::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> محاضرات وندوات

 

 

يوم عاشوراء وفضلُه

بقلم : الشيخ محمد خير الطرشان (المشرف العام)  

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما، وافتح علينا فتوح العارفين، ووفقنا توفيق الصالحين، واشرح صدورنا، ويسّر أمورنا، ونوّر قلوبنا بنور العلم والفهم والمعرفة واليقين، واجعل ما نقوله حجة لنا، ولا تجعله حجة علينا برحمتك يا أرحم الراحمين.

^ فضلُ شهرِ الله "المحرم" ومكانته:

        نعيش أياماً مباركة من شهر الله "المحرم"، أياماً يَعظُمُ فيها الأجر، ويُضاعَف فيها الخير؛ لأن شهر "المحرم" أحدُ الأشهر الأربعة التي جعلها الله سبحانه وتعالى محرّمة ومعظّمة، ورد ذلك في الحديث الصحيح عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: "إنّ الزمان قد استدار كهيئته يومَ خلق الله السماوات والأرض، السَنَةُ اثنا عشر شهراً، منها أربعةٌ حُرُم، ثلاثة متواليات؛ ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجبُ شهر مُضَر الذي بين جمادى وشعبان". صحيح مسلم. يبيّن لنا هذا الحديث مكانة الشهر الحرام الذي نعيشه الآن (شهر "المحرم")، وهو أول الشهور التي نفتتح فيها السنة الهجرية، كما أنّ آخرَ الشهور التي نختتم بها السنة الهجرية هو شهرٌ محرمٌ أيضاً، فنبتدئ بـ "المحرم"، وننتهي بـ "ذي الحجّة". وما ذلك إلا دلالة واضحة على أن هذه الأشهر أشهرٌ تُسْتَحَبُّ فيها العبادةُ، والإكثارُ من الطاعةِ والتقربِ إلى الله سبحانه وتعالى.

        ورد عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مشروعيَّةُ الصيام في شهر الله "المحرم". فعن سيدنا أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضلُ الصيامِ بعد رمضان شهرُ الله المحرم، وأفضل الصلاةِ بعد الفريضة صلاةُ الليل". صحيح مسلم. فَـ "المحرم" هو أحد الأشهر التي جعل الله سبحانه وتعالى للصيامِ فيها مكانةً خاصة، ولا تَعْدِلُ هذه المكانةَ إلا مكانةُ شهرِ رمضان، حيث فرض الله سبحانه وتعالى صيامَه وسنَّ لنا قيامَه.

        جاء في حديثٍ عن سيدنا أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال: ((سألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أيُّ الليلِ خيرٌ يا رسول الله؟ وأي الأشهر أفضل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "خيرُ الليلِ جَوفُه، وأفضلُ الأشهرِ شهرُ الله الذي تدعونه المحرم")). السنن الكبرى. إذاً.. شهر "المحرم" شهرٌ كريمٌ ومبارك، يُستحب فيه الصيام والإكثار من التقرُّبِ إلى الله سبحانه تعالى، وخاصةً قيام الليل والتهجّد في الأسحار، والدعاء والالتجاء إلى الله تبارك وتعالى في هذا الوقت الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بـ "جوف الليل"، حيث ينزل الله تبارك وتعالى في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا نزولَ رحمة، فيقول: ((هل من سائلٍ فأعطيَه؟ هل من داعٍ فأستجيبَ له؟ هل من مستغفرٍ فأغفرَ له؟))". مسند أحمد. حتى يطلع الفجر.

^ فضلُ يوم عاشوراء:

        أيها الإخوة! في شهر "المحرم" يومٌ له مكانةٌ في حياة المسلمين، ألا وهو اليوم العاشر من "المحرم" الذي اصطُلح على تسميته بـ "عاشوراء". هذا اليوم جاء في فضله أحاديث كثيرة، ومجملها جاء في صحيحي البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى. فمن ذلك مثلاً حديثٌ عن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: ((قَدِمَ النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فرأى اليهودَ تصوم يوم عاشوراء. فقال: "ما هذا؟" قالوا: هذا يومٌ صالح، هذا يوم نجّى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فأنا أحقُّ بموسى منكم". فصامه وأمر بصيامه)). صحيح البخاري.

