::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> قضية ونقاش

 

 

ما لم يَفْرِضْه الفقيه؟!!

بقلم : د.محمد موسى الشريف  

 

ما هي المسائل التي لم يفترضها الفقهاء في الأزمنة الماضية، وباتت موجودة في زماننا دون حل ولا فتوى مناسبة لها.. وما هي الحلول المناسبة لهذه الأمور..

قضيتنا هذه الأسبوع نطرحها من مقال للدكتور محمد موسى الشريف يطرح فيها بعض تلك المسائل ويعرضها.. فما هي الحلول؟؟..

إخوتي القراء.. ننتظر آراءكم ومشاركاتكم في هذه القضية..

إدارة التحرير في موقع رسالتي . نت

 

 قد كان من عادة بعض فقهائنا الأوائل - رحمهم الله تعالى- عند مناقشتهم مسائل فقه العبادات والمعاملات أن يتحدثوا عن مسائل لم تقع فيفرضوا وقوعها، ومن ثم يضعوا لها أحكاماً، وغالب هذه المسائل من البعد عن الواقع بمكان، ولقد نظرت في جملة من هذه المسائل وكنت أتعجب من هذه السعة في التناول لما لم يقع، وليس له نظير في زمانهم، وعجبت من هذا التعرض لما لم يقع وكنت أعده ترفاً فكرياً وتشعباً لا داعي له.

وعندما ننظر في أحوال زماننا هذا وتشابك وقائعه وما يستجد فيه من أحداث نعلم يقيناً أن فقهاءنا الأوائل لم يكن يدور في أذهانهم أن هذا يمكن أن يقع، فلذلك لم يفرضوه في كتبهم ولم يرد في مخيلتهم وتصوراتهم على كثرة ما ورد فيها وأثبتوه في كتبهم، كما أسلفت.

ولقد نظرت في أحداث زماننا هذا فخرجت بطائفة منها لم ترد أحكام أمثالها في كتب فقهائنا الأوائل -فيما أعلم- فإليكموها:

1. لم يفرض فقيه - فيما أعلم- أنه سيأتي وقت على المسلمين يُحكمون فيه بغير كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويستبدل بهما القوانين الإنجليزية والفرنسية وغيرها، وغاية ما صنع الفقهاء أنهم تحدثوا عن شريعة الياسق الذي فرضها المغول بحد السيف على المسلمين، لكن أن يرضى المسلمون بتحكيم غير كتاب الله طواعية وتنحيته هو والسنة المطهرة عن الحكم فهذا لم يخطر ببالهم فلم يفرضوه في كتبهم.

2. لم يفرض فقيه -فيما أعلم- أن النساء المسلمات إذا أردن تعلم العلم النافع ولو كان شرعياً في الجامعات فإنهن لا يستطعن لبس حجابهن، وأنهن إذا أردن الجمع بين العلم والحجاب فلابد لهن من السفر خارج بلادهن، ولم يخطر ببال فقيه قط أن يكون مقصدهن بلاد الغرب الكافرة ليلبسن حجابهن فيها!! وهذا اليوم هو ما يجري في تركيا عاصمة الإسلام لخمسة قرون!!

 3. لم يخطر ببال فقيه أنه يؤتى بالمرأة المسلمة الحامل وهي في الطَلْق على باب المستشفى فتخير بين دخول المستشفى بغير حجاب أو أنها تطرد عنها فلا تدخلها إذا أصرت على حجابها!! وهذا يحدث اليوم في تونس مثوى عقبة بن نافع فاتح أفريقيا!! وتمنع فيها النسوة المحجبات من الوظائف الحكومية ويضيق عليهن تضييقاً لم يحصل عشر معشاره في بلاد الكافرين!!!

4. لم يخطر ببال فقيه أن تقوم حكومة مسلمة بحصار شعب مسلم نيابة عن عدوه، وأن تشدد عليه الحصار ببناء جدار فولاذي يسد عليه جميع المنافذ، فهذا ما لم نسمعه في سيرة الحكام الأوائل، فكيف يفرضه فقيه في كتابه؟!

