::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> مقالات المشرف

 

 

التداوي بالقرآن الكريم (2): حكم العلاج بالقرآن بشكل خاص

بقلم : الشيخ محمد خير الطرشان (المشرف العام)  

 

بعد أن بينا في المقالة السابقة حكم التداوي من الأمراض بشكل عام عند أهل العلم، نصل إلى حكم العلاج بالقرآن الكريم بشكل خاص.. فما هو حكم التداوي بالقرآن الكريم؟؟ وما أدلة ذلك؟؟ وما هو فضل التداوي بالقرآن الكريم؟؟؟

 

t         ثانياً: العلاج بالقرآن الكريم:

القرآن الكريم كما أشار الله تعالى: ((قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ)) [فُصلت:44]، فيه هداية من الضلال وفيه شفاء من الأمراض الحسية والمعنوية.

بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم البشرى لمن تمسك بهذا القرآن وعمل بمقتضاه أنه لن يهلك ولن يضل أبداً، فقد قال: "أبشروا فإن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه الآخر بأيديكم، فتمسكوا به ولن تهلكوا ولن تضلوا بعده أبداً".

يقول الإمام الكبير ابن القيم: "القرآن هو الشفاء التام من جميع الأمراض القلبية والبدنية من أدواء الدنيا والآخرة وما كل أحد يؤهل ولا يوفق إلا للاستسقاء به، فإذا أحسن العليل التداوي به ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تام واعتقاد جازم واستيفاء شروطه لم يقاومه الداء أبداً".

فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة لدوائه والحماية منه لمن رزقه الله فهماً في كتابه، فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله ومن لم يكفه القرآن فلا كفاه الله.

نأخذ مثالاً على ذلك فاتحة الكتاب، هذه السورة العظيمة التي سماها العلماء أم الكتاب. وهي أعظم سورة في القرآن وهي السبع المثاني فلا عجب أن يكون فيها شفاء القلوب وشفاء الأبدان معاً.

فدواء الرياء في قوله: ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ)) [الفاتحة:5].

ودواء الكبر في قوله: ((إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) [الفاتحة:5].

ودواء الضلال والجهل في قوله: ((اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)) [الفاتحة:6].

هذه أدوية قلبية وعلاجها في سورة الفاتحة، فمن عوفي منها فقد عاش في ثوب العافية وتمت عليه النعمة.

جاء في الحديث عن أبي سعيد ابن المعلى الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أعلمك سورة هي أعظم سورة في القرآن"، قال: فأخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "الحمد لله رب العالمين، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته".

قال تعالى: ((وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ )) [الحجر:87].

فسورة الفاتحة هي المعنية بقوله تعالى سبعاً من المثاني، فالفاتحة أم القرآن، وفيها الشفاء التام والدواء النافع والعافية التامة ومفتاح الغنى والفلاح، وفيها حفظ القوة ودفع الغم والهم والخوف والحزن والأذى لمن عرف قدرها وأحسن تنزيلها على دائه وعرف وجه الاستشفاء والتداوي فيها، هكذا يقول أهل العلم الثقات في فضل الفاتحة وفضل التداوي فيها.

وأما ما ورد في فضل آية الكرسي فهي آية التوحيد وآية المستعيذين المستجيرين، هي الآية الآمنة الحافظة والحارسة المحصنة والطاردة والمخرجة والمحتوية، فأي شفاء واستشفاء أعظم من هذا، وكيف لا وفيها اسم الله الأعظم الذي يشفي من العلل والذي يعافي من الأمراض على اختلافها، ورد في الحديث: "سورة البقرة فيها سيدة آي القرآن لا تقرأ في بيت وفيه شيطان إلا خرج منه آية الكرسي".

إذاً العلاج بالقرآن وبما صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرقى هو علاج نافع وشفاء تام قال تعالى: ((وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)) [الإسراء:82]. وقال: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)) [يونس:57].

وفي القرآن هناك مجموعة من الآيات هي آيات الشفاء وردت في التداوي، وأن التداوي بها ينفع بإذن الله تعالى.

فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأمراض القلبية والبدنية، وإذا أحسن المريض التداوي بها فإنه ينتفع بذلك بإذن الله تعالى. وقد بين الله في القرآن أمراض القلوب والأبدان وطِبَّهما.

أما أمراض القلوب فقد حصرها في نوعين:

1)    مرض الشبهة والشك، وهذه أمراض قلبية.

2)    أمراض الشهوة وتلك أمراض الجوارح.

وأما أمراض الأبدان فقد أرشد القرآن  إلى أصول طبها وقواعده، فقواعد طب الأبدان في القرآن يمكن أن نلخصها في ثلاثة أمور:

1)    حفظ الصحة.

2)    الابتعاد عن الشيء المؤذي.

3)    استفراغ المواد الفاسدة المؤذية.

فإذا أحسن العبد التداوي بالقرآن الكريم رأى بذلك تأثيراً عجيباً بالشفاء العاجل، وقد أخبرنا الإمام ابن القيم رحمه الله عن التداوي بآي القرآن فحدث عن نفسه فقال: "لقد مر بي وقت بمكة المكرمة مرضت فيه ولا أجد طبيباً ولا دواءً فكنت أعالج نفسي بالفاتحة، فأرى لذلك تأثيراً عجيباً، آخذ شربة من ماء زمزم وأقرأ الفاتحة عليها مراراً ثم أشربه فوجدت بذلك البرء التام ثم صرت أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع فأنتفع به غاية الانتفاع وكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألماً فكان كثيرٌ منهم يبرأ سريعاً".

يقول أيضاً: "فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله، ومن لم يكفه القرآن فلا كفاه الله".

فماذا بعد القرآن من دواء ينفع الإنسان ويستشفي به.

إذاً هذا هو القرآن وهذا هو فضل التداوي به.

فنسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممَّن يتداوى بالقرآن، وممَّن يكون القرآن له شفاء من كل داء.

اللهم إنا نسألك الشفاء من كل داء وعافنا واعفُ عنا وتولَّنا برحمتك وعنايتك.

وللحديث صلة إن شاء الله لنتحدث عن التداوي بالحديث الشريف وبما صحَّ من الرقى والدعاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 6333

 تاريخ النشر: 02/05/2010

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 1046

: - عدد زوار اليوم

7396919

: - عدد الزوار الكلي
[ 67 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan