حوار مع الداعية الفلسطيني الشيخ "خبَّاب مروان الحمد" (2)
بقلم : أسرة الموقع
بسم الله الرحمن الرحيم
ما الخطط والمكائد التي يدبرها الصهاينة للمسجد الأقصى؟ ما الممارسات التي يقومون بها لإلغاء وجوده؟ وما الذي يعطيهم الحرية الكاملة في الاستمرار بخططهم؟ هل دافع العرب والمسلمون حق الدفاع عن مقدساتهم؟ وماذا يترتب عليهم لإنقاذها من الخطر؟؟ هذا ما سنقرؤه معاً فيما تبقى من الحوار مع الداعية الأستاذ "خباب مروان الحمد"... |
^ جهود الصهاينة المبذولة من أجل هدم المسجد الأقصى:
س7) موقع رسالتي: كلنا يعلم مدى كيد الصهاينة وغلّهم من المسجد الأقصى، وعملهم على إفنائه وتدميره بشتى الوسائل، فتارة يعمدون إلى إحراقه، وحيناً يعملون على إقناع العالم كله أن المساحة المسمّاة بمسجد قبة الصخرة - والتي هي جزء من المسجد الأقصى - هي نفسها المسجد الأقصى؛ حتى يتركز اهتمامنا على حمايتها دون سائر أجزاء المسجد، والآن هم مستمرون في حفرياتهم تحت المسجد الأقصى بحجة البحث عن هيكلهم المزعوم، والسؤال: ما هي النشاطات والأعمال التي يقوم بها أولئك الأوغاد تحت المسجد الأقصى؟
ج7) الأستاذ خباب: اليهود يحسنون صناعة الحدث، والتلاعب بالحدث، واستغلال الحدث كذلك، ولقد قال يوماً أحد المفكرين الإسلاميين كلمة لا زالت تقرقر في أذني وهي: أنَّه في السابق انتصر اليهود علينا مستغلين جهلنا واليوم ينتصرون علينا مستغلين عجزنا.
وهذا هو الواقع، فاليهود الآن مستمرون في الحفريات تحت المسجد الأقصى، وهم يستثمرون حالة العجز والخور والهوان التي يعيشها العالم العربي والإسلام، وهم قبالة ذلك يفعلون أفعالاً جبَّارة لكي يتهيأ المناخ المناسب والوقت المناسب لهدم المسجد الأقصى، وانهيار أساساته التحتية، ولعلَّ من أهمِّ النشاطات التي يقوم بها يهود الصهيونيَّة تجاه المسجد الأقصى ما يلي ذكره:
1) الحفريات العديدة تحت المسجد الأقصى المبارك: وهذه الحفريات في الجهة الغربية للمسجد الأقصى المبارك، وتحتوي على أكثر من عشرة مواقع، ولعلَّ من أبرزها، نفق (سلسة الأجيال) وهو نفق افتتح في 22/6/2009م وذلك بعد أكثر من ست سنوات من الحفر، وكذلك هنالك (القاعة الهيروديانيّة)، وهنالك (القاعة الكبرى) ولها من أكبر القاعات والحفريات تحت الأقصى، وهنالك (بوابة وارين) وتقع أسفل باب القطانين، وهنالك (قاعة المياة) وهي عبارة عن نفق ضيق جداً، ويمتد من شمال باب الناظر وحتى المدرسة العمرية تقريباً.
ولقد كشفت "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث" عن وجود 50 كنيساً يهودياً تطوق المسجد الأقصى المبارك وعدد آخر قيد الإنشاء، في مسعى من سلطات الاحتلال الإسرائيلية لإحداث تغييرات جذرية في محيط المسجد، تمهيداً لبناء "الهيكل الثالث" المزعوم.
2) بناء جسر على طريق باب المغاربة: وقد صادقت المؤسسة الصهيونية على ذلك، حيث ارتكبوا جريمة هدمه في 7/2/2007م؛ وذلك لكي يكون هذا الجسر الحديدي المعلَّق بدلاً من هذا الباب، ولكي يكون ممراً يمكِّن عناصر العصابات الصهيونية من اقتحام المسجد الأقصى كما شاؤوا، ولكي تحظى النساء اليهوديات بمكان موازٍ لمكان الذكور في الساحة!!، وذلك حتى يكون هذا تمهيداً لمشروع أكثر خطورة يتعلق بمحاولة اقتسام الجزء الجنوبيّ الغربيّ من ساحات الأقصى، وتخصيصه لصلاة اليهود، عبر ربط الكنيس الموجود تحت حائط البراق «قنطرة ويلسون» بباب المغاربة، ليُصبح الجزء الجنوبيّ الغربيّ من ساحات المسجد الأقصى جزءاً لا يتجزأ من المدينة اليهوديّة تحت المسجد الأقصى، وحتى يفرض بالقوة مخططاً خطيراً يقضي بتقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين والصهاينة. وقد دعا رئيس الدولة الصهيونية سابقاً واسمه "موشيه كتساب" دعا إلى تقسيم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود، والسماح لليهود بإقامة شعائرهم الدينية داخل المسجد الأقصى وقال في تصريحات له للإذاعة الصهيونية مؤخراً: "إنّ دخول المسلمين واليهود إلى الحرم القدسي لا بد أن تتم في نهاية الأمر وفقاً لنظام متفق عليه بين الأطراف المعنية، يسمح لكافة المسلمين واليهود بأداء شعائرهم الدينية في هذا المكان المقدس على غرار الإجراءات المتبعة في الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل". على حدِّ قوله.
3) تفريغ الأنفاق وقنوات المياه والآبار أسفل الحرم الشريف: لإضعاف أساسات المسجدين من الجهة الجنوبية بحيث يسهل تدميرها من شدة أصوات الطائرات الحربية التي تمر فوقها أو بسبب هزة أرضية، وتزامن هذا مع إعلان بعض صحف الاحتلال في 13/4/2008م أنّ أحجار حائط البراق بدأت بالتفتّت، خصوصاً تلك الحجارة الواقعة في أعلى السور، أي أحجار مصلّى البراق، الذي يقع في أقصى الطرف الغربيّ للمسجد الأقصى، وهو ما يُمّهد لإغلاق مسجد البراق، ومنع المصلّين من الوصول إليه، وتحويله إلى كنيسٍ يهوديّ أو موقعٍ أثريّ متصلٍ بالمدينة اليهوديّة.
ومن باب أنَّ الشيء بالشيء فلكم أن تعلموا أنَّ هنالك أكثر من 23 جماعة دينيَّة وعلمانيَّة صهيونيَّة، مرجعيتها الإيمان بمعتقدات الأساطير التلموديَّة الصهيونيَّة (الكاذبة) ببناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى، ولهذا تقوم هذه الجماعات ببثِّ الخطط المناسبة لهدمه، أو قصفه، أو إثارة زلازل أرضيَّة مصطنعة تحته، أو حرقه، أو نسفه، على اختلاف بينهم في الطرق والأساليب لهدمه، ولكنَّ المقصد الواحد هو تغييب وجود هذا المسجد الشريف، أضف إلى ذلك أنَّ هنالك 9 منظَّمات من الجماعات اليهوديَّة الصهيونية الغربيَّة في الخارج مهمَّتها مساندة ومساعدة المنظمات في داخل القدس لتحقيق الهدف من هدم الأقصى، وهذه المنظَّمات لها مهام عديدة، وكل منظَّمة مختصَّة بقضيَّة خاصة؛ فهنالك منظمات مهتمَّة بالتمويل، وأخرى بالدعاية والإعلان وفنون التأثير لتأييد ما يقومون به داخل أمريكا، وثالثة تهتم بنشر ما تقول إنَّها حقائق تراثيَّة ودينيَّة متعلِّقة بتاريخ الهيكل المزعوم، وأخرى مختصَّة بالرسوم القانونيَّة، إلى غير ذلك من تخطيط كبير في خدمة إفكهم المبين، فأين هي مخطَّطات المسلمين من أهل الحل والعقد لمناصرة القدس الأسيف!!
س8) موقع رسالتي: بما أنهم يدّعون أن الهيكل مكانه هو مكان المسجد الأقصى، فلماذا يقومون بكل هذه الحفريات هنا وهناك حول المسجد وتحته وعلى أبعاد مختلفة منه؟
ج8) الأستاذ خباب: اليهود الصهاينة صنعوا كذبة صلعاء صدَّقها الأوباش من اليهود، وهي أنَّ المسجد الأقصى بني على أنقاض هيكل سليمان عليه الصلاة والسلام، ولهذا فإنَّهم يريدون من خلال هذه الكذبة توجيه الرأي العام بأنَّ المسجد الأقصى ليس هذا مكانه، وأنَّ هيكل سليمان هو الأول، وحينما يقضون على المسجد الأقصى ويهدمونه (لا قدر الله) يضعون بناءً خاصاً بهم، معبِّراً عن هيكل سليمان، وهم في الوقت نفسه سيكسبون أمرين هما: هدم المسجد الأقصى، وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه.
ولا شك أنَّ كلامهم زور وبهتان؛ فإنَّ المسجد الأقصى بني بعد المسجد الحرام بأربعين عاماً كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة، وكان المسجد الحرام هو المسجد الذي بني أولاً، وتلاه بناءً المسجد الأقصى، فالأقدميَّة للمسجد الأقصى، والهيكل المقدس لدى اليهود ما هو إلاَّ أسطورة محشوَّة في رؤوس اليهود بناء على أساطير وخرافات كاذبة، فالذي يثبت بالدليل والبرهان أنَّ سليمان - عليه الصلاة والسلام - لم يبنِ هيكلاً، بل بنى مسجداً للعبادة هو المسجد الأقصى، أو أعاد بناء هذا المسجد وتأسيسه مرَّة أخرى، "وسـواء أخذنـا برأي من ذهب إلى أنّ الباني الأول للمسجد الأقصى بعض ولد آدم أو إبراهيم عليهما السلام، فإن بين ولد آدم وسليمان عليه السلام آلاف السنين، وبين إبراهيم عليه السلام وسليمان عليه السلام ما يقرب من ألف سنة. فهذا يعني أن المسجد الأقصى وجد في جبل بيت المقدس، قبل أن تكون هناك قبيلة يهودا، أو يكون هناك يهود، وقبل أن يكون التاريخ اليهودي أصلاً، وأيضاً قبل بناء سليمان عليه السلام الهيكل كما يزعم اليهود، وهل من المعقول أو الجائز شرعاً أن يقوم نبي الله سليمان ببناء معبدٍ لله تعالى تحت المسجد القائم؟!" كما يقول الدكتور صالح الرقب في بحث له عن خرافة وجود الهيكل.