وغاية ما سمعنا أن بعض خونة الحكام كانوا يسكتون عن حصار الصليبيين في الأندلس للمسلمين، لا أن يشاركوا بهذا الحصار ويجهدوا في ضبطه وتشديده وسد كل المنافذ البحرية والجوية والبرية على إخوانهم المسلمين!!

5. لم يخطر في بال فقيه قط أن الزنا يصير مرعياً من قبل الدولة ومحمياً، وأن الزانية تدفع الضرائب، وتخضع للفحص الطبي الدوري حتى يُتأكد من سلامتها من الأمراض وصلاحيتها للزنا، كل هذا بتشريعات وقوانين!! وهذا يجري اليوم في بعض بلاد الإسلام... وإنا لله وإنا إليه راجعون.

6. ولم يخطر ببال فقيه فيفرضه في كتابه أن أكثر دول الإسلام ستحل الربا بتشريعات وتقنينات، وتقيم له المصارف، وتربط به اقتصادها، وهذا قد حصل في ديار الإسلام؛ كما هو مشاهد معلوم.

 7. ولم يخطر ببال فقيه فيفرضه في كتابه أنه سيأتي يوم على المسلمين يصبح فيه الجهاد مسترذلاً مكروهاً محارباً مستوياً -في حكمه والتعامل معه- مع التشدد والغلو "الإرهاب المذموم" ويصبح الجهاد وأهله موضع الريبة وظن السوء، بعد أن كان المجاهدون شامة في الناس وموضع تكريم وإعزاز.

 8. ولم يخطر في بال فقيه فيفرضه في كتابه أنه سيأتي يوم على المسلمين تتعرى فيه نساؤهم من أكثر اللباس، وأنهم يُعرض عليهم في وسائل الإعلام الرسمية في البلاد الإسلامية دقائق ما يجري من الحب والعشق، بل في أحيان كثيرة ما يجري في غرف النوم من مقدمات الجماع، وعهدهم أن هذا لا يكون إلا في ستر وعزلة وغفلة عن أعين الناس، لكنه صار واقعاً مشاهداً في بلاد الإسلام طولاً وعرضاً حتى قَلّ من ينكره!!!

 9. وهذه الخمر صارت مرخصة بقانون، ولها مصانع تصنعها في أكثر بلاد الإسلام، وهي أم الخبائث -كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم- وصرنا ننافس الكفار في صنعها والدعاية لها والإقبال على شربها، وهذا -قطعاً- لم يخطر ببال فقيه حتى يفرض له صورة فيبني عليها حكماً!!

 10. ولم يرَ أو يسمع فقيه من فقهاء الإسلام في زمن العز والكرامة فقيهاً يصافح أعداء الله وأعداء رسوله بحرارة وإقبال وبكلتا يديه!! ولم يروا أو يسمعوا بفقيه يجلس مع عدو الله وعدو رسوله على منصة واحدة لحضور مؤتمر دولي، ولم يسمعوا بفقيه يحلل ما يقوم به أعداء الإسلام ضد المسلمين من تضييق على الحجاب والنقاب، ولم يسمعوا قط بفقيه يحارب النقاب ويراه عادة مرذولة!! ولم يسمعوا بفقيه يرى جواز حصار المسلمين وإذلالهم وتجويعهم، ولم يسمعوا بفقيه استغيث به لئلا يهدم المسجد الأقصى فقال: "وأنا مالي!!".

 11. ولم يخطر ببال فقيه أن قصص المجون والإلحاد والفحش تنشر بتشجيع من أكثر الدول الإسلامية ويُثاب عليها أصحابها بجوائز الدولة!!

13. ولم يخطر ببال فقيه أنه ستكون في ديار الإسلام مجلات وجرائد فيها صور النساء الكاسيات العاريات والدعوة إلى الإباحية والمجون والرذيلة، والدعوة إلى اللادينية (العلمانية) والدعوة إلى محاربة الصالحين بتهمة التطرف والتشدد، والدعوة إلى الاختلاط بين الرجال والنساء بلا ضوابط شرعية ولا تقاليد حميدة مَرْعِيّة.

 14. ولم يخطر ببال فقيه أن يصدر بيان عن مشيخة الأزهر في محرم الحرام سنة 1431 ينص فيه أنهم يؤمنون بالديانة المسيحية!!! وأنهم يحترمون الدين المسيحي!! وهذا صدر تعليقاً على سحب كتاب د.عمارة من الأسواق وهو قد صدر مع مجلة الأزهر ملحقاً يقرر فيه بعض الحقائق عن النصرانية، ثم إن عامة علماء الأزهر وموظفيه في مصر لم نسمع لهم صوتاً يرد هذا الكفر البواح ويرفضه إلا أصواتاً ضعيفة من هاهنا وهنالك.

 15. ولم يخطر ببال فقيه أن يُؤذن في أكثر بلاد الإسلام للكفرة والملحدين من شتى أنحاء العالم في الدخول إلى البلد بتسهيلات كثيرة ويمنع من الدخول أكثر المسلمين إلا بتأشيرات أكثرها لا يصدر إلا بعد طول معاناة وعذاب، وهنالك طوائف من المسلمين تعلم سلفاً أنها ممنوعة من الدخول ولا سبيل لها إلا الرضا والتسليم.

 16. ولم يخطر ببال فقيه أن يكون لأعداء الإسلام -من اليهود وغيرهم- في بعض عواصم الإسلام سفارات وممثليات وعقود تجارية وعهود مرعية، هذا وهم محتلون لبلاد الإسلام، ويقتلون المسلمين في كل آن ويحاصرونهم ويضيقون عليهم، فإذا جاؤوا إلى بعض بلاد الإسلام استقبلوا استقبالاً رسمياً، وعزفت لهم الموسيقى، وتُلقوا بالبشر والترحاب، بل يُتفق معهم ضد المسلمين في مؤامرات كيدية أصبحت لكثرتها معروفة بل منشورة!!

 17. ثم مَنْ مِنَ الفقهاء يخطر بباله أن بعض الكفار يدافع عن المسلمين، ويُسير إليهم قوافل الإغاثة، ويجادل المسلمين فيهم ويتعرض للضرب والذل والهوان من أجلهم، ويبيت في الصحراء في البرد القارس والحر اللاهب من أجلهم ويفترش الطريق ويقطعه من أجل إيصال المعونات إلى المسلمين المحاصرين، بينما أكثر المسلمين عن ذلك بمعزل وكأن الأمر لا يعنيهم!!

 تلك كانت أمثلة لما لم يكن يخطر في ذهن الفقهاء، وقوعه، ولم يكن يدور بخلدهم، ولم يكونوا يتصورونه أبداً، لكن كل ذلك وقع، وإنا لله وإنا إليه راجعون، ويجب على فقهاء العصر أن يكونوا شجعاناً في تناول تلك المسائل ومثيلاتها ومن ثم الحكم عليها بما يناسب كلاً منها فقد طال غيابهم، وعظم انعزالهم، وجمهور المسلمين صار مثل الغنم في الليلة المظلمة الشاتية بلا راع، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

ولم أورد ذلك لبث التشاؤم في العقول والضيق في الصدور، لا، إنما أوردته ليظهر عِظَم ما نحن فيه من مصائب فيتحرك الدعاة فلا يفترون ولا يضعفون، وليقوم العلماء بما يجب عليهم القيام به، وليشارك عامة المسلمين -فيما يقدرون عليه من المشاركة- في سد الثغرات وإقالة العثرات، والذب عن أمة الإسلام، وعسى أن يصل كلامي هذا إلى من كان في قلبه مرض من الحكام والمحكومين فيرتدع عن غيه وضلاله، ويفيء إلى الحق والخير.

ويا ولي الإسلام وأهله ثبتنا على الإسلام حتى نلقاك، واجعلنا من جندك فإن جندك هم الغالبون المنصورون.

 

 


 التعليقات: 1

 مرات القراءة: 3083

 تاريخ النشر: 31/01/2010

2010-02-07

محمد

حسبنا الله و نعم الوكيل ... و على كل يسجل للإمام أبي حنيفة أنه كان أسبق الفقهاء إلى الفقه الافتراضي ، علماً أن هناك فرقاً بين الافتراض الفقهي و بين الترف الفقهي ، كما يحلو للبعض تسميته ... أشكر الدكتولر موسى الشريف على هذه الأفكار المميزة

 

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 903

: - عدد زوار اليوم

7451203

: - عدد الزوار الكلي
[ 40 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan