لم أستطع ، فنفسي غلبتني ؟ فأين نحن من قول الله : لا يكلّف الله نفساً إلا وسعها ؟ فالله تعالى لم يأمرنا بما لم نُطِق ، فلو لم يكن بوسعنا ذلك ما كلّفنا الله به ، هل سنقول يا ربّ الأجواء حولي لم تتح لي مجالاً للالتزام ؟ ماذا سنجيب ؟ بماذا سنلقى وجه الله ؟
إخوتي أنصح نفسي وأنصح كلّ من اعتاد الاختلاط المحرّم ، لنشرع في تطبيق أمر الله .. لنتبع سنّة المصطفى عليه الصلاة والسلام ، فديننا حنيف ، وكما العقاب شديد ، أيضاً المكافأة عظيمة وثمينة ..
نسأل الله أن يعيننا على اتّباع ما يأمر والابتعاد عمّا ينهى لندخل جنّتين ؛ الأولى في الدّنيا وهي القرب منه والحياة الطّيّبة ، والثّانية هي جنّة الآخرة والتّمتّع بخير لا يفنى ونعيم لا يزول .
التعليقات:
4 |
|
|
مرات
القراءة:
3039 |
|
|
تاريخ
النشر: 11/07/2008 |
|
|
|
|
|
|