وعليه فلو كان اليهود أهل صدق لعلموا أنَّ الهيكل المقصود عندهم هو المسجد الأقصى المبارك، ولَلَزِمَهم الدخول في دين الإسلام، بدلاً من المطالبة بهدم الأقصى وبناء الهيكل!!
ثمَّ إنَّ اعتراف العدو اليهودي الصهيوني على ذلك هو خير شاهد، فلقد أعلن عالِم آثار يهودي بأن الهدف من كل ما يجري هو إقامة كنيس يهودي داخل المسجد الأقصى، ويقول عالم آثار إسرائيلي من لجنة الداخلية التابعة للكنيست إن الحفريات التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية في المسجد الأقصى، وهدم جسر خشبي عند باب المغاربة، وهدم غرفتين ملاصقتين لمسجد البراق الملاصق للمسجد الأقصى هدفها إقامة كنيس يهودي داخل الأقصى.
بل قال عالم الآثار "مئير بن دوف": "إن إسرائيل بالغت بموضوع اللجوء إلى الحفريات وهدم جسر طريق باب المغاربة؛ لأنه كان بالإمكان إصلاح الأجزاء التي تضررت بالجسر بتكاليف بسيطة. وتابع يقول: "لكن من الواضح أن الهدف هو تحويل مسجد البراق إلى كنيس يهودي للمصليات اليهوديات؛ لأن ما يجري ليس مجرد ترميم، وإنما هناك مخطط لإقامة الكنيس داخل الحائط الغربي للحرم القدسي".
وهم لديهم عقيدة مسخ مزعومة تقول بأن من شروط عودة المسيح ووقوع معركة "هرمجدون" هو هدم المسجد الأقصى، وإقامة الهيكل المزعوم بهيكل سليمان، حيث يعتقدون أنَّ الهيكل يقع تحت المسجد الأقصى.
وهنالك جماعات عديدة ترى هذا الأمر، وقد ذكر أحد الكتَّاب الإسلاميين واسمه محمد مورو بأنَّ هذه الجماعات الصهيونية المتطرفة التي ترى ضرورة هدم الأقصى بأنَّها تتمتع: "بنفوذٍ قويّ داخل الحزب الجمهوريّ في الولايات المتحدة، ويتعاطف معها بصورة ضخمة رموز اليمين الأمريكي المحافظ من "ديك تشيني" إلى "دونالد رامسفيلد" إلى الرئيس الأمريكي الأسبق "بوش" ذاته، وكان الرئيس الأمريكي الأسبق "رونالد ريجان" يؤمن مباشرة بتلك العقيدة المزعومة، كما تمتلك تلك الجماعة قنواتٍ تلفزيونيّةً وإذاعيّة وصحفاً، ويتبعها عددٌ كبير من القساوسة أمثال "باث روبرتسون" والأب "جراهام" وغيرهما".
ولهذا بانت نيَّة المحتل الصهيوني حيث عكست تصريحات المسئولين الصهاينة بعد احتلال مدينة القدس مباشرة أو بعد احتلالها بسنوات قليلة رغبتَهم في المضي قدماً نحو السفر في "رحلة البحث عن الهيكل" ، وقد نقلت صحيفة "يدعوت أحرونوت" على لسان وزير الأديان الإسرائيلي آنذاك "زيرح فارهفيك" قوله : "إن وزارة الأديان الإسرائيلية تسعى بواسطة عمليات الحفريات التي تجريها للكشف الكامل عن حائط المبكى بهدف إعادة هذه الدرة الثمينة وهي عمليات تاريخية ومقدسة تهدف للكشف الكامل عن الحائط وهدم وإزالة المباني الملاصقة له رغم العراقيل التي كانت تقف في الطريق".
وحينما عاد أولمرت من مؤتمر "أنا بوليس" استقبله المتطرفون اليهود بالورود ذلك أنه لم يفرط في القدس من وجهة نظرهم!!
ومع أنَّ اليهود قد نهوا عن الكذب بل قالت أسفارهم ذلك: "لا تقل خبراً كاذباً، ولا تضع يدك مع المنافق لتكون شاهد ظلم. لا تتبع الكثيرين في فعل الشر... ابتعد عن الكذب" وقد جاء هذا الكلام في سفر الخروج:(23: 1 _ 6)، ورغم كل ذلك فقد قامت علاقة اليهود مع فلسطين والمسجد الأقصى على الكذب الصراح؛ فإنَّ هذه الكذبة التي أرادها مؤسسو دولة إسرائيل لكي يستخدموها في دعاويهم لجلب اليهود من أنحاء العالم، لم يثبت شيء منها، وقدر ما يحفر هؤلاء اليهود الصهاينة تحت الأقصى فلن يجدوا أيَّ شيء يثبت لهم ما يدَّعونه، ولقد نقل "ظفر الإسلام خان" عن الكاتب البريطاني "هيامسون" قوله بشأن حضارة اليهود: "لم يوجد في فلسطين نقش واحد ينسب إلى المملكة العبرية، لقد فشلت اليهودية في أن تقدم أي أثر لداوود أو سليمان، أو أي نقش أو حجر، أو حتى أي نصب تذكاري، ولهذا فإنَّ قضيتهم تفتقر إلى دليل مادي مسجل". كتاب الانتداب على فلسطين لظفر الإسلام خان ص48 ـ 49.
ولنفترض جدلاً - وهو لم ولن يحصل - أنَّ اليهود قد وجدوا شيئاً ممَّا يعبِّر عن تراثهم المزعوم، فإنَّ: "الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين". الأعراف (128). وهي نص آية قرآنيَّة في كتاب الله تعالى، والظالم لن ينال من عهد الله شيئاً بنص قوله تعالى: "وإذا ابتلى إبراهيم ربّه بكلمات فأتمَّهن قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين". البقرة (124).
وإنَّنا مطمئنون على أنَّ كل ما يقوم به يهود الصهيونيَّة لن يعدو أن يكون فقاعة صابون أو سحابة صيف عن قليل ستنقشع، وأنَّ الباطل كلَّما انتفخ فإنَّه سيوضع على الأرض وتدوسه حقائق الحق، وإنَّ النصر آت لا ريب فيه وفقاً للآية القرآنية: "وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً، فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً، ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وجعلناكم أكثر نفيراً، إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً". الإسراء (5).
وأختتم جوابي هذا بنصيحتي لعموم القرَّاء الكرام أن يطالعوا عدداً من الكتب المهمَّة في هذا المجال ومنها كتاب: "قبل أن يهدم الأقصى" والذي نشر مؤخراً بعنوان: "قبل الكارثة... نذير ونفير" للدكتور عبد العزيز مصطفى كامل حفظه الله وفرَّج عنه، وكتاب "يا مسلمو العالم أفيقوا قبل أن يهدم الأقصى" للدكتور صالح الرقب جزاه الله خيرا، وكتاب "القدس بين الوعد الحق والوعد المفترى" للدكتور سفر الحوالي حفظه الله وشفاه، وكتاب "عقيدة اليهود في الوعد بفلسطين" للدكتور محمد آل عمر، فهذه الكتب من خيرة الكتب التي تتحدَّث عن موضوع القدس ومخطَّطات اليهود نحوه.
^ الأسباب التي تمنع إسرائيل من هدم المسجد الأقصى:
س9) موقع رسالتي: ما الذي يمنع إسرائيل من أن تقوم بعملية هدم الأقصى بشكل مباشر؟ أي لماذا تلجأ إلى الحفريات، أو تنتظر العوامل الطبيعة كالزلازل؟ وقد افتعلت زلزالاً صناعياً من أجل ذلك في أحد الأعوام؟
ج9) الأستاذ خباب: لقد قال تعالى في محكم التنزيل بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله". سورة الحـج (40). يقول الصحابي الجليل أبو الدرداء رضي الله عنه: لولا أن الله عز وجل يدفع بمن في المساجد عمن ليس في المساجد، وبمن يغزو عمن لا يغزو؛ لأتاهم العذاب، وقالت فرقة: ولولا دفع الله العذاب بدعاء الفضلاء والأخيار، هذا من جهة...
ومن جهة أخرى فالصهاينة في واقع الأمر مختلفون فيما بينهم في عملية الهدم فهنالك خلافات بين تياراتهم الدينية حيال ذلك، كما أنَّ هنالك خلافات بين العلمانيين الصهاينة واليهود المتطرفين (المتدينين)، وكذلك لا يزال التخوف منهم من الهبَّة الشعبيَّة العالمية العارمة حيال ذلك، سواء أكان ذلك في فلسطين أم خارجها، وإذا كان عدو الله (الحي الميت) شارون حينما دخل المسجد الأقصى انتفضت فلسطين وانتفضت الأمة بأجمعها، فماذا سوف يحصل حينما يهدم الصهاينة المسجد الأقصى؟
وكذلك هنالك ضغوطات دوليَّة على الحكومة الصهيونية بعدم اقتراف هذه الحماقة التي ستسبب لها إحراجاً أمام النظام الدولي والمنظومة العالمية، وبالطبع فهذا ليس حبَّاً بأهل فلسطين، ولكنَّه تدجين للمسلمين عموماً، فالمقصد: لا تهدموه الآن ولكن إذا واتتكم الفرصة فافعلوا ما تشاؤون؛ لكي تسنح الفرصة والأمور لصالح الكيان الصهيوني...
