wwww.risalaty.net


خفقات قلب ... سلام لك يا غزة


( غــزَّة ) تطـرق الأبـواب !! ...

( لن يستطيع أحدٌ أن يشعر بشعورنا ما لم يُجرِّب، لن يُحسَّ أحدٌ بمعنى انقطاع الكهرباء أياماً عديدةً ونقصان الغذاء والدواء ما لم يكن هناك ) ..

صوتٌ خرج ممتلئاً بالحزن والألم من فتاة فلسطينية تعيش خارج أسوار غزة، حين سمعتُ كلامها، شعرتُ بذلك الشعور الذي كانت تتكلم عنه، شعور العاجز الذي لا يملك أن يفعل شيئاً إلا البكاء والدعاء ..

قالت مقالتها ثم صمتت .. ونظرت إلى الكاميرا في التلفاز نظرةً شعرتُ بها تخترق قلبي .. 

(غزة) تطرق الأبواب .. تنادي إخوتها وأشقاءها ..

طرقت باب القاهرة .. فقالت : (( عذراً أختي .. لكنني مشغولة بكأس الأمم الأفريقية، ألم تعلمي أنني فزت على منتخب الكاميرون، وأنني أسعى إلى الفوز بهذا الكأس للمرة السادسة في تاريخي !!)) ..

طرقت باب الدوحة .. فترددت أولاً ثم نطقت : (( عذراً صديقتي، لكن مهرجان الدوحة الآن في بدايته، و" نانسي عجرم " عندنا.. أتريديننا أن نتركها وننسى آداب الضيافة العربية ؟! )) ..

 

وطرقت أبواباً عديدة .. ثم نادت بصوتها العميق:

(( أحتـاج إلى الانتشال السريـع .. فأيـن أنتم أيهـا المنتشلـون ؟؟!! )) ...

في ظلمة العوائق التي تُعيق (غزة) عن الحياة، حصارٌ جديد ألمَّ بها، قطعٌ للوقود والكهرباء والغذاء، ونحمد الله أن لم يجعل الهواء بيد البشر، وإلا ماتت (غزة) اختناقاً ..

وفي رحاب عامٍ جديد .. (غزة) تحتضر.. جراء فعلةٍ صهيونيةٍ حصارية، تدفعها للموت دفعاً، وتدفع أهلها للهرب منها، وفتحت (القاهرة) أبواب (رفح) ليتراكض سكان (غزة) لشراء ما يلزم.. وبعد يومين فقط: (( سارعوا على الرحيل والعودة إلى غزة، فالأبواب ستُغلق )) !! .. تحت ادعاءٍ كاذب بأننا نريد تنظيم العبور .. والحقيقة في القلوب أنه إغلاقٌ للحدود في سبيل فرضٍ مستمرٍ للحصار الذي لم ينقطع ...

(غزة) في وضعٍ حرج.. ونحن في وضعٍ أشد حرجاً منها ..لأننا نشعر بالألم الشديد، لكننا لا نملك من أمرنا شيئاً .. وماذا سنفعل، و(غزة) بعيدة ؟!! ...

حتى أقلامنا جفَّ حبرها عن الكتابة لمُصاب (غزة) ..

حتى دموعنا أبت النزول لـ (غزة) ..

حتى قلوبنا تناست الدعاء من أجل فرج (غزة) ..

وحتى أرواحنا ..

لأننا اعتدنا مصاب (غزة) !!! ...

(غزة) في الألم ، والعرب مشغولون ..

و (سينثيا) مذيعة لبنانية في قناة قطر الفضائية تدعو القطريين إلى التعرف على عمالقة الغناء اللبناني في مهرجان الدوحة.. قالت: (( نريد للشباب أن يعرفوهم )) .. ولم تعرف أن الشباب مشغولون بما هو أهم .. فـ " نانسي عجرم " في البلاد !!! ...

أفكر أحياناً في خطاباتنا التي لا تخرج منا إلا إلينا .. خطاباتنا الداخلية التي تُنادي من أجل تحرير (غزة).. خطاباتنا ( الفقاعيـة لأنها تكبر وتكبر .. ثم لا تلبث أن تنفجر فلا يبقى لها أي أثر ..

إلامَ نبقى في دائرة ( فش الخلق ) دون أي تماس لها مع دائرة ( الفعل ) ؟!!..

وإلامَ تبقى كلماتنا رهينـة المحبسين : ( قلوبنا وأوراقنا ) ؟!..

وإلامَ تبقى أفعالنا رهناً بمجالس القرار العليا حيث تثور ثائرتنا لأدنى فعلٍ عادي، وحين يُمارس علينا ما يجب أن نثور لأجله فعلاً، نصمت ونتفرج ببلاهة ودروشة .. دونما أي حركة ..

(غزة) الجريحة في خطر .. و(حماس) في داخلها تقاوم على عجل!! .. ولكن: كيف ستُكمل (حماس) مقاومتها تحت الحصار؟؟ ولماذا لا تتدفق بعض الأموال العربية التي تُنفق على مهرجانات الغناء إلى (غزة)؟؟ .. ولماذا لا تُصرف بعض الشيكات العربية الموجودة في بلاد الأعداء في (غزة) ؟؟ ولماذا ؟؟ ...

عُذراً لأحلامي ..وكأنني أعيش في ( يوتوبيا ) عصرية ..

ولكنني أتكلم هكذا لأنني أنا نفسي لا أعلم كيف يُمكننا فك حصار (غزة) .. ولا أملك إلا قلمي وورقتي التي أودعتُها كلماتٍ اجتاحت صمتي الذي أبكاني ...

(غـزة) الجريحة تطرق الأبواب .. وسمعتُ طرقاتها، ولكن ما من مجيـب ..

(غـزة) الجريحة تنادي .. ولكـن: ( قد أسمعتِ لو ناديتِ حيـاً ) ..

(غـزة) الجريحة تبكي أطفالها وعجائزها وشبابها وبناتها ومرضاها ..

(غـزة) الجريحة .. (غـزة) الحبيبة ..

(غـزة) التي تؤوي (حمـاسـاً) تحتضر ..

(غـزة) الحبيبة تحتاج إلى أفعال الرجـال .. لا كثرة الأقـوال .. كلا، ولا نظم القصـائد !! ..

لكنها تُنادي بأمـل.. وتعرف أنها تنادي الرجـال في زمنٍ ( الرجـال فيه قلييييييل ) !! ..

اعذريني (غـزة) ..

واعذري قلمي الذي لم يستطع أن يكتب إلا بعض الكلمات ..

اعذريني .. فأنا مثلك .. أحاول النداء ..

ولكن : (( لا حيــــاة لمن تنـــــادي )) ..

لكِ يا (غـزة) .. ولـ (حماس) من قبلك ..

فسكان الـدار أغلى من الـدار ..

لكِ مني أنا بنت ( الشـام ) ..

لتعلمي أن ( الشـام ) كلها معكِ..

بالقلب والنبض والروح والنفي والمشاعر ..

لكِ يا (غـزة) كلماتـي .. وعبراتـي ..

لكِ مني ألـــف ســـــلام .......

 

بقلم: ريما الحكيم ..

بنت الشام