        هذا هو يوم عاشوراء، اليوم الذي كرّمه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ تكريماً ليسدنا موسى عليه الصلاة والسلام. يقول النبي عليه الصلاة والسلام: "الأنبياء إخوةٌ لعَلاّت، أمهاتهم شتّى، ودينهم واحد". صحيح البخاري. لقد أعلَمَنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الدينَ عند الله واحد، وأن عقيدة الأنبياء واحدة، وأنهم جميعاً جاؤوا بدين الله الذي سمَّاه الله تعالى "الإسلام"، والذي ارتضاه الله لعباده، لكن الشرائع كان فيها تعدُّد وتمايُز فيما بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِل عن صيام يوم عاشوراء فقال: "يكفّر السنة الماضية". صحيح مسلم. فصيام يوم عاشوراء يكفر السنة التي مضت من الذنوب الصغائر أو ما يسمى "اللمم". وكلٌّ منا تعرض له هذه الأمور ويقع في هذه المعاصي والآثام والذنوب الصغائر التي ربما يرتكبها الإنسان دون قصد، وربما يقع فيها عن إصرار، فتأتي هذه الأيام المباركة، أمثال يوم عاشوراء ويوم عرفة، فيصومها المسلم، فيكفّر الله سبحانه وتعالى بفضل هذا الصيام سنةً مضت من الذنوب الصغائر.

كذلك ورد في فضل هذا اليوم قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن عاشوراء يومٌ من أيام الله، فمن شاء صامه ومن شاء تركه". صحيح مسلم.

^ قصة يوم عاشوراء:

        أيها الإخوة! يوم عاشوراء له في تاريخنا قصتان؛ قصة قديمة، وقصة حديثة، وكل واحدة منهما مليئة بالعبر الجليلة، ويُستفاد منها دروس عظيمة، كل واحدة هي قصة لنبي من أولي العزم من الرسل عليهم الصلاة والسلام، وكل واحدة منهما لها علاقة ببني إسرائيل.

أ- قصة نجاة سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام من فرعون وجنوده:

        أما القصة القديمة فقد بدأت منذ مئات السين، حيث كان فرعون المتجبر المتكبر في الأرض، الذي نادى في قومه فقال لهم: أنا ربكم الأعلى. وكفر بالله سبحانه وتعالى ونكّل ببني إسرائيل، فجمع سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام قومه للخروج، وتبعهم فرعون، فجاء الوحي في ذلك اليوم العظيم لسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام أن يضرب البحر بعصاه. قال الله تعالى:[]فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ[] سورة الشعراء (63). انقسم البحر قسمين؛ قسماً عن اليمين وقسماً عن الشمال، كل واحد منهما كأنه جبل مائي عظيم، وأصبح بينهما طريق يابس وأرض ممهدة. فلما رأى فرعون هذه الآية العظيمة والمعجزة الخالدة لسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام لم يتّعظ، ولم يعتبر، بل إنه لَجَّ في طغيانه، ومضى بجنوده يلحق سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وقومه، لكن الله سبحانه وتعالى تدارك سيدنا موسى عليه السلام بلطفه، وعذّب فرعون ومن كان معه من الطغاة، فأغرقه الله عز وجل في ذلك البحر، وجعله آيةً تُتلى على مر الزمان والدهور، ونجّى الله سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام ومن آمن معه من بني إسرائيل. قال الله تعالى:[]وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ[] سورة الدخان (30). هذا هو العذاب الذي عاقب الله به قومَ فرعون الذين تجبّروا وتكبّروا، ولم يتّعظوا بما جاء به سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام.

فرعون لم يؤمن بالله سبحانه وتعالى ربَّاً، ولم يؤمن بسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام نبياً ورسولاً، بل كان يقول لقومه: ما علمتُ لكم من إلهٍ غيري. طغى وتجبر وكفر، لكن الله سبحانه وتعالى بالمرصاد لكل من يتجبر ويتكبر، ومن خصائصه سبحانه وتعالى أنه يقصم ظهور الجبابرة. وهذا درسٌ عظيم ينبغي أن يتعظ به كل الناس، فلا يجوز للإنسان أن يتكبر أو يتجبر في الأرض، أو يطغى على الناس أو يظن نفسه أنه بلغ رتبةً لا يستطيع أحدٌ أن يقف في وجهه أو أن يقول له: لا.

        التواضع من خلق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فمن تواضع لله رفعه، ومن تكبّر وضعه. وهذا سنة من سنن الله سبحانه وتعالى في هذا الكون، فليتّعظِ الإنسان مما حصل مع فرعون المتكبر، المتجبر. والذي حصل مع سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام حينما دخل البحر الأحمر وأمره الله سبحانه وتعالى أن يضرب البحر، كانت هذه معجزة خالدة لسيدنا موسى عليه السلام.

        كان مع سيدنا موسى - كما تقول الروايات - ستمئة ألف من المؤمنين، وكان مع فرعون مليون وستمئة ألف ممن لم يؤمن بسيدنا موسى عليه السلام، بل كانوا جنداً مُجَنَّدةً لفرعون، يدافعون عن الباطل، ويناصرون الكبرياء والجبروت. فكانت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يأمر البحر بالالتطام على فرعون وجنوده، فالتطمت عليه أمواج البحر، فأغرقه الله سبحانه وتعالى والذين معه وأنجى سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام.

فرعون تدارك الأمر في اللحظات الأخيرة حينما أشرف على الغرق، فقال في الوقت المستقطع والضائع: آمنت أنه لا إله إلا الذي أمنت به بنو إسرائيل. فرد الله سبحانه وتعالى عليه بقوله:[]آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ[] سورة يونس (91). يقول الله تعالى:[]وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ[] سورة البقرة (50).

هذا اليوم كانَ يومَ عاشوراء، وقد عُدَّ عيداً لنجاة سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام، لأن الله سبحانه وتعالى جعله يومَ تكريم وتعظيم لسيدنا موسى ومن آمن معه من بني إسرائيل.

ب- قصة صيام النبي عليه الصلاة والسلام هذا اليوم:

هذه القصة أيضاً قديمة منذ مئات السنين، لكنها حديثة قياساً على القصة الأولى، وكذلك تتعلق ببني إسرائيل، لكن تعلقها بنا - نحن المسلمين - أهم، فقد كان اليهود يحتفلون بهذا اليوم، وقد رآهم النبي صلى الله عليه وسلم يصومون ذلك اليوم في المدينة المنورة، وكان عليه الصلاة يصومه قبل ذلك في مكة المكرمة كما كانت قريش تصومه من قبل. جاء في الحديث الصحيح عن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: "كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدِم المدينة صامه وأمر بصيامه". صحيح البخاري. فقد كان من عادته عليه الصلاة والسلام صيام يوم عاشوراء قبل أن يأتي إلى المدينة المنورة؛ لأن قريشاً كانت تصومه تعظيماً لهذا اليوم؛ لأنه كان يوماً نجّى الله سبحانه وتعالى فيه سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام من الغرق.

أيها الإخوة! هاتان القصتان مهمّتان لنا في هذه الأيام، وحاجتنا نحن - معاشرَ المسلمين - إلى ما فيهما من دروس وعبر حاجةٌ كبيرة ومُلِحَّة؛ لأنهما يمسّان حياة المسلم اليومية ويلامسان همومه من جوانب متعددة.

^ أحداث وقعت في يوم عاشوراء:

أ- توبة سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام:

أيها الإخوة القراء! ربما يلفت انتباهنا مسألة مهمة تتعلّق بيوم عاشوراء، في هذا اليوم تاب الله سبحانه وتعالى على سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام، وكان سيدنا آدم قد نهاه الله أن يأكل من الشجرة، فأكل منها.[]...وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى[] سورة طه (121). لكن هذه المعصية ليست كفراً، ولا خروجاً عن الملّة، إنما هي معصية يتوب الله سبحانه وتعالى على من أقبل إليه عليه بقلبٍ صادقٍ ومنيب. قال الله عز وجل:[]فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ[] سورة البقرة (37). لما أكل سيدنا آدم عليه السلام من الشجرة أهبطه الله سبحانه وتعالى إلى الأرض هو والسيدة حوّاء أمّنا أجمعين، أما إبليس اللعين الذي أمره الله تعالى أن يسجد لآدم سجود تعظيمٍ وتحيّة، فإنه رفض وأبى واستكبر واعترض وقال:[]...أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ[] سورة الأعراف (12). فطرد الله تعالى إبليس من الجنة وقال:[]...اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ[] سورة الأعراف (18). وفي آية أخرى:[]لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ[] سورة ص (85).

لما أكل سيدنا آدم عليه الصلاة والسلام من الشجرة رفع رأسه إلى قوائم العرش، فقرأ مكتوباً عليها: "لا إله إلا الله.. محمدٌ رسول الله". يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما أذنب آدم عليه السلام الذنب الذي أذنبه رفع رأسه إلى العرش فقال: "أسألك بحق محمد إلا غفرت لي". فأوحى الله إليه: ((وما محمد؟)). قال: "تبارك اسمك. لما خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك، فرأيت فيه مكتوباً: "لا إله إلا الله.. محمدٌ رسول الله". فعلمت أنه ليس أحد أعظم عندك قدراً ممن جعلت اسمه مع اسمك". مجمع الزوائد. فسيدنا آدم عليه الصلاة والسلام توسّل بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فعفا الله تعالى عنه وتاب عليه. وكان ذلك في اليوم العاشر من "المحرّم".

ب- نجاة سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام ومن معه من الطوفان:

كان ذلك في أرض العراق، حيث أوحى الله سبحانه وتعالى إلى سيدنا نوح عليه السلام أن يصنع الفلك قبل أن يأتي الطوفان ويَعُمَّ الأرض، وقبل أن يرسل سبحانه وتعالى مطراً فيفيض فيها، وقبل أن يفجّر المياه منها وتتجمّع، فتُغرِقَ الكافرين من قوم سيدنا نوح عليه السلام.

لما كان سيدنا نوح عليه السلام يصنع السفينة كما جاءه الأمر من الله، كان قومه يمرّون من أمامه ويسخرون منه، إلى أن جاء الأمر بأن يركب في السفينة هو والذين آمنوا معه، حتى أن سيدنا نوحاً طلب من ولده كنعان أن يؤمنَ معه ويركبَ في السفينة لينجوَ من الغرق. قال له كما جاء في قوله تعالى:[]...يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا...[] سورة هود (42). فرفض ولده كنعان أن يؤمن بالله سبحانه وتعالى ويتّبعَ أباه سيدنا نوحاً عليه الصلاة والسلام، وبذلك رفض أن يكون من الناجين، فأهلكه الله تعالى غرقاً، ونجّى نوحاً والذين معه في السفينة، وكان ذلك في يوم عاشوراء.

هناك رواية دقيقة وردتْ بأنّ سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام كان يصوم يوم عاشوراء شكراً لله سبحانه وتعالى على نجاة سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام من الطوفان، وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فرح بنجاة سيدنا موسى، فإن سيدنا موسى فرح بنجاة سيدنا نوح من الطوفان.

^ أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عاشوراء:

يؤكّد الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرحه على صحيح الإمام مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم هذا اليوم في مكة، فلما هاجر عليه الصلاة والسلام هو والمسلمون إلى المدينة المنورة وجدوا اليهود يصومونه، فصام النبي صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء بوحيٍ من الله سبحانه وتعالى أو باجتهاد منه، وهذا الاجتهاد يؤكد لنا أنه عليه الصلاة والسلام كان له أربع حالات في يوم عاشوراء:

أ- في مكة المكرمة: يصومه ولا يأمر بصيامه:

حيث كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم عاشوراء في مكة ولا يأمر بصيامه.

ب- في المدينة المنورة: صامه وأمر بصيامه:

حينما قدِم عليه الصلاة والسلام المدينة المنورة وجد اليهود يصومونه ويعظّمونه، وكان عليه الصلاة والسلام يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يُؤمَر فيه، فصامه وأمر به حينما سأل عن مشروعية هذا اليوم وقالوا له هذا يوم نجى الله موسى، فقال: نحن أحق بموسى منكم.

جـ- حين فُرِض صيام رمضان: ترك التّأكيد على صيامه:

لما فُرِض صيام رمضان ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم التأكيد على صيام يوم عاشوراء، وكان من منهجه: من شاء صام، ومن شاء أفطر.

ء- في آخر عمره: عزم على صيامه مع ضمّ يوم آخر مخالَفَةً لليهود:

ثم عزم النبي صلى الله عليه وسلم في آخر عمره أن يضمّ إليه يوماً آخر مخالَفَةً لأهل الكتاب. فعن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: ((حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله! إنه يومٌ تعظّمه اليهود والنصارى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع". فلم يأتِ العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم)). صحيح مسلم. وفي رواية أخرى يقول عليه الصلاة والسلام: "لئن بقيت إلى قابل لأصومنّ التاسع". صحيح مسلم. أي يضمّ يوماً إلى يوم عاشوراء.

^ حكم صيام يوم عاشوراء:

عن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بصيام يوم عاشوراء، فلمّا فُرِضَ رمضان كان من شاء صام ومن شاء أفطر". صحيح البخاري. فصيام يوم عاشوراء كان قبل أن يُفرض الصيام كركنٍ من أركان الإسلام، فلما فُرض صيام رمضان أصبح صيامه سنة مؤكدة ومستحبة؛ تكريماً لسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام.

^ مراتب صيام يوم عاشوراء:

أ- أدنى هذه المراتب أن يُصامَ يومُ عاشوراء وحده.

ب- المرتبة الثانية أن يُصامَ يومُ التاسع معه العاشر.

جـ- وأما الدرجة الأكمل أن يُصامَ يوم التاسع والعاشر والحادي عشر، وبذلك يدرك المسلم فضيلة هذه الأيام المباركة، وفضيلة يوم عاشوراء.

قال بعض أهل العلم: "إن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لئن عشت إلى قابل لأصومنّ التاسع". يحتمل أحد أمرين؛ الأول: أن النبي عليه الصلاة والسلام أراد نقل العاشر إلى التاسع. والثاني أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يضيف التاسع إلى العاشر فيصوم تاسوعاء وعاشوراء. فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قبْل بيان ذلك كان لا بدّ من الاحتياط في صوم اليومين. لذلك فإن صيام عاشوراء يتدرج على ثلاث مراتب.

^ دروس مستفادة من عاشوراء:

أ- إحساس المسلم بأخيه المسلم والوفاء له:

عن سيدنا أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: ((مر النبي صلى الله عليه وسلم بأناس من اليهود قد صاموا يوم عاشوراء. فقال: "ما هذا؟" قالوا: هذا اليوم الذي نجّى الله عز وجل فيه موسى وبني إسرائيل من الغرق، وغرّق فيه فرعون، وهذا يومٌ استوت فيه السفينة على الجودي[1]، فصام نوحٌ وموسى عليهما السلام شكراً لله عز وجل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا أحقّ بموسى، وأحقّ بصوم هذا اليوم". فأمر بصيامه)). مسند أحمد. هنا درس عظيم نستلهمه من هذا الموقف، وهو أن بعض المسلمين يغفُلون عما يحدث لإخوانهم من الشدة والهموم والمصائب، ومن الابتلاءات والمحن التي يقعون بها، ولا يهتمون بما أصاب المسلمين من خيرٍ أو شرّ. في حين ربما نجد بعض الغربيين يقومون بمظاهرات ضد ما يحصل في فلسطين أو في العراق، والمسلم مأمورٌ أن يهتمّ بأمر المسلمين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من لم يهتمَّ بأمر المسلمين فليس منهم". كشف الخفاء. بعض المسلمين يبخل بنصرة إخوانه أو دعمهم، أو إرسال صدقة لدعم المجاهدين المرابطين على الثغور، أو بالدعاء لهم في جوف الليل. من أولى بهم ومن أحق غير المسلم كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان؛ يشدّ بعضه بعضاً". متفق عليه. وكما قال عليه الصلاة والسلام: "المؤمن للمؤمن كاليدين؛ تقي إحداهما الأخرى". شعب الإيمان. فمن علامات صدق إيمان المسلم أنه يفرح إذا فرح أخوه المسلم، ويحزن إذا أصاب أخاه المسلم شيء من الألم أو وقع في الضيق. جاء في الحديث الصحيح: "مَثَلُ المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مَثَلُ الجسد؛ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى". صحيح مسلم.