قال البيولوجي الأمريكي "جيمس جاننغ" - الذي يعيش في شيكاغو، وقد سبق أن أجرى دراسات بيولوجية في الأردن ومصر وفلسطين-: "كثير من الصهاينة الإسرائيليين يفضّلون المضي في المخطط خطوة..خطوة. فإذا لم ينسفوا المسجد فإنّهم يتمنون أن ينظر إليهم كمعتدلين... إنّ بعض قادة إسرائيل يختبرون الأجواء السياسية لبناء الهيكل إلى جانب المسجد. فإذا حققوا ذلك، فإنهم قد يعمدون لاحقاً إلى إزالة الحرم الشريف. إنها لعبة القوة السياسية". انظر كتاب: النبوءة والسياسة: غريس غالسل ص110.
ولعلَّ الصهاينة كذلك لم يروا هذا الوقت هو الوقت المناسب للهدم؛ فهم يحاولون التطبيع مع الكثير من الدول الإسلامية، ويحاولون تطبيع وتهويد العلاقات العربية والإسلامية من المقدسيين مع اليهود الساكنين في القدس، فهم يريدون تهيئة الفرصة المواتية التي يشعرون فيها بضعف تمسك العالم العربي والإسلامي بقضية القدس والأقصى.
^ دور وسائل الإعلام في نصرة القضية الفلسطينية:
س10) موقع رسالتي: الإعلام سلاح من أمضى الأسلحة، ما الدور الواجب على الإعلام فعله تجاه القضية الفلسطينية؟
ج10) الأستاذ خباب: على الإعلام أن ينقل الصورة الحقيقية عن ما يجري في فلسطين، وألاَّ ينحاز إلاَّ إلى الحقيقة فيكون بالفعل إعلاماً ينبض عن روح الشارع الفلسطيني، ونحن نتذكر ما أثَّرت به صورة محمد الدرة بالكثير من الساسة والشعوب، ولهذا فإنَّ على هؤلاء الإعلاميين الشاهدين على الحالة الفلسطينية التي تعيشها تحت حراب الاحتلال أن يقوموا بالدور المناط بهم.
ونحن قد شاهدنا حالة الصدق والمبدئيَّة التي يحيا لأجلها الإعلامي والصحفي أثناء حرب غزَّة، ورأينا كيف ضحَّى الكثير منهم بنفسه التي هي أغلى ما يملك لكي ينقل للأمة العربية والإسلامية المجزرة التي يقترفها العدو الصهيوني ببطشه وإجرامه وتنكيله بحياة المدنيين العزَّل في واقعة حرب غزة الأخيرة.
كذلك على الإعلامي أن يبادر لالتقاط الصور التي تنشر روح العزيمة والإباء والصمود والتحدي للمحتل الغاشم، فلا يبقى دوره ناقلاً لصور الجرحى والقتلى، والتي تثير في النفس كوامن الألم وتجرِّعه غصص العذابات على حال إخوانه، بل ينقل الصور المشرقة من صور المواجهة والصمود السياسي والمقاومة تجاه المحتل الغاشم.
وعلى الإعلاميين كذلك ألاَّ يضخموا ما حقه التضئيل، وألاَّ يكونوا عوناً للمعارك الجانبيَّة بين المختلفين من الفصائل، بل يحاولوا نقل ما يجري برمته دون أن يكون له دور في التأثير لصالح جهة قد تفرح بما يجري بين المختلفين.
^ دور المرأة في نصرة القضية الفلسطينية:
س11) موقع رسالتي: ما دور المرأة - أياً كان موقعها ومجال عملها - في نصرة القضية؟
ج11) الأستاذ خباب: المرأة صانعة رجال، مربيَّة أجيال، حاملة لرؤوس الجهاد والنضال، هي أول مَن ناصَرَ الدعوة الإسلامية أثناء نزول الوحي على رسول الله، فقامت خديجة بنت خويلد لكي تشد من أزر رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وقد صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم فيما أخرجه أبو داود: "النساء شقائق الرجال". بل قد بشَّرنا تعالى بقوله: "من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون". سورة النحل (97).
لهذا فما يجب على الرجل تجاه نصرته للقضية فإنَّه واجب على المرأة، مع الانتباه للخصوصيات التي تحتف بالمرأة، والاستثناءات التي تختلف بها عن الرجل بسبب طبيعتها الفطرية والنفسية والعضوية.
ولقد شاهد العالم العربي والإسلامي في فلسطين وخارجها صوراً مضيئة ومشرقة من صور نصرة المرأة لقضية فلسطين، فما نشهده من صور المقدسيات للمحافظة على المسجد الأقصى والدفاع عنه بأجسادهنَّ ليس إلاَّ دليلاً على أنَّها قادرة على صناعة الحدث.
ويتحدَّث الشيخ رائد صلاح عن المواجهات التي دارت بين المقدسيين والصهاينة الذين يحاولون الدخول للأقصى فقال: "ومن ضمن ما حدث خلال هذه المواجهات أن إحدى المسلمات تلقت ضربة قوية على رأسها أدت إلى موتها موتاً سريرياً استمر عشرة أيام، ثم أكرمها الله تعالى بالشهادة بعد ذلك، فهذا موقف نرى من خلاله موقف المرأة المسلمة في اتجاه نصرة المسجد الأقصى المبارك، كذلك لا ننسى مشهداً آخر عشناه عندما كانت هناك مظاهرة كبيرة جدا لمؤسسة "مسلمات من أجل الأقصى" باشتراك مسلمات القدس عندما خرجن بعد صلاة الظهر مباشرة في مظاهرة كبيرة زادت عن ألف وخمسمئة، وقمنَ يرددن ذاك النداء الذي بات على لسان كل مسلم وعربي وفلسطيني في العالم "بالروح بالدم نفديك يا أقصى". فقامت خيول عسكرية لقوات الاحتلال الإسرائيلي بمهاجمتهن من أجل تفريق المظاهرة، إلا أن المتظاهرات بقين في أماكنهن، أحطن بالخيول وأخذن يرددن في كل ثبات وكل صمود "بالروح بالدم نفديك يا أقصى"".
في النهاية يجب على المرأة المسلمة أن تخدم هذه القضيَّة بحسب استطاعتها، وأن تحيا لأجل هدف في هذه الحياة ينجيها أمام الله تعالى بحمل هموم الأمة الإسلامية أينما كانت وعلى رأسها القضية الفلسطينيَّة.
^ الموقف الضعيف للعرب من القضية الفلسطينية:
س12) موقع رسالتي: ثمة ظاهرة اتصف بها العرب والمسلمون - دون تعميم - إزاء قضية فلسطين، وعموماً إزاء غيرها من القضايا، وهذه الظاهرة هي اندفاعهم في حال وجود حدث ساخن ومؤلم من أجل الدفاع والنصرة، ثم الخمود مع خمود هذا الحدث، بل والعودة إلى ما كانوا عليه من عادات سيئة قبل هذا الحدث، برأيكم: هل هذه الظاهرة طبيعية أو مرضيّة؟ ما سببها؟ وما علاجها؟
ج12) الأستاذ خباب: هذه الظاهرة طبيعيَّة بسبب ما يراه المشاهد العربي والمسلم من حالات القتل والدمار للمسلم الفلسطيني، ولكنَّ الاعتياد على ذلك يسبب مرضاً؛ لأنَّ النفس إذا اعتادت أن تهبَّ وقت المجزرة، أو أن تكون كبعض رجال المطافئ الذين يطفئون الحريق فحسب دون الاهتمام، بذكر أساليب الوقاية والحماية ودون أن تستخدم أساليب أخرى، فإنَّ هذا يكون أمراً مزعجاً.
إنَّ من أخطر ما أصيب به المسلمون في كثير من أعمالهم أن معظمها صار [ردود أفعال] فما أن تشتعل في قلوبنا حتَّى تنقطع من جديد؛ لأننا غالباً نتحرك بلا هدف ولا تخطيط؛ فالأحداث تُسَيِّرُنا وتفرض نفسها علينا، وكثير منَّا لا يُكَيِّفُهَا حسب خطة عمل، أو يوظفها لصالحنا، لذا أضحت أفعالنا وقتية، وتحركاتنا آنية.
ولا شكَّ أنَّ هذا خلاف العمل المتكامل، وكثير من علماء الإدارة يوصون بكلمة قصيرة لكن معناها عميق وهي [ابدأ والنهاية في ذهنك].
إن النجاح الحقيقي أن يعرف الإنسان هدفه في الحياة، وهدفه من العمل الذي يريد تحقيقه، ثم يسعى لذلك مرتباً لكل مرحلة منهجيةً يسير عليها، ومعالم يستنير بها، فلا يكون حاله كحال كثير منَّا يعمل متحمساً في البداية ثم ينقطع في آخر الشوط ، فلم يفلح ولم يصلح. وقد نهى الله عن ذلك بقوله:"ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا". النحل (92).
والعلاج هو الاستعانة بالله أولاً؛ فلو توكل العبد على ربه وأحسن الظن به لاستطاع أن ينقل جبلاً من مكان إلى آخر كما يقول إمامنا ابن القيم الجوزية، فالقصد أن يكون لدى الشخص قوة وعزم وإرادة وتصميم وصبر ومصابرة ومثابرة لنيل ما يريد القيام به لنصرة قضية فلسطين، ولن يخيِّب الله أمله.
^ واجب الأمة العربية والإسلامية في نصرة القضية الفلسطينية:
س13) موقع رسالتي: ذكرتم في إحدى مقالاتكم بعنوان "هل هانت القدس في عيون المسلمين؟" عبارة: "ونحن إلى الآن لم نلحظ توقفاً من الصهاينة عن عملهم الدؤوب لإضعاف الأسس التحتيَّة للأقصى، ولم نجدهم يرتدعون عن مساعيهم في تهويد القدس، ولأجل ذلك فإنَّ الجهود الإسلاميَّة يتحتَّم زيادة أدائها، وضخُّ كل قوى الطاقة البشريَّة المسلمة لنصرة هذه القضيَّة". كيف يكون ذلك؟ وما هو واجب الأمة العربية والإسلامية رداً على ما يقوم به الصهاينة من قتل وتدمير وتخريب؟
ج13) الأستاذ خباب: على الأمَّة الإسلامية أن تعد نفسها إعداداً جيداً يليق بها لكي تسترد كرامتها، وتستدعي حدود مجدها، وألاَّ تنتظر أن يعمل لها أحد من أمم الشرق والغرب، أو أنها تفرح بتصريح من هنا، وخطاب من هنالك، فيكون حالها كما قال الشاعر:
يرجون من ظلمِ أهلِ الظلمِ مغفرةً ومن إساءةِ أهلِ السوءِ إحسانـا
عليها أن تعرف عدوها جيداً وأن لا تثق به أو تحسن به الظن، ولو قرأنا كل تاريخ عتاولة الإجرام الصهيوني لوجدنا حقيقة الإرهاب لديهم، ولعلي أضرب مثلاً لذلك من مقال بعنوان "الإرهاب" حيث كتب رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق شامير في جريدة "هازيت" التي كانت تصدرها حركة "ليحي" والتي كان يترأسها شامير آنذاك في شهر آب عام 1943م فقال: "لا يمكن استخدام الأخلاق اليهودية ولا الأعراف اليهودية كوسيلة لمنعنا من الإرهاب كوسيلة للحرب... إننا بعيدون جداً عن الترددات الأخلاقية عندما نهتم بالنضال الوطني، فالإرهاب بالنسبة لنا أولاً وقبل كل شيء هو جزء من الحرب السياسية مناسب لظروفنا الآن". عن كتاب الغرب والإسلام وفلسطين، للمفكر الفلسطيني محمود النمورة ص247.
وهذا "مناحم بيجن" السفاح الكبير الذي حصل على جائزة نوبل!! الشخصيَّة التي قتلت النساء، وصاحب الإبادات الجماعيَّة للبشر لتحقيق أغراضه السياسية المشؤومة، هذا الرجل الذي قال عنه ابن جوريون نفسه إنه يريد القضاء على جميع العرب لإنشاء دولة إسرائيل الكبرى، وفي ذات يوم وصف الفلسطينيين في خطاب ألقاه في الكنيست بأنَّهم وحوش تمشي على قدمين!! نجده يقول في كتابه "الثورة": "ينبغي عليكم أيها الإسرائيليون ألا تلينوا أبداً عندما تقتلون أعداءكم، ينبغي ألا تأخذكم بهم رحمة حتى ندمر ما يسمى بالثقافة العربية التي سنبني على أنقاضها حضارتنا". ويقول أيضاً: " الفلسطينيون مجرد صراصير يجب سحقها".
ويقول بنيامين ناتنياهو في كتابه "مكان تحت الشمس": "لا نؤمن بوسيلة سوى القوة والعنف والإرهاب الدموي بأبشع أشكاله من أجل تحقيق أهدافنا وأفكارنا ومعتقداتنا في أرض إسرائيل الكاملة أو في الدولة اليهودية أو في إسرائيل قوية مهيمنة على المنطقة".
فالذي علينا أن نعرف عدونا جيداً، وأن نعرف قداسة فلسطين وأنَّها أرض محتلَّة، وأن نعلم خطر المنافقين، وأن ندرك خطر سبيل المجرمين وكيدهم ومكرهم للتلاعب بقضيتنا، ونكشف كل ما تعلمناه للآخرين لكي نكِّون وعياً راشدياً، وتعبئة فكرية كبيرة، وبعدها نصنع ولو شيئاً يسيراً نلقى به الله تعالى حينما يخاطبنا: "ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين". سورة القصص (65). فإنَّ العمل ولو كان قليلاً خير من التكاسل والتباطؤ، ولقد قال القريشي في وفيات الأعيان: "سيروا إلى الله عُرجاً ومكاسير؛ فإن انتظار الصحة بطالة!!".
^ متى ستعود فلسطين؟
س14) موقع رسالتي: نختتم حوارنا بذكر البطل المنتَظَرة بشغف عودته، القائد العظيم "صلاح الدين الأيوبي". صلاح الدين الذي ما عرف للراحة طعماً لكثرة تفكيره بالطريقة التي سيرفع بها عن بيت المقدس ما يخنقه من أيادٍ، صلاح الدين الذي ما سمح لبسمة أن تجد إلى ثغره سبيلاً؛ ألماً على طهارة أرض تطؤها أقدام نجسة، صلاح الدين الذي استعان بالله، فعمل، وعمل، وعمل إلى أن استطاع بإذن ربه استعادة القدس من الصليبيين، فغدا ذاك البطلَ الذي يُضرب به المثل في القوة، والشجاعة، وتحرير المقدسات والمغتصبات. فلسطين ستعود بإذن الله الذي وعدنا بعودتها، ولا شك أن صلاح الدين عائد بإذن الله، ولكن... ما هي السبيل إلى عودة صلاح الدين حتى تعود فلسطين؟
ج14) الأستاذ خباب:
لَئِنْ لم يكنْ في الأرضِ أوسٌ وخزرج فللـهِ أوسٌ قـادمـون وخـزرجُ
صلاح الدين لن يعود، ولكن سيكون هنالك أتباع لعمر بن الخطاب، ولصلاح الدين، وإذا هيأت الأمة نفسها وأعدَّت العدَّة سواء في داخل فلسطين أو خارجها، فإنَّ الله تعالى ناصر دينه ومظهر كلمته، فالمهم أن يكون هنالك رجال على مستوى الكلمة يكون همُّهم وهدفهم الله والدار الآخرة: "رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب في القلوب والأبصار". سورة النور (37). رجال يحبون الموت كما نحب الحياة، ولقد حدَّثنا التاريخ وكان من رجالاته الواقدي الذي قال: "وقد بلغني أنَّ المسلمين باتوا تلك الليلة - ليلة الاتجاه لفتح القدس - كأنَّهم ينتظرون قادماً يقدم عليهم من شدَّة فرحهم بقتال أهل بيت المقدس، وكل أمير يريد أن يفتح على يديه، فيتمتع بالصلاة فيه، والنظر إلى آثار الأنبياء". من فتوح الشام للواقدي:(1/216).
وعن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه عن جدِّه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "من سأل الله الشهادة بصدق، بلَّغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه". رواه مسلم.
في النهاية أحب أن أقول: لا نريد أن تبقى قضية فلسطين مجرد أسئلة وأجوبة، فنحن نسمع الكثير من الردح والجرح والقدح بالعدو الصهيوني، ولكنَّ الفارق الرئيس أنَّ العدو يعمل لقضيته وإن كانت زوراً، كما قال الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس - رحمه الله - في ثلاثينيات القرن الماضي: "ما دام الصهيونيون يقبضون على ناصية القوة والمال، والمسلمون يقبضون على ناصية الاحتجاج والأقوال، فيا ويل فلسطين من الذين يتكلمون ولا يعملون!".
^ كلمة أخيرة:
س15) موقع رسالتي: من أجل فلسطين، وفي سبيل السير على طريق النصر والتحرير، وعموماً: هل من كلمة أو نصيحة توجهونها لموقع رسالتي، الموقع الدعوي الذي يشرف عليه فضيلة الشيخ "محمد خير الطرشان"؟
ج15) الأستاذ خباب: أشكر لكم هذه الاستضافة ومتابعتكم لي في الحوار، وأعتذر عن تأخري عليكم في الإجابة عن هذه الأسئلة، لعدَّة انشغالات طارئة، وظروف مباغتة.
وأنصح الإخوة القائمين على موقع (رسالتي) مزيداً من الاهتمام بقضايا المسلمين، ومعالجة المشكلات التي يعاني منها العالم العربي والإسلامي بروح شرعيَّة تأصيليَّة علمية وعقلانية تصف الداء وتشرح الدواء، فإنَّ عليكم عبئاً كبيراً لتوصيل رسالة الله إلى الناس، وبما أنَّ موقعكم اسمه: (رسالتي) فإنِّي أهيب بكم أن تكونوا على قدر هذه المسؤولية التي انتدبتم أنفسكم لها، وحاولوا أن يكون في موقعكم الجديد والمفيد، وأن تكون له بصمته المؤثرة في عالم المواقع على الشبكة العنكبوتيَّة.
وفقكم الله، وسدَّد خطاكم، وبارك فيكم، وجزاكم عنَّا كل خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
* موقع رسالتي: الداعية الشيخ "خباب مروان الحمد"! في نهاية هذا الحوار لا يسعنا إلا أن نشكركم على ما تفضلتم به.. كما نشكركم أيضاً على ما تبذلونه من جهود في سبيل الدعوة إلى الله تعالى، ونسأله أن يجعلها في سبيله وخالصة لوجهه الكريم، وأن يعينكم ويعين جميع الدّعاة المؤمنين الصادقين على النهوض بهذه الأمة، والمحافظة على خيريتها.
وكما أشرتم في إحدى إجاباتكم: "لا نريد أن تبقى قضية فلسطين مجرد أسئلة وأجوبة". فالله نسأل أن يكون لهذا الحوار نتائج عملية طيبة، وألا نكون من الذين يتكلمون ولا يعملون؛ كي لا نجرّ الويل لفلسطين (أبعد الله عنها كل ويل). ونرجو الله أن يكتب تحريراً قريباًَ لهذه الأرض الطيبة المقدسة، وسائر ما احتُلّ من بلاد المسلمين، وأن يهيئ فرجاً عاجلاً لأهلنا وإخواننا المستضعفين، ونرجوه أن يرزقنا الصلاة في المسجد الأقصى بعد أن يفك أسره من بين أيدي الطغاة المجرمين. والحمد لله رب العالمين.
الجزء الأول من الحوار اضغط هنا
التعليقات:
0 |
|
|
مرات
القراءة:
5300 |
|
|
تاريخ
النشر: 05/11/2009 |
|
|
|
|
|
|