::: موقع رسالتي - رؤية جديدة في الخطاب الإسلامي :::

>> أقلام نسائية

 

 

ما أحلى الرجوع إليك ...

بقلم : ديمة محمد ديب هديب  

كان الجو هادئاً ولا يعكر صفو ليلي أحد والهدوء يعم المكان والأضواء خافتة والناس نيام ونسمات من الهواء العليل تدغدغ مشاعري وتضفي على جوي بريقاً لا أستطيع نسيانه.. جلست أفكر في غمرة هذا الجو الشاعري والساعة الثانية بعد منتصف الليل ، ماذا أفعل ؟! هل أقرأ قصة أو رواية ؟! هل أنظر إلى أحد برامج التلفاز ؟! هل أسمع شريطاً ؟! هل أعمل على الحاسوب ؟! ماذا أفعل؟! وبدأت الأفكارتتصارع في رأسي ولا أجد لها جوابا ثم أحسست بضيق شديد وكأن نفسي تصَّعد في السماء ؛ إنه الفراغ قد أسرني وشل حركتي ولا أجد له حلاً .. سأنام ولكن هيهات هيهات فأنَّى لمن تعودت السهر أن تستطيع النوم الآن !! وجال فكري في هذه الدنيا حتى وصلت إلى الآخرة وما دريت ما أصنع ؛ وأيقظني من سباتي هذا وأفكاري اللامتناهية إحدى السيارات اللاهية العابثة سائرة في الطريق تبث أغنيات بأصوات لا يمكن وصفها بالعالية لكنها صاخبة مزعجة ، فانتبهت من رقدتي واستيقظت من غفلتي .. ماذا يفعل هذا الآن هل يزعج الناس ؟! لكأنه عائد من سهرة فيها من عجائب الدنيا السبع ؟! أو أنه هائم على وجهه لا يدري ما يفعل ؟! أليس هذا ثلث الليل الأخير ؟؟  ألا يذهب ويجلس في بيته ويصلي ركعتين لله تعالى !!

وهنا وقعت في التناقض فمنذ لحظة كنت مكانه لا تدرين ما تفعلين والآن تأمرينه ؟ فندمت على وقتي الذي أضعته فيما لا يفيد وذرفت دمعات حائرات تائبات ... ما لي وللناس ألا أجلس أنا وأصلي ركعتين لله !! ووقفت هناك في مصلاي ولسان حالي يقول :" إلهي أسرفت على نفسي وأضعت وقتي وكنت أبحث عن السعادة ، أبحث عن شيء أملأ به وقتي وكان صدري ضيقا وكأنني أختنق لقد أخطأت الطريق وما علمت أني أخطأت وجئت أنصح ذلك الشاب وما نصحت نفسي وما علمتها كيف تنجو وما فهمتها كيف تسكن وتطمئن .. إلهي علمت الآن أن الرجوع إليك لا يوصف أبدا وأن حلاوة الإيمان لا يذوقها إلا من أحبك بصدق فما أجمل تلك الدمعات الحرة التي قادتني إلى هذا المصلى وما أروع تلك الآهات والزفرات التي جاءت بي حتى أقف في هذا الموقف وما أعظم السجود بين يديك وقد أعاد لي قدري وأنني أمة مملوكة لك وشعرت أن مخي وعصبي وعقلي خضع وسجد لك وحدك وأفكاري لن تخرج عن إطار دينك .. إلهي كم سمعت أناساً قالوا يخلو المحب بحبيبه في الليل فما أجمل هذه الخلوة وأنا أعترف لك بذنوبي وأغسلها بدموعي وأطهرها بركوعي وأنت سبحانك عفو غفور تغفر الذنب وتقبل التوب وتشرح الصدروتيسر الأمر .. إلهي أنت الرحمن الرحيم اقبل توبتي واغسل حوبتي واغفر خطيئتي ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين "

 وبطرفة عين انتهت هذه الساعة الصافية والجلسة الهانئة وسمعت أصوات المؤذنين تصدح بالأذان وتجلجل في الفضاء أصوات المنادين إلى الصلاة ، فبدأت الأنوار تسطع في الجوار معلنة استجابتها لنداء ربها وسطع نور قلبي بحب الله بعد هذه الوقفة الجليلة بين يديه وقمت وأنا ألملم أفكاري وأمسح أحزاني وأعلن إقدامي على العمل من جديد منشرحة الصدر مستقيمة الفكر مطمئنة البال وقلت في نفسي :

"ما أحلى الرجوع إليك " ....

 التعليقات: 0

 مرات القراءة: 2815

 تاريخ النشر: 23/06/2008

ملاحظة:
الآراء المنشورة لاتعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه، ولذا فالمجال متاح لمناقشة الأفكار الواردة فيها في جو من الاحترام والهدوء ونعتذر عن حذف أي تعليق يتضمن:
1- يحتوي على كلمات غير مهذبة، ولو كانت كلمة واحدة.
2- لايناقش فكرة المقال تحديداً.

 

 292

: - عدد زوار اليوم

7750815

: - عدد الزوار الكلي
[ 28 ] :

- المتصفحون الآن

 


العلامة الشيخ محمد حسن حبنكة الميداني


العربيــة.. وطرائق اكتسـابها..
المؤلف : الدكتور محمد حسان الطيان








 
   

أحسن إظهار 768×1024

 

2006 - 2015 © موقع رسالتي ، جميع الحقوق محفوظة

 

Design & hosting by Magellan