فالمسلم ينبغي أن يتألم لما يحدث مع إخوانه، يشاركهم آلامهم وأتراحهم ومصائبهم وأحزانهم، يشعر بشعورهم، إذا فرحوا فرح معهم، وإذا استبشروا استبشر معهم، وإذا عاشوا حالةً من البهجة والسرور شاركهم وناصرهم وأيّدهم. هذا من صفات المسلمين. وهو درسٌ عظيم نستفيده من معاني يوم عاشوراء.

ربما يقول البعض: كيف صام النبي صلى الله عليه وسلم هذا اليوم لمّا رأى اليهود يصومونه، وهؤلاء اليهود من أفعالهم كذا وكذا وكذا من الدمار والهلاك للأم والأقوام؟؟؟ الجواب على ذلك: إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى من اليهود موقفاً فيه شيء من الولاء لسيدنا موسى عليه السلام، فأراد أن يشرّع للناس أننا نحن - معاشرَ المسلمين - أولى بأنْ نكون أوفياء لسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام من غيرنا من الأمم الذين حرّفوا وبدّلوا وأدخلوا على الدين ما ليس منه. ومن شريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعقيدة المسلمين أننا نؤمن بالأنبياء السابقين، وبالرسل أجمعين، لا نفرّق بين أحد منهم، كلّهم إخوة لعلات، أبوهم واحد، وأمهاتهم متعددة. فهنا نظرة وفاء وولاء لسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وشريعته الصادقة قبل أن تُحرَّف وتبدَّل، وقبل أن يُدخل عليها اليهود الصهاينة الحاقدين على الإسلام والعروبة ما ليس منها.

ب- مخالفة غير المسلمين وعدم تقليدهم في عاداتهم:

هذا الدرس مَثَلٌ عملي لما ينبغي أن يكون عليه المسلم في حياته، فلا يقع تحت تأثير تقليد غير المسلمين من الشرق والغرب، أو اتّباع عاداتهم وما أُثِرَ عنهم من الأعمال، وخاصة في الأعياد؛ كأعياد الميلاد وغيرها. هذا ليس من خصائص المسلمين ولا من صفاتهم. والمسلم لا يقلّد غيره فيما لا يرضي الله سبحانه وتعالى، ولا يساعد على مشروعية وتأصيل هذه الأمور بحيث تصبح وكأنها سنّة متعارَفَة متَّبَعة في مثل هذه الأيام.

من أرض الواقع: قال لي أحد الإخوة الذين يعملون في محلّ لصناعة الحلوى وقوالب الكاتو: "في ليلة الميلاد، وفي محل إسلامي أصيل، بيعت في أحد المحلات حوالي أكثر من ألفي قالب كاتو للاحتفال بليلة رأس السنة". هذه الأشياء ربما ترسّخ في النفوس بعض المفاهيم المغلوطة. أولاً نحن - كمسلمين - نؤمن بسيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام، ونؤكّد إيماننا بسيدنا موسى كما نؤكده بسيدنا عيسى، كما نؤكد إيماننا بسيدنا نوح وسيدنا إبراهيم وسائر الأنبياء والمرسَلين. لكن هذه العادات التي وردت إلينا من الشرق والغرب لا يصحّ أن تُؤَصَّلَ في حياتنا على أنها شيءٌ منهجيٌّ أو أساسٌ في الحياة لا بد أن يؤدّيه الناس ويقوموا به، ومن لم يقم به فإنه مقصّر في حق أسرته أو ضيوفه أو الناس. لذلك ليست كل عادة واردة ووافدة علينا ينبغي أن نتخذها منهجاً في الحياة، بل علينا أن نخالف كما خالف الرسول صلى الله عليه وسلم اليهود في صيام هذا اليوم، فسنَّ للمسلمين صومَ يومٍ معه، قبله أو بعده، فلم يكن صيام النبي صلى الله عليه وسلم تقليداً لهم؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان يصومه في مكة المكرّمة.

جـ- الأمل والتفاؤل بالنصر والفرج:

أن نقف بتأمُّل في هذا اليوم المبارك الذي نجّى الله سبحانه وتعالى فيه سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وقومَه، حينما نتأمّل في هذا اليوم وفي هذه المعجزة الخالدة فإنّ هذا التأمل يبعث في نفوسنا أملاً كبيراً وعظيما. كلما تدبّر المسلم آيات القرآن الكريم التي تحكي لنا الشدة التي كان فيها سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وقومه، وكيف نجّاهم الله سبحانه وتعالى في هذا المشهد العظيم، حيث انفلق البحر فرقتين، كل فرقة كالطود العظيم، ثم يصبح الطريق يَبَساً، فيمشي عليه سيدنا موسى وقومه إلى أن يصلوا إلى الشاطئ بأمان، فإذا تبعهم فرعون وقومه يغرقهم الله سبحانه وتعالى. حينما يتأمل المسلم في هذا المشهد العجيب، ويقرأ قوله سبحانه وتعالى:[]ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ[] سورة يونس (103). ينبعث الأمل في النفوس، وتشرق البسمة على الوجوه؛ لأنّ هناك أملاً بتحقيق نصر الله سبحانه وتعالى، أملاً بأن يفرّج سبحانه وتعالى عن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، أملاً بأن تعود القدس إلى حوزة الإسلام والمسلمين بعد أن ظلّتْ سنوات طويلة ولا تزال تعاني من غطرسة اليهود الصهاينة عليهم من الله ما يستحقّون.

^ لفتة حول غدر اليهود:

هنا لفتة طيبة ينبغي أن ننتبه إليها، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم فرح بهذا اليوم الذي نجى الله فيه سيدنا موسى وقومه من الغرق، ولما رأى اليهود يصومونه أمر بصيامه لأنه أولى الناس بسيدنا موسى عليه الصلاة والسلام، وهو أولى من أولئك القوم الذين حرّفوا وبدّلوا بعد سيدنا موسى عليه السلام، وأدخلوا على الدين ما ليس فيه. اليهود الذين عاثوا في الأرض فساداً، وقتّلوا الأنبياء، وسفكوا الدماء، وارتكبوا المحرمات. ولا يزال هذا من صفاتهم إلى يومنا هذا.

هذه الأيام المعظّمة من شهر الله "المحرّم" يمارس فيها العدو الصهيوني الحاقد على الإسلام والعروبة أبشع أنواع الجرائم على إخوتنا في غزة. هذا اليوم كان يوماً دامياً سقط فيه شهداء كثيرون من إخوتنا في فلسطين، وفي غزة على وجه التحديد، بفعل الممارسات الوحشية والهمجية التي ارتكبها اليهود الصهاينة في حق إخوتنا وأهلنا وأبنائنا من أهل غزة الصامدة المقاوِمة.

^ تنبيه من ممارسات وأفكار خاطئة متعلّقة بيوم عاشوراء:

أخيراً أقول: في هذا اليوم المبارك الذي يُسَنُّ صيامه، ويُسن أن يصام فيه التاسع مع العاشر، والحادي عشر مع العاشر، جرت بعض المظاهر في بعض البلاد الإسلامية مما حصل في زمن الفتنة في عهد سيدنا معاوية رضي الله تعالى عنه، وسيدنا الحسين ابن سيدنا علي رضي الله عنهما. تلك فتنةٌ وقعت بين المسلمين، وكان من نتائجها استشهادُ سيدِنا الحسين (أبي عبد الله) رضي الله عنه، سِبْطُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته في الجنة، الذي قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام وفي أخيه سيدنا الحسن رضي الله عنهما: "الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة". صحيح ابن حبان. هنا لنا كلمة موجزة من باب النصيحة والتوجيه، وتصحيح الأخطاء والمغالطات التي تسري إلى عقول أبنائنا وإخواننا وأحبابنا من هناك وهناك. أيها الإخوة! نحن - أهلَ السنّة والجماعة - من أولويّات إيماننا بالله تعالى واتّباعِنا لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، محبَّتُنا لآل بيته الكرام، الأطهار والأبرار والأخيار، لا يستطيع أحدٌ أن يُزاوِد علينا في ادّعاء المحبّة. ومحبّتُهم تعني بالنسبة لنا الإقرارَ بمكانتهم من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإقرارَ بفضلهم الذي أقرّه الله تعالى في القرآن الكريم بقوله:[]...إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً[] سورة الأحزاب (33). وقد ورد على لسان النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم قولُه تعالى:[]...قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى...[] سورة الشورى (23).

إذاً.. نحن نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحب آل بيته الكرام، ومن مستلزمات هذه المحبة الاتّباع، والانتفاع، والتعظيم، والإجلال والإكرام. ولْيَعْذُرْنا بعضُ إخواننا، فالمحبة لا تكون بإقامة المآتم، ولا بلطم الخدود وشقّ الثياب، ولا بإقامة الحداد ومجالس العزاء بعد مرور مئات السنين، فنفتق بذلك الجراح، ونحرّك الأحقاد في النفوس. ونحن نعتقد بطهارة سيدَينا الحسين والحسن رضي الله تعالى عنهما، ونقول: رضي الله عن سيدنا الحسين، وعن سيدنا الحسن، وعن سيدنا علي، وعن السيدة فاطمة الزهراء، ورضي الله عن آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمعين. هم قدوتنا وأجدادنا، وإليهم ننتمي وننتسب، وبمحبّتنا لهم نسأل الله سبحانه وتعالى أن يشفع لنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ القيامة.

ورضي الله تعالى عن صحابة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمعين، الذين وصفهم عليه الصلاة والسلام بأنهم كالنجوم في قوله: "أصحابي كالنجوم، بأيِّهِمُ اقتديتم اهتديتم. تحفة الأحوذي. وقال: "اللهَ اللهَ في أصحابي! لا تتّخذوهم غرضاً بعدي". مسند أحمد. وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: "لو أن أحدكم أنفق مثلَ أُحُدٍ ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدِهم ولا نصيفه". صحيح البخاري.

فلا يصحّ أيها الإخوة أن يكون هذا اليوم العظيم (يومُ عاشوراء) يوماً للتّفرقة بين المسلمين، بل ينبغي أن يكون يوماً تتآزر فيه كلمة المسلمين وتجتمع على الحق، ويكون الجميع من أنصار آلِ بيتِ النبي صلى الله عليه وسلم وأحبابِهم، ومن أنصار صحابة النبي صلى الله عليه وسلم أجمعين؛ لأننا نعتقد أنَّ صحابةَ رسول الله رضي الله عنهم كلُّهم عُدُول، وكلهم فازوا بصُحبة النبي صلى الله عليه وسلم، وشهدوا المشاهد كلها، وشهدوا الغزوات، ودافعو عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبذلوا من أجل ذلك الغاليَ والنفيس.

رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وحَشَرَنا معهم يوم القيامة تحت ظله عرشه يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّه. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.

 

 



[1] الجوديّ: جبل مطلّ على جزيرة ابن عمر في الجانب الشرقي من دجلة من أعمال الموصل، وعليه استوت سفينة سيدنا نوح عليه السلام.

 

 

 

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 5921

 تاريخ النشر: 15/12/2010

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 1090

: - عدد زوار اليوم

7402811

: - عدد الزوار الكلي
[ 60 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan